أرشيف

القات معوق غير مدان للثورة اليمنية

خمسة اشهر مرت على اندلاع الثورة اليمنية التي ما انفكت تواصل فعلها بلا توقف, تماما كما هي القوى المعيقة للثورة تواصل فعلها المضاد.
ولئن تصدى شباب الثورة السلمية لكل ما هو مضاد لفعلهم الثوري المشروع, ظلت منبهات كاثا أديولس فروس كال المعروف بالقات هي المعيق المسكوت عنه, بل يتعاطاها بلا اكتراث نحو 50 % من أفراد الشعب اليمني.
وباندلاع الثورة اليمنية في يناير الماضي, بدا التعاطي الواسع للقات من قبل شباب الثورة في ساحات التغيير والحرية هو الملمح الأبرز لطقوس الثوار هناك.
“يا للعار ياللعار.. “تخزينة” ليل ونهار” هذا هو الهتاف الذي يدوي عصرا, أو في ساعات المساء الأولى, لكنه الهتاف الوحيد الذي يستهدف 90%من شباب الثورة وليس نظام الرئيس”صالح” الذي ثاروا عليه, ذلك ان نحو 2000 خيمة تكون قد اكتظت بما يزيد عن 10 ألاف شاب, تراهم يتكئون لمضغ القات في عملية يجري تسميتها بالتخزينة.
الداعون للمسيرات في هذا الوقت يكون غالبيتهم من غير المخزنين, وتتراوح نسبهم من-10-20 % من أجمالي شباب التغيير, لكن هتافهم” الثورة ليست تخزينة” يمارس سطوته الثورية ليجبر مخزنين على الخروج من خيامهم والمشاركة في المسيرة.
بين هؤلاء, الشاب يوسف شمسان, الذي كان عليه أن يشارك في عدد من المسيرات التصعيدية وفمه محشو بالقات, لكنه سيقدم هنا مقارنات تدعم فرضية أن “القات معيق مسرطن وغير مدان للثورة اليمنية”.
قال يوسف الذي صادفته في إحدى مسيرات نهاية يونيو الماضي, انه تعرض للاختناق في أربع مسيرات سابقة, لكن اختناقه ذاك لم يكن ناجما عن مسيلات الدموع بل من القات ذاته, مشيرا إلى أن مجاله التنفسي أثناء السير يكون ضيقا نظرا للحيز الذي يشغله القات في فمه.
يوسف الذي كان يسير ببطء تحاشيا للاختناق, قال انه أقل قدرة على الهتاف والكلام قياسا بزملائه غير المخزنين في المسيرة, وهو بذلك يتحاشى الوقوع تحت عدسات الإعلام فيتخذ من مؤخرة المسيرة حيزا لسيره البطيء.
أما محمد الجنيد, الناشط في تكتل شباب المستقبل في ساحة التغيير بصنعاء, فلم يشارك سوى في مسيرة واحدة, رغم أنه يرابط في خيمته بالساحة منذ 13فبراير وهو اليوم الذي بدأ فيه شباب التغيير بنصب خيامهم هناك.
يعتقد الجنيد, الذي قابلته في خيمته نهاية يونيو الماضي, أن القات هو السبب الرئيس في تقييد حركته الثورية, ذلك أنه ونحو %30 من الشباب المرابطين في الساحة, يتناولون القات مرتين, الأولى بعد تناول وجبة الغداء, حيث تمتد طقوس تناول القات المانعة للحركة إلى ما بعد الثامنة مساء في العادة.
وقتها يكون موعد تناول العشاء الذي يعقبه تناول القات حتى الخامسة صباحا, وهذا التوقيت الأخير هو موعد الصحيان لغير المخزنين الذين لا تتجاوز نسبتهم الـ%20 في ساحة التغيير وفقا لتقديرات البعض منهم.
الثامنة صباحا يبدأ برنامج التصعيد الثوري في ساحة التغيير, حيث يكون ضمن فقراته الخروج بمسيرات وإقامة ندوات والتواصل مع وسائل الإعلام المختلفة, وقتها يكون محمد الجنيد والمخزنين ليلا, يغطون في نوم لا يكفي لراحة أعصابهم التي شنجها القات على مدى 10 ساعات خلت.
حين يصحو هؤلاء يكون الذهاب إلى باعة القات الذين اتخذوا من أرصفة ساحة التغيير سوقا لهم, هو أول شيء يقومون به, ما لم يكن البحث عن قيمة القات هو عملهم الأول في اليوم الجديد.
ويعتقد أحمد دبوان وهو أحد شباب الثورة, أن جزء كبير من المساعدات التي يتلقاها شباب الثورة من أصحاب الأموال وميسوري الحال الداعمين للثورة, تذهب في شراء القات.
فيما يقول عبد الحافظ الخامري, أستاذ علم النفس في جامعة صنعاء, قابلته في ساحة التغيير, نهاية مايو الماضي, أن القات بما هو معيق حقيقي لحركة الثورة, قد يكون سبب في رفع عدد ضحاياها, ذلك أن الوحدات الأمنية التي تعمل في قمع المظاهرات يتعاطى أفرادها القات, بالتزامن مع تعاطيه من قبل الثوار في الساحات.
ولأن “التوتر النفسي والهيجان”هي حسب أستاذ علم النفس”الخامري”من نتائج تعاطي القات لا سيما في الساعات الأخيرة من تعاطيه, فأن ذلك قد يكون سببا في قمع مبالغ فيه من قبل وحدات الأمن.
وحسب الخامري هناك 8 أعراض نفسية, للمتعاطين للقات, تبدأ بالانتعاش المؤقت وزيادة اليقظة وتنتهي بما يشبه الجنون, فيما يتخلل هذه التناقضات زيادة النشاط والهيجان والأرق.
ويتماشا مع هذا الطرح ما ذهبت إليه عدد من الدراسات التجريبية والبحثية حيال القات أهمها دراسة عريشي (2002) التي هدفت إلى معرفة ظهور سمة القلق لدى المستخدمين للقات وأثره على الصحة النفسية.
وبلغت عينة الدراسة التي أستخدم فيها مقياس تايلور لقياس القلق الصريح 60 شخصاً منهم 30 مستخدمون للقات و30 غير مستخدمين تراوحت أعمارهم بين 22-55 عاما..
وأثبتت الدراسة أن للقات أثراً علي الصحة النفسية وأن فئة المستخدمين للقات أكثر قلقاً من غير المستخدمين وأنهم يقعون في فئة الاضطراب النفسي.
 وتوصلت الدراسة إلى عدم استقرار النوم لدى المستخدم والإسراف في أحلام اليقظة وتداعي الأفكار وتلاشيها بعد عملية الاستخدام.
وفيما تبدا “التخزينه” بالارتياح النفسي أثناء الاستخدام, تظهر بعدها علامات عدم الاستقرار النفسي والجسمي فضلا عن  جحوض العينين وظهورعلامات الهستيريا السمعية والبصرية على بعض المتعاطين.  ويتخلل هذه التقلبات ظهور اضطرابات المعدة مما ينتج عنها عدم الاستقرار النفسي والجسمي وعدم الاستقرار أو الاتزان الحركي للمتعاطي وخصوصاً في منطقة الأطراف والفم. أما عبد الرحمن ثابت أستاذ سمية المبيدات وتلوث البيئة – جامعة صنعاء- يضيف تطور آخر, قال أن خمسة أنواع من المبيدات المحرم استخدامها دوليا والمسببة للأمراض السرطانية متداولة في السوق اليمنية حالياً.
وأكد ثابت الذي قابلته في صنعاء مطلع العام الجاري أن المبيدات السامة خاصة المبيدات الجهازية يصل تأثيرها ويستقر مفعولها الكيماوي السام في داخل العصارة النباتية للقات,الأمر الذي يؤدي إلى أمراض سرطانية خطيرة لمستخدميه.

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى