أخبار وتقارير

من هو “أبو الزبير العبّاب” وكيف اغتالته طائرة أميركية دون أن تعلم السلطات اليمنية هويته؟!

يمنات – متابعات

كشفت مصادر مقربة من تنظيم "القاعدة في جزيرة العرب" في تصريحات خاصة لـ"الغد" عن معلومات جديدة تنشر لأول مرة بشأن الغارة الأميركية التي أدت إلى مقتل القيادي البارز في التنظيم ومسؤول الهيئة الشرعية عادل العباب المكنى بـ"أبي الزبير" وأحد مرافقيه، وإصابة اثنين آخرين، مطلع أكتوبر الجاري في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة جنوب اليمن.

وقالت المصادر التي تحدثت إلى "الغد" عبر الهاتف إنه "من المقرر أن تنشر مؤسسة الملاحم خلال الأيام القادمة بيان نعي استشهاد المسؤول الشرعي للتنظيم الشيخ عادل العباب، وأحد مرافقيه في الغارة التي نفذتها طائرة أميركية بدون طيار يوم 4 أكتوبر في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة".

وكشفت ذات المصادر عن تفاصيل الهجوم الذي قالت إنه أسفر أيضاً عن مقتل قيادي آخر في التنظيم يحمل الجنسية المصرية، وكنيته "أبو مصعب المصري"، وهو أحد عناصر جماعة الجهاد الذين فروا من السجون المصرية إبان أحداث الثورة، حيث كان محبوسا أو محكوماً بالحبس 21 سنة، وتمكن من الوصول إلى اليمن للالتحاق بتنظيم "القاعدة" في جزيرة العرب.

ووفقاً لتلك المصادر، تمكنت طائرة أميركية بدون طيار من استهداف السيارة التي كانت تقل العباب ومرافقيه في مديرية الصعيد بمحافظة شبوة، حين أطلقت الصاروخ الأول ما أدى إلى انقلاب السيارة واحتراقها ومقتل أبي مصعب المصري فوراً، بينما كان العباب ومرافقوه لا زالوا على قيد الحياة.

وفيما كان عشرات المواطنين يهرعون باتجاه السيارة تمكن العباب من الهروب مشياً على قدميه ولمسافة عدة كيلو مترات باتجاه إحدى الشعاب القريبة من مكان الحادث، حيث تمكن من الاحتماء بإحدى الأشجار الموجودة، غير أن الطائرة التي يعتقد أنها كانت لا تزال تحلق في سماء المنطقة تمكنت من رصده ومباغتته بصاروخ ثانٍ أدى إلى إصابته بشظايا في أجزاء متفرقة من جسده، توفي على إثره لاحقاً.

وقالت المصادر إنه من المقرر أن تنشر مؤسسة الملاحم صورته التي لا يعرفها الكثيرون، ولم تنشر سوى مرة واحدة ولكن بشكل مموّه في مقطع فيديو بعنوان (اذهبوا فأنتم الطلقاء)، رغم أنه يعد الرجل الرابع في البناء التنظيمي للقاعدة بعد أمير التنظيم ناصر الوحيشي، ونائبه السعودي سعيد الشهري والمسؤول العسكري قاسم الريمي.

ويعتبر اغتيال العباب ضربة موجعة للتنظيم، الذي يقول إن كل عناصره "قيادات"، كما أن العباب رابع أهم ثلاثة قادة اغتالتهم الطائرات الأمريكية في اليمن بعد أبي علي الحارثي وأنور العولقي وفهد القصع، واشتهر العباب الذي ينحدر من أسرة تعود أصولها إلى مديرية الرضمة بمحافظة إب، بالتنظير الجهادي للقاعدة ونشرت له العديد من المقالات والمحاضرات الصوتية عبر مؤسسة الملاحم، كانت آخر مقالة له نشرتها مواقع جهادية بعد انسحاب جماعة "أنصار الشريعة" من أبين وشبوة، بعنوان: (ثمار ومكاسب سيطرة أنصار الشريعة لأبين وأجزاء من شبوة)، لكنه اختار هذه المرة كنية أخرى وهي "أبو وقار الأثري".

ووفقاً لمصادر خاصة لصحيفة "الغد"، لم يسافر أبو الزبير العباب (35 سنة) إلى أي من أفغانستان أو العراق، وإنما التحق بالتنظيم مطلع العام 2007، وتعرضت أسرته للعديد من المضايقات من قبل أجهزة المخابرات اليمنية والأمن، كما اعتقل ثلاثة من أشقائه لعدة سنوات في سجن الأمن السياسي بصنعاء كرهائن على ذمة شقيقهم الذي ظل طيلة هذه السنوات مطارداً وأحد أهم المطلوبين أمنياً.

واغتيل العباب بينما لم يمضِ سوى شهر ونصف على زواجه من أرملة الداعية اليمني الأميركي الشيخ أنور العولقي، الذي اغتيل من قبل بقصف أميركي استهدف سيارته أواخر سبتمبر العام الماضي 2011، وهذه كانت هي الزوجة الثانية للعولقي، وتتحدر من أسرة آل الذهب في رداع، وهي شقيقة القيادي القاعدي قائد الذهب، الذي عينه التنظيم أميراً لإمارة رداع خلفاً لأخيه طارق الذهب والذي كانت السلطات اليمنية قد نجحت في تصفيته على يد أحد إخوته، قتل لاحقاً.

وتجدر الإشارة إلى أن العباب كان هو أول مسؤول في تنظيم "القاعدة" يعلن عن ميلاد جديد للتنظيم تحت مسمى جماعة "أنصار الشريعة" وذلك في أواخر مارس الماضي عندما استولى المسلحون على مدينة جعار بمحافظة أبين، حين نشر حواراً على شبكة الإنترنت قال فيه إن "المجاهدين يسيطرون على مناطق واسعة في أبين وعلى بعض المناطق في شبوة تحت اسم "جماعة أنصار الشريعة" لتحبيب الناس في الشريعة"، مضيفاً بأن "المجاهدين متواجدون بكثرة في صعدة والجوف ولكن الشيعة الحوثية أكثر منهم"، حسب قوله.

وكانت صحيفة "القدس العربي" هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي نشرت خبر اغتيال العباب قبل عدة أيام، بينما كانت وزارة الدفاع اليمنية التي أعلنت عن الغارة حينها قد أوردت معلومات مغلوطة حول القتلى وعددهم، كما لم تتحدث أيضاً وزارة الدفاع الأمريكية عن العملية رغم أهمية الهدف وحاجة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لما يسند حملته الانتخابية.

وجاءت العملية الأمريكية التي استهدفت العباب بعد نحو شهر من توقف غارات الطائرات الأمريكية من دون طيار، وفيما ذهب بعض المهتمين إلى أن ذلك يعود إلى ردة فعل الشارع اليمني بعد الغارة الأمريكية التي قتلت 13 عشر مواطنا في مدينة رداع بمحافظة البيضاء، إلا أن قيادات في التنظيم ترجع ذلك إلى تمكنها من إلقاء القبض على شبكة مخبرين في حضرموت ومأرب كان أفرادها مكلفين بوضع شرائح في السيارات التابعة لهم.

وأعدم تنظيم القاعدة ثلاثة مخبرين في محافظة مأرب واثنين في محافظة حضرموت قبل نحو أسبوعين بعد اعترافهم بالعمل لصالح الأمن السياسي والأمن القومي اليمني المرتبطين بمركز لإدارة العمليات التي تقوم بها الطائرات الأمريكية في اليمن.

ويرى مراقبون للشأن اليمني بأن العملية التي استهدفت العباب تؤكد عشوائية الغارات التي تنفذها وكالة الاستخبارات الأمريكية عبر الطائرات من دون طيار ضد أهداف مفترضة للقاعدة في اليمن، والتي تزايدت بصورة غير مسبوقة منذ تولي عبد ربه منصور هادي الرئاسة مطلع العام الجاري خلفا للرئيس السابق علي عبد الله صالح.

 المصدر: الغد –  محمد الأحمدي

زر الذهاب إلى الأعلى