أخبار وتقاريرأهم الأخبارإختيار المحررإقتصادالعرض في الرئيسة

البنوك والعملة سلاح معركة كسر العظم .. طرف يدعو للايداع واخر يؤكد على الاستبدال .. ورطة قانونية ومقامرة بمستقبل شعب ووطن

يمنات – خاص

أنس القباطي

دخلت الحرب الاقتصادية بين حكومة عدن وسلطة صنعاء مرحلة كسر العظم،فكل طرف يسعى لتوجيه ضربات خاطفة مميتة للٱخر، غير ابهين بانعكاسات ما يحصل على المواطن ومستقبل الوطن ووحدته.

الاجازة يوم عمل

الجمعة 31 مايو/آيار 2024 هو يوم اجازة رسمية، لكن الاجازات لا وجود لها اثناء الحروب، حتى وان كانت اقتصادية، فصباحا عقد محافظ البنك المركزي بعدن، احمد غالب المعبقي مؤتمرا صحفيا في عدن، ليوضح حول القرارات التي اتخذها البنك، ومساء اعلن البنك المركزي بصنعاء عن قرار حظر التعامل مع 13 بنك مقراتها الرئيسية بعدن، واعلان تضمن استبدال الطبعة القديمة من العملة بالطبعة الجديدة. وبالتالي فإن اقامة فعاليات وصدور قرارات في يوم اجازة رسمية يشير إلى وجود حالة طوارئ حربية.

تعويض

وأكد مركزي صنعاء أنه سيقوم بتعويض المبالغ من العملة القانونية (الطبعة القديمة) التي يتم تداولها حاليا في المحافظات (المحتلة) بما يقابلها من القيم الحقيقية بالعملة (غير القانونية) “يعني الطبعة الجديدة” المتداولة في تلك المحافظات، وبحسب الأسعار السائدة كل يوم. لافتا الى انه سينشر كافة التفاصيل المتعلقة بآلية التعويض يوم الثلاثاء القادم 27 ذي القعدة 1445هـ الموافق 04 يونيو/حزيران 2024م.

البحث عن سيولة

ومن ذلك يتضح ان مركزي صنعاء يريد سحب الطبعة القديمة من المحافظات التي يديرها مركزي عدن، لتعزيز السيولة لديه، خاصة وانه بحاجتها خلال الايام القادمة لصرف نصف مرتب مع قدوم عيد الاضحى، وفي الوقت نفسه يريد ان يفشل اعلان مركزي عدن الذي طالب المواطنين والجهات بايداع ما لديهم من الطبعة القديمة في البنوك خلال ستون يوما.

سوق سوداء منتظرة

بعد اعلان مركزي صنعاء عن استبدال الطبعة القديمة بقيمتها الفعلية من الطبعة الجديدة يتضح ان سلطة صنعاء لن تتخلى عن الطبعة القديمة، وتكشف ان لديها اموال مخزنة من الطبعة الجديدة، رغم انها تؤكد منذ العام 2019 بانها غير قانونية، وعوضا عن ذلك فإن هذا الاعلان سبدفع مركزي عدن لاتخاذ اجراءات تمنع خروج الطبعة القديمة، وبالتالي ستزدهر السوق السوداء لاستبدال العملة في مناطق التماس، كما ستزدهر عمليات التهريب في حال اوكلت لنقاط التفتيش مهمة منع خروج الطبعة القديمة من العملة.

ورطة قانونية

وضعت سلطة صنعاء نفسها امام ورطة قانونية، فقد ظلت خلال الخمس السنوات الاخيرة- بعد اعلانها ان الطبعة الجديدة من العملة الوطنية غير، قانونية- تداهم المحلات التجارية وتصادر اي اوراق من الطبعة الجديدة، وفي الوقت ذاته تقوم نقاط التفتيش خاصة في مناطق التماس بمصادرة اي مبالغ من الطبعة الجديدة بمبرر انها غير قانونية، لكنها اليوم تعلن ان لديها كميات منها، ستستبدل بها الطبعة القديمة. فكيف تبيح لنفسها مصادرة ما لدى المواطن، فيما تستخدم هي هذه المبالغ لتبادل بها بالطبعة القديمة، وان كان البنك قد غلفها بالحفاظ على على حقوق ومدخرات المواطنين في المحافظات (المحتلة) لمنع البنك المركزي بعدن من محاولة نهبها.

تفاعل

وفي كل الاحوال فإن من لديهم اموال من الطبعة القديمة في المحافظات والمناطق التي يديرها مصرفيا مركزي عدن سيتفاعلون مع قرار مركزي صنعاء، بعد ان ظلوا لمدة 24 ساعة خائفين على قيمة أموالهم التي كان مركزي عدن قد ساوى بين سعرها وسعر الطبعة الجديدة رغم الفارق الفعلي الكبير بينهما في الواقع. وربما يدفع اعلان مركزي صنعاء إلى اقدام مركزي عدن على اتخاذ قرار يتعلق بقيمة العملة من الطبعة القديمة.

ازمة

المستجدات التي افرزتها اليومين الماضيين تشير إلى ان البلد يقف امام ازمة كبيرة اذا استمرت تداعياتها فإنها ستاتي على ما تبقى من اقتصادي مهتري، وستدمر الجهاز المصرفي في البلد، والذي لا توحد مقومات تساعد على انتقاله إلى جهازين مصرفيين كل متهما يعمل منفصلا عن الأخر، عوضا عما سيخلقه ذلك من تداعيات تؤجج الصراع وتزيد من حالة الانقسام والتشظي الذي تعيشه البلاد.

المواطن يدفع الثمن

القرارات والقرارات المضادة تبدو من وهلتها الاولى غير اخذة في الاعتبار انعكاساتها السلبية على الشعب، فارتداد القرارات سيدفع ثمنها المواطن الذي سيجد نفسه امام سوق سوداء لاستبدال العملة في مناطق التماس تسطو على جزء من قيمتها بمجرد الانتقال بين مناطق السيطرة، وفي الوقت ذاته ستتعقد عمليات التحويلات بين صنعاء وعدن، وقد يفقد الموظفين في مناطق سلطة صنعاء مرتباتهم التي تدفعها حكومة عدن، وكل هذه المحاذير لم تراعيها قرارات البنكين، وهو ما يستدعي تدخل الفاعلون في ملف الصراع اليمني، بما يؤدي لاقناع الطرفين بالجلوس على طاولة التفاوض للخروج بصيغة تضمن تحييد الاقتصاد منع انهيار النظام المصرفي.

زر الذهاب إلى الأعلى