أخبار وتقارير

الحديدة مدينة مفتوحة لمسلحي القبائل

المستقلة خاص ليمنات

تبدو التطورات الأمنية التي شهدتها الحديدة وكأنها رسالة عاجلة إلى أبناء تهامة بأنهم على هامش المواطنة، وأن محافظتهم البائسة أرضاً مفتوحة، يتقاسم الأقوياء غنائمها في غزواتهم، وجعلها حماراً قصيراً يمتطونها بسهولةٍ ويسر متى شاءوا.

مؤسفٌ جداً ارتكاب جريمة قتل واغتيال، والأكثر أسفاً تفريغ الدولة من محتواها، وتعطيل مؤسساتها، ومصادرة شرعية أجهزتها قضائية وضبطية، وتحشيد القبائل والمجاميع المسلحة مدنية وعسكرية في عملية اجتياحٍ واسعة النطاق لمحافظة هي الأكثر سلمية وفقراً وولاء وتبعية للمركز النافذ.. بهدف القضاء على حراكها السلمي، وإسكات الأصوات المطالبة باستعادة الحقوق المسلوبة..

لم تكن الحديدة أرضاً وسكاناً هي من ارتكبت جريمة القتل المدانة، ولم تكن محافظتا المحويت وإب هما المستهدفتان بهذه الجريمة، ليتم معاقبة تهامة بالاجتياح.. إذ لابد من وضع الجريمة في سياقها الجنائي والتحقيق فيها تبعاً للمنظومة القانونية والقضائية لتحقيق العدالة، لأن الارتهان على التحشيد والمجاميع المسلحة واستعادة ثقافة الثأر المقيتة، يصب في إطار السعي لنشر الفوضى التي يريدها البعض لتحقيق مكاسب خاصة وغير مشروعة.

ويدور في الأذهان سؤال بالغ الخطورة والحساسية، فلو أن هذه الجريمة وقعت في محافظة عمران أو صنعاء أو المحويت، ضد ضابط أو مواطن من الحديدة، هل سيتم السماح لمجاميع مسلحة من أبناء تهامة أو حتى من أي محافظة أخرى بتجاوز النقاط الأمنية والعسكرية وصولاً إلى عمران أو صنعاء، وهل سيكون بإمكان هؤلاء المسلحين مهاجمة بني المحافظة أو مركزها الإداري وإقتحامه، أليست الحديدة وفقاً لمنطق الاجتياح المسلح قد غدت مدينة مفتوحة معرضة للنهب والخراب، ويواجه أبناؤها رعب الفوضى وخوف المواجهة النارية والثأرية معاً؟!

ما يثير الاستغراب أيضاً أن ينخرط أفراد ومجموعات من الأمن في صفوف المسلحين، رغم أن مسؤوليتهم كانت تقتضي ضبط الجناة بصفة رسمية دون الحاجة إلى نشر الفوضى وترويع النساء والأطفال.

أيادٍ خفية تحاول العبث لتنفيذ اجندات خاصة، وخروج الرئيس هادي متخفياً من المحافظة بعد فشله في احتواء الموقف وتداعياته بشكل كامل، يثير المخاوف من ترتيبات لا نعلم عنها شيئاً، تهدف قبل كل شيء لقتل القضية التهامية، وإسكات الأنين القادم من الغرب التهامي المتخم ببطون خاوية، وكرامة منتهكة وممتلكات مسلوبة، شركاء الأمس خصوم اليوم يهيئون أنفسهم لتقاسمِ جديد وتصفية حسابات قديمة، على حساب تهامة وأبنائها..

وحدات الأمن والجيش في تهامة ما تزال منقسمة متصارعة، وخارج سيطرة الدولة والرئيس هادي بشكل خاص، سواء تلك الوحدات الأمنية والعسكرية المقربة قياداتها من النظام السابق، او القوات الموالية للعهد الجديد وتدين بالولاء والطاعة للواء علي محسن، وهو ما يجعل الحديدة أمام خطر لا ينبغي السكوت عنه، إذ أن تداعياته قد تكون كارثية وعواقبه وخيمة.

الاجتياح المسلح انتهاك لكرامة الحديدة، وغياب الدولة أو سكوتها غير مبرر، وانسحاب هادي في جنح الظلام يضعنا أمام تساؤلات كثيره حول من يحكم الحديدة ومن يسيطر عليها ومن يسعى لإشعال نار الفوضى فيها، ومن يستهدف أمنها واستقرارها وأخيراً من يسعى لاغتيال قضيتها العادلة؟!

زر الذهاب إلى الأعلى