قراءة مختصرة في تعديل قانون السلطة القضائية الطعين المقر من البرلمان اليمني منتصف مايو 2013م الحلقة الثانية

يمنات
م (54) يتبع أعضاء النيابة رؤساءهم بترتيب وظائفهم، ثم النائب العام ، ثم رئيس مجلس القضاء الأعلى.
جعل المشروع في هذا النص التبعية لرئيس مجلس القضاء الأعلى بدلاً من وزير العدل. وهو بذلك خلص النيابة العامة من التبعية لوزير العدل ، لكنه بالنسبة للمحاكم أبقى على النص الذي يقرر للوزير حق الإشراف عليها .. في سابقة هي الأغرب حسب ما نعلم لان الأصل أن تستقل المحاكم عن التبعية لوزارة العدل والعكس النيابة من المفترض أن تظل تابعة لوزارة العدل وفقاً للنظام القضائي الحديث.
م(60): يعين النائب العام والمحامي العام الأول بقرار رئيس الجمهورية بناءً على اقتراح رئيس مجلس القضاء الأعلى، وبعد موافقة المجلس.
أضاف نص المشروع شرط أن يسبق تعيين النائب العام والمحامي العام الأول اقتراح رئيس مجلس القضاء الأعلى وموافقة المجلس . وهو ليس موجوداً في النص النافذ .
وكان الأولى أن يشترط فيهما – ما داموا يعاملون معاملة القضاة- ما يشترط في رئيس المحكمة العليا وقضاتها من أن يكون ترشيحهما من بين قائمة أسماء تقدمها هيئة التفتيش القضائي مشفوعةً بكافة البيانات وتقارير الكفاءة المتعلقة بمن تشملهم القائمة حتى لا تكون معاملة النائب العام والمحامي العام الأول أفضل من رئيس المحكمة العليا.(4)
وكلنا نرى أن ينص على تقييد سلطة رئيس الجمهورية عند اختيار النائب العام والمحامي العام الأول بالنص على اشتراط أن يكون النائب العام المعين من بين القضاة أو أعضاء النيابة العامة الذين لا تقل درجتهم عن قاضي محكمة عليا أو محامي عام (أ) ، أما جعل سلطة الرئيس مفتوحة فمنتقد وقد يعين شخص ليس قاضياً فقد يكون المعين رجل عسكري او ينتمى الى جهاز المخابرات كما هو معمول به حالياً فالنائب العام السابق والحالي ينتميان الى تلك الاجهزه لان القانون النافذ لايقيد سلطة رئيس الدولة .
مادة (92) : أ- تنشأ بمجلس القضاء الأعلى هيئة للتفتيش القضائي على أعمال أعضاء السلطة القضائية وتقييم أدائهم.
ب- تتبع هيئة التفتيش القضائي رئيس مجلس القضاء الأعلى وتخضع لإشرافه.
ج- تتألف هيئة التفتيش القضائي من رئيس ونائبين ، أحدهما لشؤون القضاة والثاني لشؤون أعضاء النيابة وعددٍ كافٍ من القضاة وأعضاء النيابة العامة .
د- يكون في الهيئة قطاعان ، أحدهما مختص بالتفتيش على أعمال القضاة من درجة رئيس محكمة استئناف فما دون ، والآخر مختص بالتفتيش على أعمال أعضاء النيابة العامة من درجة محامٍ عام (ب) فما دون .
هـ- يرأس كل قطاع من القطاعين نائب من نائبي رئيس الهيئة يساعده عدد من أعضاء الهيئة.
و- يُختار رئيس الهيئة ونائباه من بين القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين لا تقل درجتهم عن قاضي محكمة عليا أو محامي عام (أ) ، ويصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى وبناءً على عرض رئيس المجلس .
ز- يُختار أعضاء الهيئة من بين القضاة وأعضاء النيابة العامة الذين لا تقل درجتهم عن قاضي محكمة استئناف أو رئيس نيابة عامة (أ) ، ويصدر بندبهم قرار من رئيس مجلس القضاء الأعلى بعد موافقة المجلس لمدة سنتين قابلة للتجديد لمرة أخرى فقط .
هذه النص تتضمن توحيد جهازي التفتيش على القضاة وأعضاء النيابة العامة في هيئة واحدة ، ونقل تبعية هيئة التفتيش القضائي من وزير العدل إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى
ولا ندري مصلحة من يخدم مثل هكذا دمج بين النيابة والقضاء ، ففي الوقت الذي تعالت فيه أصوات كثير من القضاة ورجال القانون بضرورة فصل جهاز النيابة العامة عن القضاء وإلحاقها بالسلطة التنفيذية، نظراً لكونها سلطة تنفيذية كما سنبين ذلك لاحقاً ، نجد أن من صاغ ذلك القانون يصر على الدمج وخلق نوع من التداخل بغرض إفساد القضاء عبر تعيين أشخاص من النيابة العامة لا تتوافر فيهم شروط القاضي من حيث الإعداد والتأهيل والتنشئة.
المادة (104) مكرر : يعين رئيس مجلس القضاء الأعلى بقرار من رئيس الجمهورية ويمارس المهام والاختصاصات التي وردت في النص:
وكان الأحرى أن تقيد سلطة رئيس الدولة ولا تظل مطلقة وذلك بالنص على أن لا تقل درجة المعين لرئاسة المجلس عن درجة رئيس محكمة عليا ويختار من بين اقدم نائبي رئيس المحكمة العليا ممن تدرجوا في العمل القضائي لمدة لاتقل عن عشرين سنة ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.
وان تقيد مدة شغله لذلك المنصب بمدة اربع سنوات فقط بعدها يحال الى التقاعد.
ولكن التعديل تعمد عدم النص على ذلك لابقاء سلطات رئيس الجمهورية مطلقه غير مقيدة بقيد او شرط لكي يتحكم في اختيار من يراه موالياً له وبمواصفات يضعها الرئيس بتحكم ومزاجيه.
وكان الاولى ان يمكن القضاة من انتخاب رئيس واعضاء مجلس القضاء الاعلى ، كما هو معمول به في عدد من دول اورباء وامريكا اللاتينية.
وقد منح النص اختصاصات لشخص رئيس المجلس وهذا منتقد فكان الاولى ان تكون الاختصاصات والصلاحيات للمجلس وليس لشخص رئيس المجلس ولكن يبدوا ان التعديلات تقاسميه اعطت صلاحيات لرئيس المجلس وابقت على اخرى لشخص وزير العدل ، ورئيس المجلس معين من رئيس السلطة التنفيذية. وغداً قد يصل الى سدة السلطة حزب ايدلوجي ديني فيقوم بتعيين قاض منتم اليه كما حدث بعد الثورة عندما عين وزير للعدل قاض من تيار ديني اصولي ايدلوجي وبذلك يفرغ التعديل من مضمونه.
ثانيا : ما كان يجب أن يتضمنه المشروع من تعديلات ضرورية (5):
صدر قانون السلطة القضائية في العام 1991م عقب تحقيق الوحدة اليمنية مباشرةً في الفترة التي صدر فيها عدد كبير من القوانين حيث كانت ضرورات توحيد القانون على كامل إقليم الدولة الجديدة تقتضي ذلك .
ولذا كان يتم إعداد بعض القوانين على عجلة من الأمر وعن طريق التوافق السياسي بين أطراف السلطة في وقتها، وبناءً عليه فقد مرَّ زمن طويل منذ صدور القانون حتى الآن ، ولم يجرِ على القانون تعديلات تذكر ، على الرغم من الحاجة العملية لتعديل كثير من نصوص القانون التي يكتنفها القصور والتي كشفها التطبيق في الواقع, والحاجة لإجراء التعديلات في القانون لمواءمة أحكامه مع التعديلات الدستورية التي صدرت في العام 1994م بعد صدور القانون وتضمنت أحكاماً دستورية جديدة بشأن القضاء لم يعد القانون متماشياً معها . والحاجة إلى تطوير جهاز القضاء والارتقاء بأدائه والوصول بفكرة استقلال القضاء إلى غايتها .
ومع أن السياسة التشريعية للدولة قد اتجهت لإجراء التعديلات والتطوير في كثير من القوانين التي صدرت بعد قيام الوحدة إلا أن قانون السلطة القضائية ظل بمنأىً عن ذلك.
ولذا فإنه كان يتعين وقد أتيحت الفرصة لإجراء تعديل في قانون السلطة القضائية بعد مرور كل هذا الزمن أن يتسع نطاق التعديل بحيث يشمل كل ما هو ضروري تعديله من أحكام ، وأن يضع معالجات لكل جوانب القصور التي أظهرها التطبيق العملي طوال تلك الفترة الزمنية.
ويعنينا هنا أن نعرض نماذج للموضوعات التي كان ينبغي أن يشملها التعديل ، ومنها :
اضافة مادة تخول للقضاة انتخاب مجلس القضاء الاعلى من بين اعضاء المحكمة العليا وعلى ان تمثل في المجلس محاكم الدرجة الاولى.
إلغاء الجزء الأخير من نص الفقرة ج من المادة (13) الذي يعطي لرئيس المحكمة العليا حق "إصدار التوجيهات والقرارات الملزمة لجميع المحاكم " إذ أن هذا الحكم كان مدخلاً للتأثير في استقلال القضاة وجعلهم تابعين رئاسياً لرئيس المحكمة العليا خلافاً لما ينبغي أن يكون عليه القضاء . ولقد أتاح هذا النص في الواقع العملي المجالَ لممارسات خاطئة أشارت إليها المعالم الرئيسية لخطة الإصلاح القضائي التي أعدها وزير العدل في وقتها الأستاذ إسماعيل الوزير في العام 1997م ، وجاء فيها بشأن تلك الممارسات أنه " ليس من مهامها (المحكمة العليا) إصدار أي توجيهات إلى المحاكم أو القضاة أو أي جهة في الدولة ، ولا يجوز أن يصدر عنها سوى قرارات قضائية مبنية على طعون قانونية ، وأن تصدر قراراتها بصورة مستوفية لما يوجبه القانون شكلاً وموضوعاً " ومع ذلك فقد بقي النص على حاله.
تعديل سلم الدرجات القضائية الوارد في المادة (58) حيث لم يعد سلم الدرجات الفعلي متوافقا مع هذا النص بعد أن جرى تعديله في العام 2000م بقرار مجلس الوزراء الذي اشتمل على تعديل في جدول مرتبات القضاة و تعديل في سلم الدرجات القضائية بأن أضاف إليها ثلاث درجات غير الواردة في القانون الأمر الذي أثار جدلا في وقتها و لا زال هذا الجدل يثور بين الحين و الآخر، فكان من الضروري حسم هذه المسألة بالقانون و كانت هذه الفرصة مناسبة لذلك.
تعديل المادة (67) من القانون ليتقرر نقل صلاحية منح بدلات أخرى لأعضاء السلطة القضائية و صلاحية تعديل جدول مرتبات القضاة إلى مجلس القضاء الأعلى بدلا من رئيس الوزراء بالنسبة لمنح البدلات و مجلس الوزراء بالنسبة لتعديل الجدول . فهذا هو التعديل الحقيقي الذي يعزز من استقلال القضاء و يتناسب مع أهداف المشروع و بعض الأحكام التي نظمها و لكن المشروع لم يفعل و اكتفى بتعديل طفيف في هذه المادة إذ بدلا من أن يكون العرض بمنح بدلات لأعضاء السلطة القضائية من وزير العدل جعل العرض من اختصاص رئيس مجلس القضاء الأعلى .
إعادة تنظيم و ضبط شروط التعيين في القضاء و آليات هذا التعيين في المادتين (57 ، 59 )، بما يتناسب مع الأحكام القانونية الواردة في قانون المعهد العالي للقضاء و يساعد على ضبط الممارسات العملية وحسم موضوع درجات مساعدي النيابة العامة و معاونيها مادام العمل جاريا على تعيين المتخرجين من المعهد العالي للقضاء في وظيفة قاض جزئي أو وكيل نيابة عامة (ب) و ما دام تعيين المساعدين ابتداء لم يعد ممكنا في ظل النصوص الواردة في قانون المعهد العالي للقضاء و تحديد الدرجة التي يعين فيها من تخرج من المعهد العالي للقضاء بدقة لكي لا تبقى المسألة تتنازعها الاجتهادات . ووضع نصوص انتقالية تعالج وضع المساعدين و المعاونين الحاليين.
تعديل المادة (106) من القانون و إلغاء الحكم الذي لا يعتبر اجتماع مجلس القضاء الأعلى صحيحا إلا بحضور وزير العدل أو نائبه و رئيس المحكمة العليا أو أحد نوابه . فبقاء هذا الحكم لم يعد متناسبا مع التغيير الذي حدث في تكوين المجلس في التعديلات التي تمت في العام 2006م أو في هذا العام و لم يعد متناسبا أيضا مع اتجاه المشروع و الأحكام التي وردت فيه لاسيما مع ما جاء في المادة (105) فكيف يستساغ أن ينعقد المجلس صحيحا في غياب رئيسه و لا يصح لغياب عضو فيه(6) .
وهناك مسائل أخرى كثيرة كان من المهم تعديل أحكامها في القانون لاسيما ما تبين من خلال التجربة أنه لم يعد مناسبا أو يصعب العمل به أو لا يساعد على سير العمل بيسر و سهولة أو لا يتوافق مع الدستور و لا مع مبادئ استقلال القضاء .
و المجال لا يتسع لبيان كل ما كان ينبغي أن يتضمنه المشروع من أحكام.
فالمشروع قد عمل على توسيع صلاحيات رئيس مجلس مجلس القضاء الأعلى , ونقل كثيرا من صلاحيات وزير العدل إليه, ولكن هذه الخطوة لم تصل بالأمر إلى غايته إذ أبقت على بعض التبعية للسلطة التنفيذية ممثلة بوزارة العدل أو مجلس الوزراء ولم تخلص القضاء تماما منها, وإذ تصرفت بشأن استقلال القضاء بطريقة معكوسة حيث أعطى المشروع النيابة العامة استقلالا أعظم من الاستقلال الممنوح للقضاء: إن التعديلات التي تبناها المشروع لم تشمل المادة 89 من القانون التي تنص على أنه " مع عدم الإخلال بما للقضاء من استقلال فيما يصدر عنه من أحكام أو قرارات يكون لوزير العدل حق الإشراف الإداري والمالي والتنظيمي على جميع المحاكم والقضاة….."
وبقاء هذه المادة يعني بقاء صلاحيات وزير العدل في الإشراف على جميع المحاكم وجميع القضاة من النواحي المشار إليها كاملة غير منقوصة الأمر الذي يعني بقاء تبعية المحاكم جميعها والقضاة جميعهم لوزير العدل فالإشراف يكون من المتبوع على التابع, والنص من الوضوح بصورة لا تسمح بالمجادلة في ذلك.
وبناء عليه فميزانية المحاكم ومرتبات القضاة والمزايا التي يحصلون عليها من وسائل مواصلات أو بدلات علاج أو تدريب أو غيره وكذا سائر استحقاقاتهم ستظل مربوطة بوزير العدل وكذلك شئون الكادر الإداري العامل بالمحاكم كافة والمباني والتجهيزات ومستلزمات عمل القضاة كلها ستبقى مرتبطة بوزير العدل. وكل ذلك قد يكون مجال تحكم ومنح أو منع بما لا ينفي احتمال التأثير أو الضغط على القضاة والانتقاص من استقلالهم , وإن التأثير عن طريق المنح أو المنع لهو أخطر من أي وسيلة تأثير أخرى.(7) ولم تشمل التعديلات المادة (104) من القانون المتعلقة بتشكيل مجلس القضاء الأعلى وبقيت على ما هي عليه الأمر الذي يعني بقاء وزير العدل – وهو عضو السلطة التنفيذية – عضوا فاعلا في المجلس يشارك في اتخاذ القرارات في كل شأن من شئون القضاة. بل إن المجلس وفقا للمادة (106) لا ينعقد بدونه.
كذلك لم تشمل التعديلات المادة (108 /ب) من القانون وهي توجب إبلاغ وزير العدل بما يصدر عن المجلس من قرارات.
وبقيت صلاحيات وزير العدل وسلطاته كاملة فيما يتعلق بموظفي المحاكم وفقا للباب السادس من القانون المواد (124) وما بعدها.
وأخيرا فإن التعديل لم يشمل المادة (93) من القانون وهي توجب على التفتيش القضائي إرسال نسخة من التقارير المتتعلقة بالأمور الخاصة بالتفتيش على أعمال القضاة إلى وزير العدل.
أن النيابة العامة حظيت بموجب هذه التعديلات باستقلال أعظم من الاستقلال الممنوح للقضاء نلاحظ أن مشروع القانون في تعديله للمادة (54) أنهى تبعية أعضاء النيابة العامة والنائب العام لوزير العدل تماما ولم يعد للوزير أدنى سلطة مباشرة على النيابة العامة وفي المقابل أبقى على نص المادة (89) من القانون الذي يقرر تبعية جميع المحاكم والقضاة لوزيرالعدل كما أسلفنا.
يضاف إلى ذلك أن الشئون المالية والإدارية المتعلقة بأعضاء النيابات مرتبطة بالنائب العام وليس وزير العدل وكذلك الحال بالنسبة لشئون النيابات والكادر العامل فيها والمسائل المتعلقة بالمباني والتجهيزات ووسائل العمل كلها مرتبطة بالنائب العام وليس للوزير أي سلطة بشأنها.
وبذلك فإن النيابة العامة تكون قد استكملت استقلالها المالي والإداري عن وزارة العدل. لكنِ المحاكمُ ( وهي القضاء ) بقي الوضع فيها على حاله.
وإن هذه المفارقة لتثير التساؤلات حول مقاصدها وحول جدية العمل من أجل استقلال حقيقي مكتمل للقضاء وحول كفاءة المعالجات التي تبناها القانون (8).
كيف يتحقق الاستقلال التام للقضاء؟
نرى ضرورة إعادة صياغة علاقة السلطة القضائية بوزارة العدل وفقا للمفهوم الواسع للاستقلال الذي تبناه الدستور وذلك في قانون جديد للسلطة القضائية,
وبما أن اليمن في الظرف الحالي مقدمة على حوار وطني سوف يتمخض عنه دستور جديد يعيد تنظيم شكل الدولة ونظام الحكم فيها بما في ذلك السلطة القضائية فإن هناك فرصة سانحة لإجراء إصلاح دستوري فيما يتعلق بالقضاء يكفل الاستقلال التام للقضاء وإنهاء تبعيته للسلطات الأخرى.
عبر النص في الدستور القادم على كفالة حق القضاة في انتخاب مجلس القضاء الاعلى وانشاء محكمة دستورية عليا منتخبة ، والغاء وزارة العدل واناطة اختصاصاتها بمكتب اداري يتبع مجلس القضاء الاعلى المنتخب ، وفك الارتباط بين جهاز القضاء والنيابة العامة والحاق الاخيرة بالسلطة التنفيذية.
لان النيابة العامة ليست هيئة قضائية وفقاً للمعايير الدولية ، فالقضاء هو الجهة التي تقوم بالفصل في الخصومات وحسم المنازعات التي تنشأ بين الأفراد بعضهم البعض أو بينهم وبين الدولة وفقا لأحكام القانون.
ومن مقتضيات استقلال القضاء أيضا أن لا يجري إدخال أجهزة في القضاء ليست قضائية بالمعنى الفني الدقيق مثل جهاز النيابة العامة , فهو جهاز ادعاء وعمله ألصق بعمل السلطة التنفيذية منه بالسلطة القضائية ولا ضير من أن تحتفظ السلطة التنفيذية بتبعيته لها.
والناس قديما وحديثا لم يتصوروا قاضيا إلا الذي يكون حكما محايدا بينهم ترفع إليه دعاواهم وخصوماتهم ليفصل فيها , ولكنهم لم يتصوروا أن يكون من يخاصمهم ويرفع الدعاوى ضدهم قاضيا بل يظل خصما مهما كان شرفه في الخصومة.
وأعضاء النيابة العامة بطبيعة عملهم لا استقلال لهم حيث يخضعون لتبعية رئاسية تقتضي منهم تنفيذ أوامر وقرارات رؤسائهم.
وبقاء النيابة العامة تابعة للسلطة التنفيذية غير داخلة في القضاء هو نظام تسير عليه أعرق البلدان أخذا باستقلال القضاء كإنجلترا والولايات المتحدة والسودان(9).
ولا مانع بعد ذلك من أن يحظى أعضاء النيابة العامة بمزايا وضمانات خاصة بهم أو أن يعاملوا معاملة القضاة من حيث المزايا والضمانات المادي.
وهذا هو القضاء الذي يجب أن يتوفر له الاستقلال التام عن بقية السلطات في الدولة وأن يتوفر لأعضائه من الحقوق ومن المزايا ومن الضمانات ما يبعدهم عن أي تأثير.
ويقتضي استقلال القضاء بهذا المعنى أن يقوم القضاء بوظيفته في الفصل بين الخصومات دون نقل شيء من الخصومات لجهات أخرى غيره تفصل فيها كالسلطة التشريعية أو السلطة التنفيذية.
ويقتضي استقلال القضاء كذلك ألا يبقى للسلطة التنفيذية ممثلة في وزارة العدل مجال للتدخل في شئون القضاء أو تسيير الأمور المتعلقة به حتى الخدمية منها كالمنشآت والتجهيزات ووسائل العمل وغيرها..
ان تقديم وزير العدل لذلك المشروع الذي اقره البرلمان امس الاول 14 مايو يعد نقض للعهود المبرمة بينه وبين ممثلي الثورة القضائية بالوثيقة المؤرخة 27/4/2012م . والسابقة عليها بتقديم مشروع قانون ناقص للسلطة القضائية لا يرتقي إلى مستوى تطلعات القضاة وعامة الشعب وخارج إطار لجنة الصياغة القانونية المتفق عليها وخلق اختصاصات ذاتية لرئيس المجلس بإحلاله منفرداً محل وزير العدل بعيداً عن باقي أعضاء المجلس والإبقاء على الولاية المالية لرئيس مجلس الوزراء فيما يخص حقوق القضاة واستحقاقاتهم
*رئيس لجنة القضاء والعدل بمجلس هيئة الظل بجبهة إنقاذ الثورة السلمية.
الهوامش:
4- د محمد الغشم مرجع سبق ذكره.
5- د محمد الغشم مرجع سبق الإشارة اليه.
6- دمحمد الغشم نفس السابق.
7- د محمد الغشم نفس المرجع.
8 – دكتور محمد الغشم مرجع سبق ذكره.
9- د محمد بن محمد الغشم مرجع سبق الإشارة إليه.
عن: الأولى