فضاء حر

تعز في مهب الريح

يمنات

عبد الإله هزاع الحريبي

ما أكتبه اليوم ليس وليد حدث فردي وإنما هي أحداث تتابع بصورة درامية في تعز،  تقود المدينة لمستقبل غير الذي يأمله سكانها،  والصراحة موجعة ومؤلمة للكثيرين،  أن تكتب الحقيقة في زمن الولاءات الحزبية أو القبلية الضيقة معناه أن تستعد لكل مفردات التخوين وربما التكفير، تعز تعيش أيام أشبه بلحظات الاحتضار، كان سكانها يأملون دولة للنظام والقانون فأصبحوا تحت حكم الميليشيات القروية والحزبية.

وكل هذه الميليشيات تعمل تحت غطاء الجيش الوطني، وعندما تتحدث مع بعض الناس عنهم يقولون لك (هؤلاء وقت الجد يدافعون عن المدينة ولا نستطيع الاستغناء عنهم) ، فأستغرب من عدد المسجلين في الجيش الوطني السابقين واللاحقين وكيف أن أفراداً محدودين غير أمناء على تعز وأمنها هم من يدافعون عنها،  وأتساءل أين عشرات الآلاف من الجنود في الالوية العسكرية بتعز؟  يستلمون المرتبات وليس لهم في العسكرة شيء،  ينهبون الأراضي ويفرضون الجبايات في الأسواق،  ويتقاتلون فيما بينهم على مائة ريال إن اقتضى الأمر.

جيش تعز هو جيش الشيخ وجيش الإصلاح وجيش العصابات القروية،  وعلى من يقول عكس ذلك أن يثبت أن لدينا جيش وطني ولاؤه لله والوطن والشعب، هل يعقل ما يحدث من انفلات امني بهذه الصورة المأساوية؟  هل يعقل أن يتم قتل الناس داخل المستشفيات،  حتى الآن ما يقارب من 18 ثمانية عشر حادثة قتل تمت داخل مستشفيات تعز، غير الجرائم الأخرى التي تحدث في الشوارع وفي عمليات اقتحام البيوت كما حدث للطفل ايهم في التحرير الاسفل، وكما حدث للشاب نجيب حنش في المدينة القديمة وكما حدث للشاب الدكتور أصيل الجبزي في الحجرية وهلم جراً  من الجرائم التي لم يحاسب مرتكبوها، إما بسبب الانتماء المناطقي أو الحزبي، يحصلون على دعم وحماية قيادات تعز العسكرية والامنية، ويتم رمي القانون والشريعة عندما يكون المتهم بالقتل  ينتمي للفصيل الحاكم لتعز.

عبر صديقي الكاتب الصحفي موفق السلمي عن ذلك بعبارة بليغة حيث كتب (الاصلاحيون طيبون جداً لحد إنه إذا ظهر فيهم فاسد أو قاتل ما يحاكموه بحجة أنه قد شهد بدراً     …. واختتم… بعبارة من قتل المغربي)  وهو تعبير عن واقع الحال في تعز،  فدائماً تجد نشطاء الإصلاح في وسائل التواصل الاجتماعي يخلقون المبررات لكل هذه الجرائم ويصنعون من كتاباتهم ومنشوراتهم سياجاً منيعاً لحماية القتلة من غضب الشارع الذي يتزايد يوماً عن يوم،  وكأننا أصبحنا في تعز بحاجة إلى ثورة شعبية سلمية تقتلع أركان الفساد والجريمة المتمكنين في الجهاز الأمني والعسكري بتعز،  والقيادات التي تشتغل معهم،  هؤلاء هم من رحلوا بالمحافظين ابتداءاً بطيب الذكر شوقي هائل  ..  مروراً بالمعمري وامين محمود وعلى وشك.. نبيل شمسان.

تعز في خطر حقيقي اليوم ويتحمل حزب الإصلاح وميليشياته كامل المسئولية عن هذه الجرائم، في السابق كانت كتائب أبو العباس تستخدم كقميص عثمان .. وكلما حدثت عملية اغتيال هنا أو هناك قالوا أبو العباس ومن وراءه الإمارات، اليوم لا يوجد لهذه الكتائب أي تواجد في مدينة تعز وأريافها وأصبح المسيطر لون واحد هو لون الإصلاح سواء في الجانب العسكري أوالأمني أو القبلي ومن وراءه داعمه الأساسي  السعودية التي تلعب بهم وتمهد الطريق بدعمهم لسحقهم، نعم هي تصنع معهم ما يصنع الراعي مع اغنامه .. يربيها ويسمنها ومن ثم يذبحها في الوقت المناسب .. وهناك داعمون غير السعودية،  وجلهم يجلبون الإصلاح للمحرقة في تعز.

تعز في مهب الريح ويبدوا أن المخطط أيضاً يقتضي أن يتم إزاحة بعض الشخصيات التي تربطها علاقة بإغتيال قائد اللواء 35 مدرع اللواء الشهيد عدنان الحمادي لطمس هوية من يقفون خلف عملية اغتياله، وستكون هذه الفوضى مبرراّ للتصفية … ربما فكل شيء في عالم السياسة جائز .

زر الذهاب إلى الأعلى