من يحاول تأبيد الحرب في صعدة..؟
ارتفعت حصيلة قتلى الانفجار الذي استهدف جامع سلمان وسط مدينة صعدة إلى 16 قتيلاً وأكثر من 45 جريحا.
وفيما اختلفت الروايات عن سبب الانفجار، اتهم «عسكر زعيل» إمام الجامع المستهدف بهذا الانفجار الحوثيين بالوقوف خلفه. وقال إمام الجامع الذي يعمل ضابطاً في الجيش أثناء حديثه لقناة الجزيرة أنه لا يوجد من يمكنه القيام بهذه العملية سوى تلك الجماعة التي تريد نشر الفتن والحروب في المجتمع. وعلى نفس الاتجاه قال اللواء «مطهر رشاد المصري» محافظ صعدة أن الجامع الذي حدث أمامه الانفجار يخالف تلك الجماعة-يقصد الحوثيين- في الرأي، وأشار في اتصال هاتفي مع قناة الجزيرة إلى أن العملية تحمل بصمات الحوثيين لكنه لم يوجه اتهاماً واضحاً أو صريحاً لهم.
كما قال العميد «محمد القحم» مدير أمن محافظة صعدة أن بصمات الحوثيين واضحة في العملية، وأشار إلى أن إمام الجامع من المناوئين لأفكار الحوثية. ومؤكداً إلقاء قوات الأمن القبض على عدد من المشتبه بهم.
وكان «عبد الملك الحوثي» أدان واستنكر العملية التي قال إنها جريمة بشعة، وقدم تعازيه إلى أسر ضحايا الحادث، نافياً أن يكون هو أو أتباعه وراءه، باعتباره جريمة بشعة.
وفي حديثه لعدد من وسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية؛ أكد «الحوثي» استنكاره للحادث، متهماً طرفاً ثالثاً -لم يحدده- بالاستفادة من هذه العملية، وملمحاً إلى جهات في الجيش تعمل على عرقلة جهود السلام، والدفع بالأوضاع نحو الحرب.موضحاً أن المسجد الذي تعرض للتفجير أثناء صلاة الجمعة, يقع في إطار السيطرة الأمنية والعسكرية المطلقة للقوات الحكومية.
وقال القائد الميداني للحوثيين أن العملية جريمة تتنافى مع الأخلاق والقيم، وتأتي في ذات السياق الذي اغتيل فيه النائب البرلماني «صالح دغسان» ومرافقيه منتصف أبريل الفائت، داعياً أبناء صعدة-المستهدفة من الحرب على حد قوله- إلى التلاحم ضد المؤامرات التي تحاك ضدها.
وعن الاتهامات التي وجهت إليه وأتباعه، قال «الحوثي» إن المسألة ليست تبادل اتهامات، لأن بإمكانه اتهام السلطة بتبني العملية.
إلى ذلك رفض عدد من مسؤولي وزارة الداخلية الحديث عن الموضوع إلى أي من وسائل الإعلام، وقال مراسلو عدد من وسائل الإعلام العربية والدولية أن مسؤولي وزارة الداخلية رفضوا الإدلاء بأي حديث في الوقت الحالي.
وكانت وزارة الدفاع حذرت الحوثيين يوم أمس القيام بعمل عسكري ضدهم لمهاجمتهم -حسب زعمها-ناقلة جند عسكرية في منطقة تابعة لمديرية حيدان, في عملية أدت إلى قتل 4 جنود وإصابة آخرين.
يأتي هذا التفجير قبل يوم واحد من توجه لجنة الوساطة الرئاسية الجديدة، برئاسة البرلماني «علي أبو حليقة» إلى صعدة برفقة لجنة الوساطة القطرية لاستكمال الوساطات.
وكان رئيس الجمهورية قد شكل لجنة جديدة الأسبوع الماضي لاستكمال إجراءات عملية السلام في صعدة عقب مغادرة لجنة الوساطة القطرية إلى الدوحة، وهو ما فسره المراقبون بوجود عرقلة لعملية السلام من داخل اللجنة نفسها.
ويقول عدد من المطلعين على سير الأمور في صعدة أن ثمة جهات داخل الجيش لا ترغب بانتهاء الحرب وحلول السلام في صعدة، وهو ما يؤيده اتهام «عبد الملك الحوثي» لطرف ثالث بالاستفادة من حادث التفجير الأخير.
وكانت الجمعة الماضية شهدت أعمال عنف في منطقة حيدان التي انطلقت شرارة الحرب فيها قبل أربعة أعوام، واتهم «عبد الملك الحوثي» الجيش بالاعتداء على حرمة جامع ذيبان، وهدمه بعد الحادثة، مؤكداً سقوط عشرة قتلى حينها.
وكانت أعمال عنف بين طرفي الصراع الدائر في صعدة نشبت مؤخراً فيما يبدو أنه جهود لأطراف معينة تعمل على عدم نجاح الوساطة القطرية في إحلال السلام في المحافظة.
وإزاء صمت لجنة الوساطة القطرية، وعدم رغبتها في التصريح لأي جهة عن أسباب توقف المحادثات التي تتبناها، وفي ظل اتهامات متبادلة بين طرفي النزاع بالتسبب في أعمال العنف المعيقة للسلام، يبدو فعلياً أن ثمة طرفاً ثالثا لا يرغب بانتهاء الصراع، ويعمل على استمراره.
قد يكون هذا الطرف هم تجار السلاح الذين تنتهي مصالحهم بانتهاء الحرب، وقد يكون جماعات دينية ذات نفوذ في الجيش، ومدعومة من جهات خارجية ترغب في القضاء على الفكر الزيدي المنتشر في صعدة.
التفجير الأخير حقق صدى واسعاً، وبدا كنقلة نوعية إما في الصراع الدائر في صعدة، أو في جهود الجهات التي ترغب في استمرار الصراع، فلأول مرة تتم مثل هذه العملية داخل عاصمة المحافظة، وبهذه الطريقة.
وإذا كان تأثير هذا التفجير على عملية السلام في صعدة لم يتضح بعد؛ فإن الأيام القادمة كفيلة بتحديد مسار القضية.