فضاء حر

واقعة العرضي لن تكون أخر فجائعنا

يمنات
وحدها المشافي اليمنية تمنحك الطريق الاقرب الذي يوصلك الى الأخرة.. سواء عبر مشرط طبيب غير مختص.. أو بخطأ طبي ..أو بطلقة قناص أو قنبلة يدوية يلقيها باسم الله ارهابي بوجه اسلامي وبلباس عسكري .. وحش بشري لا يتقن أي مهنة ولا لغة أخرى سوى الموت..!!!!
شاهدت قبل قليل المشاهد الحية التي بثتها قناة اليمن لعمليات القتل الجماعي البشع الذي أقترفها القتلة بحق مرضى وأطباء مجمع العرضي .. شيء لم أستوعبه حتى اللحظة بدى كمشهد سينمائي بشع.. مجموعة من الرجال والنساء العزل يحشرون في ازقة المشفى و في غرف صغيرة ثم يذبحون كالنعاج وبدم بارد من قبل اولئك القتلة..
جرائم لم تقترف مثلها من قبل حتى في عهد هولاكوا ونيرون.. كان القتلة يكبرون منتشين وهم يصرعون الابرياء الواحد تلو الاخر في وليمة جماعية للقتل كتلك الوليمة التي أقامها الامبراطور الروماني السفاح “دراكولا” في قلعته ليقتل فيها اكثر من (500) فقير ومسكين من ابناء بلده.. لكن ما حدث في العرضي هي حقيقية واقعية حدثت بالفعل ويجب علينا تقبلها في بلد مبتلى بالفجائع والنكبات المتلاحقة..
أمر يجعلنا بحاجة ملحة للوقوف أمام الثقافة، والوعي الاجرامي الذي شحنت به أدمغة منفذوا العملية..
كل ذلك يحدث باسم الله ومن أجل التقرب اليه والوصول الى جنته عبر أقرب الابرياء الذين يسوقهم القدر الى طريق القاتل الذي لا ولن يتردد في قتلهم بوحشية مفجعة..
أمر يثير أكثر من تساؤل لماذا وكيف ومن أجل من ومن هو المستفيد من حدوث كل هذا العبث؟؟؟؟ قد لا نجد اجابة شافية لك على تلك الاسئلة!!!.. لكن في المقابل لا تزال المناهج التعليمية مشحونة بالكراهية والحقد ولا تزال المساجد ومنابر العبادة تستخدم كوسيلة بارزة في التحريض لقتل الاخر بمسميات شتى!!!
كذلك السياسيون وقادة الاحزاب في هذا البلد يمارسون ذات الدور المشحون بالكراهية والتحريض ضد كل من يخالفهم..
كل هذه الممارسات تجعلنا في أمس الحاجة الى اصطفاف شريحة كبيرة من المثقفين والمتنورين للممارسة دور توعوي يؤسس لمرحلة قادمة يسودها الوعي والتسامح والقبول بالأخر وإرساء نهج الاحتكام الى القضاء والى قوة القانون لحسم أي خلافات في المجتمع ..
ان تنامي العنف في اليمن ووصوله الى هذا الشكل المخيف ما كان ليحدث لولا تساهل اليمنين وسكوتهم عن وقائع عنف سابقة وكثيرة حصلت في هذا البلد ومرت بسلام دون أي وقوف جدي أمامها أو أخذ العبر منها واستئصال دوافعها ووضع الحلول الملائمة والكفيلة بعدم تكرارها مستقبلاً سواء من قبل الدولة أو من قبل الفئات المثقفة والمتنورة في المجتمع ، ووضع تلك العبر في المناهج الدراسية الاساسية والجامعية والمجلات والنشرات الدورية الحزبية والمستقلة وغيرها..
ان واقعة العرضي لا تختلف كثيراً عن واقعة قتل الاطباء الاجانب في المستشفى المعمداني بجبلة عام2002م ووقائع قتل الكثير من الاجانب في اليمن في وقائع كثيره مشابهة ولا عن واقعة السبعين ورئاسة الوزراء ومصنع الذخيرة بأبين وتفجيرات سيئون وجمعة الكرامة ووووووو..
لم يعد يقتصر القتل للتقرب الى الله بقتل أجنبي بل تعداه الى قتل المسلمين لبعضهم للتقرب بهم الى الله او الى الحاكم او لإرضاء أي حزب فالقتل هو طريقة تبغضها السماء ويبغضها الناس في الارض مهما كانت دوافعه وأسبابه ومبرراته..
وعندما تكون ثقافة الموت وثقافة القتل هي السائدة في أي مجتمع فان دمارها لن يستثني احد وسيطال عبثها كل شيء حتى من يروج لها..
لم يكن اولئك المرضى الابرياء يعلمون عندما استغاثوا بمستشفى العرضي لإنقاذهم من الموت وعند استغاثتهم برجال يلبسون الثياب العسكري، بان حتفهم سيكون على يد من يطلبون الغوث منه..
أمر لابد ان يعيه جيداً ويقف امامه طويلاً كافة المسئولون في هذا البلد ابتداء من رئيس الدولة والحكومة وقادة الاحزاب والقيادات القبلية والعسكرية والدينية ووووو… فثقافة الكراهية والقتل والتشجيع عليه والتحريض ضد الاخر، هو فعل مشين تبغضه كافة شرائع الارض والسماء..ونبتة شيطانية يتوجب على الجميع استئصالها والحد من انتشارها.. ما لم فان ذلك العبث سيطالهم ولو اختبوا في حصونهم المنيعة وفي سيارتهم المدرعة..
لذلك فاليمنيون في أمس الحاجة الى الاصطفاف لتأسيس يمن ما بعد العرضي..
نسأل الله ان يجنب بلدنا والناس كل مكروه وان يعم الخير والتسامح والمحبة كل بقاع الارض.

زر الذهاب إلى الأعلى