فضاء حر

انصار الله وصيرورة التاريخ

يمنات
اصيب الحلف المقدس بفعل ثورة 21سبتمر 2014م بضربات صاعقة وهزيمة ماحقة ، انتهى ومن المحال عودته.
لقد سجلت ثورة 21سبتمبر نهاية عهد عودة الامامة الملكية ونهاية نظام “الحلف المقدس” و لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل حركة انصار الله الذي تميل قيادتها أكثر فاكثر نحو النزعة المحافظة، ستستوعب المتغيرات؟ وهل ستصمد لتأثيرات الانبعاث الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لليمن، عام 2014مومابعدها؟
وهل ستتكيف مع انجازات التقدم السريع والمذهل في المعلوماتية وثورة الاتصالات والتكنلوجيا والانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي؟ و ما يستتبعه ذلك من انهيار البناء التجريدي لفكر مؤسس الحركة المحمل بيقينيات لاهوتية مطلقة و الذي يجعل من المستحيل استمرار قيام تسوية خطط لها قائد الحركة بين مذهب سياسي محافظ متزمت تقووي رجعي وطريقة جدلية ثورية.
الواقع يؤكد ان التطور التكنلوجي سيشجع نهوض النزعة الليبرالية البرجوازية، والذي ستصطدم بفكر و ايدلوجية الحركة ويقينياتها المتعالية، ذلك ان التطور الجدلي للتاريخ يستلزم في الواقع صيرورة لا انقطاع لها، وتغييراً مستمراً لا يمكن ان يعين له شكل معين بمثابة حد او نهاية.
إن كل واقع ذي صفة اقتصادية وسياسية واجتماعية ينزع في الحقيقة على أساس التقدم الديالكتيكي، إلى فقدان ما يلتبس به من طابع الضرورة التاريخية والمنطقية معاً في لحظة معينة؛ وهو يصبح غير عقلاني بسبب هذا الواقع، ويجب ان يفسح المجال، عوضاً عنه، لواقع جديد محكوم عليه ان يتلاشى يوماً ما.
و الحال فبعكس هذا التصور المفهومي الجدلي، فإن قيادة حركة انصار الله تميل نحو النزعة المحافظة وهي محمولة على ان تمنح مؤسسات زمنها، وبخاصة الدين الاسلامي والدولة اليمنية، قيمة مطلقة، ويوقف بذلك عندهما سير التاريخ.
و اتوقع انه لابد للتناقض بين المذهب السياسي الرجعي والطريقة الجدلية الثورية من أن تستثير انقساماً داخل مدرسة انصار الله، بين يمين محافظ رجعي، مؤلف من تلامذة سطحيين متزمتينن في تمسكهم بتعاليم استاذهم بقضها وقضيضها، و بين يسار زيدي تقدمي بذل ويبذل جهوده لتكييف هذا المذهب مع النزعات الليبرالية التقدمية، و بشطر الفلسفة المعتزلية الزيدية، بعد نبذ عناصرها المحافظة، لكي لا يحتفظ منها سوى بالديالكتيك الثوري.
ان مذهب انصار الله الزيدي المعتزلي العقلاني واسعاً جدا، بل شاسعاً، و يستطيع ان يضم التصورات المفهومية لأحزاب شديدة التباين، في ظل يمن ذات طابع نظري .. ثمة شيئان على الاخص، يشكلان اهمية عملية، هما الدين و السياسة.
الذي يؤكد على مذهب الزيدية التقليدية باستطاعته ان يكون محافظاً بقدر لابأس به في هذين الميدانين، أما الذي يريد ان يكون على العكس، يعتبر الطريقة الديالكتيكية هي الشيء الاساسي، فبوسعه ان ينتسب، سواء من الناحية الدينية او السياسية الى المعارضة المتطرفة.
و نأمل من قيادة الحركة ان تستوعب متغيرات العصر ومتطلباته وتنحاز لقيمه التنويرية وتقدم قراءة عقلانية تنويرية معتزلية للتراث الديني بما يكفل دخول العصر، واستيعاب انجازاته العلمية والانسانية وبما يكفل تميكن الفلسفة والعلم من نقد التراث الديني الرجعي المتزمت التقووي.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى