حفر تحت الريال
يمنات
لطف الصراري
إذا كنت ستقوم بجولة في الإنترنت أو شاشة التلفاز للاطلاع على مستجدات الأحداث في اليمن، فعليك ألا تذهب إلى السوق فوراً. سوف تصاب بصدمة تفقدك صوابك لأيام لاحقة.
مثلاً، ستقرأ أو تسمع بأن سعر اسطوانة الغاز 2500 ريال، وسيخبرك بائع الغاز بأن عليك دفع 5 آلاف ريال للحصول على أسطوانة. ستقرأ عن ذلك الدعم الغذائي المقدم من السعودية أو الإمارات أو من برنامج الغذاء العالمي، وسوف تفاجأ بأن دقيق القمح غير متوفر في السوق أو أن سعره قد ارتفع رغم استقرار سعر الدولار.
في مطلع العام الجاري 2018، كان الريال اليمني يتهاوى على مدار الساعة، أمام الدولار الأمريكي والريال السعودي وبقية العملات حتى الشلن الصومالي. حينها تدخلت السعودية، بناء على طلب احتجاجي من حكومة ابن دغر، وأودعت ملياري دولار في البنك المركزي اليمني. وحينها أيضاً، سألت موظفاً في أحد محلات الصرافة حديثة النشأة، عن جدوى هذه المبادرة الانقاذية في وقف انهيار الريال؟ قال الشاب: سوف يستقر سعر الريال نسبياً بالطبع، لكن إذا بدأ البنك بتوزيع الوديعة السعودية على “هوامير” النفط والسكر، وغيرهم من تجار الاستيراد، فلن تصمد هذه الوديعة طويلا، وسوف يستأنف الريال انهياره الكبير.
الأسبوع الماضي، صرّح السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، بأن هناك دعم تقدمه المملكة من شأنه تخفيض أسعار السلع الغذائية في جميع المناطق اليمنية “بدون تمييز”.
و في تفاصيل الخبر، يتمثل هذا الدعم بمنح مستوردي المواد الغذائية تسهيلات من الوديعة السعودية في البنك المركزي اليمني، من أجل استيراد تلك السلع، وبالتالي، إنهاء أزمة الغذاء وارتفاع أسعاره.
في حال تم منح “هوامير الاستيراد” تسهيلات العملة الصعبة من الوديعة السعودية في البنك، وفي حال عدم تعويض فاقد احتياطي النقد الأجنبي في البنك، فنحن على موعد مع استئناف انهيار الريال، وبالتالي، جولة جديدة من الارتفاع الجنوني لأسعار جميع السلع. هذا ما بات يفهمه حتى الباعة المتجولون، وليس خبراء الاقتصاد وحسب.
من المعلوم أيضاً، أن العملة هي إحدى دعائم الاقتصاد الوطني. وفي حالة الريال اليمني، فقد شهدنا مراحل النخر في هذه الدعامة حتى صارت بحاجة إلى تدعيم إضافي تفادياً للسقوط الكامل.
و في حين تتكرّم دول الجوار بجرعة إنقاذ بين وقت وآخر لسد الرمق، فما حاجتها للحفر حول هذه الدعامة أو إزالة دعائمها الإضافية، إذا كانت تعرف أن ذلك سوف يؤدي إلى انهيار أكبر!
يقول مثل يمني: “حصاة تركّي لجرة”، أي تسندها. ومقارنة باحتياجات اليمن، كدولة تعيش وضع حرب شاملة وتعداد سكانها يفوق الـ25 مليون نسمة، فإن وديعة الملياري دولار لا تعدو عن كونها تلك الحصاة التي تمنع الجرة من السقوط. لكن بالمقابل، كم لدى السعودية من هذه الحصى، وكم في ذمتها من الجرار المكسورة! والحال هكذا، لن يمر وقت طويل حتى تعود أسعار السلع الغذائية وغير الغذائية إلى ذلك الارتفاع الصادم؛ حيث يتوجب على المرء ألّا ينسى شراء سلعة ما حين يذهب إلى السوق، حتى لا يضطر في اليوم التالي لشرائها بسعر أعلى، وأحياناً، قد تنعدم نهائياً من السوق. بالمناسبة، سعر الدولار ظل عند مستوى 485 ريال لأشهر، والخميس الماضي ، ارتفع إلى 490 ريال.
المصدر: العربي
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.