الحكام وجنون العظمة
يمنات
حسن الدولة
من يلهم الطاغية جنون العظمه، أَطبعهُ؟ أم الشعب؟ أم حاشية يصطفيها على مقاس رغباته ؟وهل الجنون واحد عند الداهية الفطن الذي أوتي عقلا جبارا بشروره، وعند الماكر المخادع الخليع الذي نصيبه من الغباء أوسع من ذكاء وفطنة الطاغية؟
ان جنون العظمة يلازم الذين يعتلون المناصب العلياء بقوة السلاح بلا اية مقدمات وفجاة ينتقل من مواطن مغلوب على امره وبلا مقدمات وبلا اي تأهيل وبلا استحقاق يصعد إلى حاكم ملهم ؛ فيتلفت يمينا وشمالا فيبدا بالقضاء على الكبار الذين يشعر ان بقاءهم خطر على حكمه .. وسرعان ما يتجمع حوله الجلاوزة فيصورون له انه فلتة الزمان وان كلامه درر وحكم منزله لا يرتقي إلى مستواه كلام …
فيظن انه مختار من السماء ليس ليكون حاكما لبلاده بل انه يصلح حاكما للكرة الارضية كلها بجب ان يكون مطاعا مسموع الكلمة فهو منقذ البشرية ومهديها ومخلصها وانه قد تجمعت في صفات تفرقت في كل البشر !!! ..
ويظل هذا الجنون يلاحقه حتى بعد خلعه لان جنون العظمة لا ينتهي بمجرد خلع الطاغيه بل انه يظل كالفيروس او الجرثومة التي لا تنتهي إلا بالقضاء عليها….
فجنون السلطه هو اخطر انواع جنون العظمه انه صورة ممتلئة بفراغات مرت عليها ريشة الزمن فلونتها باصباغ متلاحقه :حب الذات، وفتنة الالقاب الرئيس القائد الملهم صاحب الفخامة وصاحب الولاية وصاحب الجلالة وصاحب الزعامة ابن اليمن البار والقائد والرائد المهيب والمهاب والمنقذ … إلخ ..
ويزيد من هذه المهابة ان الجلاوزة يضفون عليه مهابة السلطان والطقوس والبرتكولات وغير ذلك من منازع التقديس وحشد الاتباع والحنبين والمطبلين والمنافقين الذي يقدسونه ويرفعون شعارات الولاء والتقديس والصور والشارات كما فعل جلاوزة ماوتسي تنغ في الصين وما عمله استالين مع لينين إلا ان الاخير تنبه لمآرب استالين فحذر منه في وصيته. .
وفي العالم العربي هناك شعارات نمطية مثل ” بالروح بالدم نفديك يا عبدالسطيح” وان الكل يأتمرون بأمره يحركهم بأنامله يمينا ويسارا وخلفا واماما يبدي لهم غضبه ورضاه بحركة رموشه وغمزات عينيه فهو يخطب ويظن انه يقول كلمات تتنزل عليه من السماء بينما كل العقلاء يسخرون مما يقول ويتعجبون من توق ذلك الحاكم الى التاله وحين يتدحرج قائد الضروره هذا يتعرى كركام من الجليد سطعت عليه اشعة شمس قائضه ..
فلا يستفيق هذا الحاكم ولا يتعظ ممن سبقه من الحكام في سالف الأزمان ..
والادهى أن حكام هذا العصر لا يتعضون بمصير اسلافهم ولا بمصير بعضهم بعضا حيث تساقطوا الواحد تلو الاخر وكل من لم يأت عليه الدور في معاقبة شعوبه ويقول ان بلده وشعبه غير بلد وشعب من سقط من الحكام الذين لقوا حتفهم وديست صورهم وحطمت تماثيلهم…
فهذه الحقائق لا ينظرون اليها فهي كالشمس لا تحب العين النظر اليها فهل هو سؤ حظهم ام سوء العاقبه ؛ ورغم خروجهم من المناصب فان نفوسهم لا تزال تحدثهم بالعودة للحكم تحت تأثير تلك الشعبية التي احاطها بهم المنافقون واعلامهم الجوبلزي -نسبة إلى جوبلز وزير إعلام هتلر – يستمرون في الحلم بالعودة. وبفعل الزوار من المتملقين والمنافقين الذين يزينون له الطريق ويفرشونها بالورود والرياحين والفل والياسمين ..
وهناك حكمة سمعتها من القاضي عبد الرحمن الإرياني رحمه الله حين زرته بعد عودته من منفاه الإختياري في اللاذقية بسوريا وقد صادف وجود القاضي احمد صبره رحمه الله الذي سأل القاضي عبد الرحمن هل كان اثناء حكمه يتاثر بالمنافقين الذين كان يعرفهم بحكم انه عاصر أئمة ثلاثة- يحيى واحمد والبدر – وعاصر رئيس جمهورية المشير عبدالله السلال… فكان جواب القاضي عبد الرحمن صريحا وصادقا فقال:( في اول سنة من حكمي كنت ابتعد عنهم واتجاهل كلامهم ولا اعيرهم الإهتمام .. وما هي إلى اشهر حتى اصبحت انتشي بكلام المنافقين واميل إلى مديحهم واطرائهم لي بما استحق ولا استحق .. واصبحت ادنيهم مني واحب الإستماع إلى كلامهم وقد صوروا كل ناصح صادق جرئ عدوا وحاقدا ومبغضا للنظام..ثم مرت الايام – والكلام لايزال للقاضي – فاصبحت اعتبر من لا ينافقني فهو عدوي ..).
فإذا كان هذا حال اول وأخر رئيس مدني مؤهل حكم اليمن فكيف بحال من صعد فجاة إلى سدة الحكم بلا ادنى مؤعل او خيرة في ادارة شؤن الدوله ..!!!
آه !! ما اخطر جنون السلطة على الفرد وبخاصة على طاغية جاهل يظن ان عجلة الزمن ستدور إلى الوراء ليعود للحكم بل ويورث البلد كعزية لﻷولاده ..ويستمر في الحكم حتى وقد اصبح مقعدا فاقد الوعي كما حصل للحبيب بورقيبه ويحصل اليوم لبوتفليقه ولاغلب حكام دول الخليج ..
حيقية جنون الكرسي من اخطر الجنون على الحكام والبلدان معا !!
جنون السلطة مرض لا يسلم منه إنسان لذلك قرر علما الاجتماع السياسي ان بقاء الحاكم في المنصب اكثر من دورتين انتخابيتين يؤدي إلى هذا الجنون الذي يصاب به الإنسان فيعتبر الكرسي حقا من حقوقه يورثه لا لاده واحفاده ..
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.