تفنيد حديث السفير السعودي بلندن عن الوضع في اليمن
يمنات
صلاح السقلدي
مِــن جُــملةِ مَا قالهُ السفير السعودي لدى المملكة المتحدة الأمير خالد بندر بن سلطان، في مقالة له في صحيفة ” تليجراف” البريطانية قبل يومين، نتوقف عند أهمها :
– قالَ أن بلاده تدخلت بالحرب اليمن بناءً على قرار مجلس الأمن الدولي 2216.
– وان المملكة مستعدة لفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء بشرط أن يلتزم الحوثيون ببنود اتفاقية ستوكهولم الأصلية المتعلقة باستخدام الميناء وأيضا وقف عدوانهم العسكري في المنطقة.
– مضيفا بأن بلاده تستشعر بمعاناة اليمنيين بالمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين.
– كما قال : يجب على العالم أن يقدر ما قمنا به بالفعل في هذا الصدد، بتوجيه السعودية ما يقرب من 17 مليار دولار كمساعدات لليمن حتى.
– ولن تغادر بلاده اليمن لن تغادر اليمن بعد سبع سنوات حرب وأنه من المبكر الحديث عن هكذا انسحاب فأي انسحاب قد يجلب الفوضى الى اليمن،- فأمريكا بحسب كلامه -ما تزال بأفغانستان منذ عشرين عاما.
– مُــختتما أن بلاده جادة بوقف الحرب باليمن.
*تعلقينا على ما وردَ:
-السفير خالد بن بندر -وهو يشير الى المصوّغ القانوني والى مشروعية تدخل بلاده بالحرب باليمن- يقع بالخطأ مثله مثل كثير من السياسيين السعوديين واليمنيين، وبعض المراقبين العرب الذي يلتبس عليهم تاريخ التدخل السعودي وتاريخ صدور قرار مجلس الأمن رقم 2216. فالحرب التي أعلنتها المملكة العربية السعودية عبر سفيرها السابق عادل الجبير من واشنطن باسم عاصفة الحزم كانت ليلة 25/26 مارس 2015م، فيما قرار مجلس الأمن الدولي رقم2216 الصادر عن مجلس الأمن بشأن الأزمة اليمنية كان في 14 إبريل 2015م ، أي أن صدور هذه القرار كان بعد انطلاق عاصفة الحزم بعشرين يوما، وبالتالي من المستحيل أن يكون هذا القرار قد شرّع لحرب بأثر رجعي، ومن المستحيل أيضا أن نصدق أن هذه الحرب أتت إنفاذا لقرار لم يكن قد صُــدر بعد. !
فهذا الخطأ الجسيم الذي يقع فيه السعوديون يفقدهم مصداقية القول والمبرر، فهم في الوقت الذين يقولون أن مشروعية حربهم باليمن أتت عطفا على قرار أممي فأنه في الوقت عينه يقولون أن تدخلهم أتى بناءّ على طلب الرئيس اليمني منصور هادي – وحتى هذا المبرر الأخير يشكك فيه الكثيرون.!
-قال السفير أن بلاده مُــستعدة لفتح ميناء الحُــديدة ومطار صنعاء بشرط أن يلتزم الحوثيون ببنود اتفاقية ستوكهولم، ووقف عدوانهم على المنطقة . فلا نعلم كيف تستقيم هذه الشروط لدى السفير وبلاده، فهذا الاتفاق الذي عقد في 13 ديسمبر 2018.م بين الحكومة اليمنية والحوثيين بإشراف أممي يخص موضوع مدينة الحُــديدة ومينائها فقط، فماعلاقة مطار صنعاء بالأمر؟, وكيف يمكن أن نتوقع من الحوثيين أن يوقفوا عدوانهم على المنطقة بمجرد فتح مطار صنعاء فقط؟
– أما قوله بأن بلاده تستشعر معاناة اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين. فنودٌّ أن نحيط سعادة السفير عِلما -إن لم يكن يعلم – بأن المحافظات التي لا يسيطر عليها الحوثيون وبالذات في حاضرة الجنوب (عدن) لا تقل معاناة وبؤساً عن المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين إن لم نقل تفوقها بذلك، وبالتالي حريّا بالسفير وبمملكة الثرية ألا يعتقدوا أن صمت الناس في هذه المناطق قد يطول الى ما لا نهاية، فثمة تحركات قوية على الأرض تتشكل باضطراد لتفجر ثورة شعبية عارمة ، سنرى شرارها تطال ليس فقط مقرات الحكومة المتهمة بالفساد والفشل والعنصرية بل ومقر التحالف الحصين، ومكاتب الحاكم السعودي في منطقة بئر أحمد غربي عدن.
– وعلى ذات الصعيد يردد السفير ذات الأرقام التي يرددها مسئولون في بلاده بأنها قد انفقت على اليمن أكثر من 17 مليار دولار منذ بداية الحرب حتى اليوم. لا نشك بصحة هذا المبلغ الخُــرافي، ولكن نشك بأنه قد ذهب فعلاً الى المحتاجين من الناس التي يسحقها الغلاء والفقر والجوع وتفتك بها الأمراض والأوبئة بقسوة، وتعذبهم غياب الخدمات بما فيها الكهرباء والماء والصحة التي تمر في أسواء حالتها عبر التاريخ اليمني شمالا وجنوبا، لا نتحدث هنا عن صنعاء واخواتها بل عن عدن وأخواتها الواقعة تحت اشراف السعودية، والمسماة جزافا بالمحررة . بل أن ثمة تقارير دولية بما فيها تقارير سعودية- ناهيك عن تقارير محلية- تتحدث عن فساد ونهب مريع يطال كل شيء بالبلاد بما فيها الودائع والهبات والقروض المالية الخارجية، فقبل شهر تقريبا قالتْ تقارير سعودية أن المملكة لن تمنح اليمن مزيدا من الودائع المالية قبل أن تعرف كيف تم امتصاص الوديعة الاخيرة – ملياري دولار – من البنك المركزي، وكيف أنها لم تذهب الى المستهدفين .
– ربَــطَ السفير بين الوجود السعودي باليمن، والأمريكي في افغانستان ،من حيث مدة البقاء، وهذا الربط يش ويلمّــح بأن المملكة لن تترك اليمن حتى بعد انتهاء الحرب، وهذا يتبدى واضحاً ليس فقط من كلام السفير بل من خلال الوقائع على الأرض، فالمملكة ترسخ وجودها العسكري والاقتصادي والاجتماعي بكثير من المناطق وبالذات الاستراتيجية مثل محافظتَـي: المهرة وحضرموت، وتنثر فيها مبالغ ضخمة لشراء الولاءات الحزبية والقبلية والعسكرية واستمالة شخصيات اجتماعية ورموز دينية .
– أما حديثه عن أن بلاده جادّة بوقف الحرب باليمن , فلا نشك أيضا في هذا مطلقا، ليس لأن السعودية تود السلام والرخاء لليمن بل لأنها قد وصلت الى قناعة بعد سبع سنوات حرب أن انتصارها العسكري قد فشل تماما، وأن هدفها الرئيس بإعادة الحكومة الموالية لها الى صنعاء قد أصبح مجرد هشيمٌ تذروه الرياح، وبعد أن شعرت( المملكة) أنها برغم ترسيخ وجودها وتحقيق بعض من أطاعها التاريخية على الواقع باليمن إلّا أنها تستشعر حالة أنها تغرق كل يوم في رمال اليمن الملتهبة المتحركة وباتت نتيجة لذلك تتلمّــس الطريق بلهفة للخروج من هذا المأزق.
المصدر: رأي اليوم
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا
لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.