عبيد في سوق النخاسة: صفعة على وجه العلم “أكذوبة حل مشكلة الرواتب تكشف عن وجهها القبيح”
يمنات
فؤاد محمد
إن قرار وزير المالية الأخير بتحديد صرف رواتب المعلمين والأكاديميين ضمن فئة الذين يستلمون نصف راتب كل شهر، لهو دليل قاطع على العبث بمقدرات الوطن واستباحة حقوق نخبة المجتمع. هذا القرار، الذي يأتي في سياق مزعوم قانون الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلات صغار المودعين الصادر في صنعاء، يكشف عن تضليل ممنهج ومحاولة يائسة لتمرير قانون جائر يكرس التمييز والتفرقة والظلم المتعمد.
أيها المعلمون والأكاديميون الأفاضل، يا حملة مشاعل العلم والمعرفة، يا من تنيرون دروب الأجيال:
إن هذا القرار ليس مجرد انتقاص وتأخير لصرف مستحقاتكم المالية، بل هو إهانة بالغة لقاماتكم العلمية وتقديركم الرفيع في المجتمع. إنه استخفاف بعقولكم وتجاهل لدوركم المحوري في بناء الوطن وتقدمه. كيف يُعقل أن تُعامل النخبة الفكرية بهذه الطريقة المهينة؟ كيف يُسمح بتجاهل حقوق من أفنوا أعمارهم في خدمة العلم والمعرفة؟
إن هذا القرار يثير جملة من الملاحظات الهامة:
1. التراجع الصارخ: بدلاً من تحسين أوضاع المعلمين والأكاديميين وتوفير سبل العيش الكريم لهم، نرى تراجعاً خطيراً في مستحقاتهم. فبعد أن كانوا يستلمون رواتبهم كاملة قبل عدة سنوات، أصبحوا الآن يحصلون على نصف راتب شهريا. أي منطق هذا؟ وأي عدل يرتضيه هؤلاء؟.
2. التضليل المكشوف: لقد تم الترويج لقانون الآلية الاستثنائية على أنه حل لمشكلة الرواتب، ولكنه في حقيقة الأمر تحول إلى أداة لترسيخ التمييز والتفرقة بين موظفي الدولة، وجعل المعلمين والأكاديميين كبش فداء. إن هذا الأسلوب الملتوي يكشف عن نية مبيتة لإضعاف هذه الشريحة الهامة من المجتمع.
3. العبث بمستقبل الوطن: إن تهميش المعلمين والأكاديميين وإهدار حقوقهم ليس مجرد ظلم يقع عليهم كأفراد، بل هو اعتداء سافر على مستقبل الوطن بأكمله. فكيف يُنتظر من أمة أن تنهض وتزدهر في ظل تهميش نخبها الفكرية؟
4. انتفاء جدوى القانون: هذا القرار يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن قانون الآلية الاستثنائية لم يأت لحل مشكلة الرواتب، بل جاء لتعقيدها وتعميقها. إنه قانون يكرس الظلم والتمييز ولا يحقق أي مصلحة عامة.
5. الاستخفاف بنخبة المجتمع: إن التعامل مع المعلمين والأكاديميين بهذه الطريقة المهينة يعكس استخفافاً واضحاً بنخبة المجتمع وتجاهلاً لدورهم الحيوي في التنمية والتقدم. هذا الاستخفاف ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل الوطن.
أيها المعلمون والأكاديميون الأفاضل:
إن صمتكم على هذا الظلم لن يزيد الأمر إلا سوءاً. إن المطالبة بالحقوق المشروعة ليست ترفاً، بل هي واجب وطني وضرورة حتمية للحفاظ على كرامتكم وكرامة الوطن. عليكم أن ترفعوا أصواتكم عالياً في وجه هذا الظلم، وأن تتحدوا من أجل استعادة حقوقكم كاملة غير منقوصة.
*إننا نطالب بما يلي:*
* إلغاء قرار وزير المالية فوراً وإعادة صرف رواتب المعلمين والأكاديميين كاملة غير منقوصة.
* إعادة النظر في قانون الآلية الاستثنائية وتعديله بما يضمن المساواة والعدالة بين جميع موظفي الدولة.
* محاسبة المسؤولين عن هذا الظلم والتضليل.
إن الحق لا يموت، وإن الظلم لا يدوم. فلتكن كلمتكم هي العليا، ولتكن وحدتكم هي السلاح.
في الختام، يتضح لنا بجلاء التناقض الصارخ بين ادعاءات سلطة الأمر الواقع بنصرة القضايا العادلة وبين ممارساتها على أرض الواقع تجاه موظفي الدولة في الداخل. فبدلا من أن تنصف هذه السلطة موظفيها وتوفر لهم حياة كريمة تحفظ لهم كرامتهم الإنسانية، عمدت إلى إصدار قوانين تكرس التمييز والتفاوت بينهم، وتقسمهم إلى فئات أشبه ما تكون بالعبيد في سوق النخاسة، حيث يتم التعامل معهم بمعايير مزدوجة، وتُهدر حقوقهم الأساسية في الحصول على أجر عادل يكفي لسد احتياجاتهم المعيشية.
إن هذا القانون، بكل ما يحمله من عيوب وثغرات، يعد دليلا قاطعا على أن سلطة الأمر الواقع تُولي اهتماما أكبر للقضايا الخارجية على حساب معاناة مواطنيها في الداخل. ففي الوقت الذي تدعي فيه نصرة المظلومين في أماكن أخرى، تُمارس هي نفسها الظلم والقهر على موظفيها، الذين يُعتبرون عماد الدولة وركيزتها الأساسية.
هذا التناقض يُفقد سلطة الأمر الواقع مصداقيتها أمام الشعب، ويُزعزع الثقة بين المواطن والدولة. فكيف يمكن للمواطن أن يثق بسلطة تدعي نصرة العدل والإنصاف في الخارج، بينما تُمارس الظلم والتمييز في الداخل؟
إن ما يحدث للموظفين في اليمن اليوم يُعدُّ وصمة عار في جبين سلطة الأمر الواقع، ويُثبت بما لا يدع مجالا للشك أنها تُمارس سياسة الكيل بمكيالين، وأن شعاراتها عن نصرة القضايا العادلة ما هي إلا مجرد ذر للرماد في العيون، وتغطية لممارساتها القمعية في الداخل.
باختصار، سلطة تدعي نصرة القضايا العادلة، بينما تُقسّم موظفيها كعبيد في سوق النخاسة، وتُهدر حقوقهم، وتُمارس عليهم أبشع أنواع الظلم والتمييز، هي سلطة فاقدة للمصداقية، ولا تستحق ثقة الشعب.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا