أرشيف

المستقلة تكشف تفاصيل الجريمة وتقرع ناقوس الخطر

في واقعة ليست الأولى و الأخيرة  من نوعها داخل مدارس العاصمة صنعاء وفي ظل وزارة الدكتور عبد السلام الجوفي.. أمر الخلاف طبيعي بين أستاذ وتلميذ داخل الفصل الدراسي، عادة ما يحدث في كل المدارس، وفي كل يوم دراسي..  لكننا نحتار في وصفه اذا وصل حد محاولة ارتكاب جريمة قتل يحضر فيها المسدس، وتسفر عن إصابة مواطن بطلق ناري، ينقل على أثره إلى المستشفى لتلقي العلاج.

 

معهود كون الخلاف مهما بلغت حدته فأنه ينتهي بحل مهما بدت المشكلة صعبة والقضية معقدة..

لكن.. عندما يعمل الأستاذ على تنحية العقل، ويقذف بالقلم والطبشور بعيداً.. ويستبدلهما بمسدس، يشهره في وجه أحد تلاميذه.. هنا ينقلب من أستاذ للجيل إلى بلطجي.. ومن قديس إلى قاطع طريق.. ومن رجل يحترم القانون.. إلى مجرم يتحايل عليه.. ويسعى لارتكاب الجريمة.

ونحن هنا.. وبعيداً عن تسجيل المواقف نؤكد أن مهمة الصحفي ليست الإثارة، أو ترديد الشائعات.. ولا أيضاً محاولة إلقاء التهم على طرف، وتبرئة طرف آخر.. فهذه القضية تتحمل تبعاتها وزارة التربية والتعليم وأجهزتها كونها الجهة المعنية.

ناقوس الخطر

  يهمنا بالدرجة الأولى معالجة القضية، والبحث في أسبابها، ومنع تكرار حدوثها مستقبلاً.. وأخيراً نقل وقائع ما حدث..

لكن قبل عرض تفاصيل القضية، تلزمنا الإشارة إلى النقاط التالية:

عندما يصل السلاح إلى الفصل الدراسي، ويغدو المسدس بديلاً عن القلم والعقل، فأنه على العملية التعليمية في اليمن السلام.

شخصية الطالب تتشكل من خلال المعايشة والممارسة، عبر تفاعله مع الجو المحيط به داخل المدرسة، وداخل الفصل الدراسي، وهذا هو الأهم في العملية التربوية.

المدرس: هو حجر الزاوية في العملية التعليمية كلها.. لكن حالة المدرس اليمني يرثى لها..

فالمرتبات ضعيفة جداً والتدريب والتأهيل غائب.. والجامعات تفرز الآلاف من الخريجين غير المؤهلين..

وأخيراً:للتربية قواعدها، وللتعليم أصوله وللفشل طرقه  ورجاله.. ونحن أمام حالة مثالية للفشل.

مسرح الحادثة

لم أستطع إخفاء دهشتي من مجريات فصول هذه المسرحية الدرامية داخل المدرسة، وتحديدا في الفصل الدراسي وطرفاها (أستاذ وطالب) وأدواتهم المسدس، والتهديد والسباب والشتائم.

حصة ضرب وخنق

 الزمن يتوقف لحظات.. والحصة الدراسية هي الأخرى تتوقف.. بدون مقدمات يقدم الأستاذ على ضرب أحد الطلاب ويسقطه من على الكرسي. طالب آخر في الفصل يحتج على ما حدث من  أستاذ اللغة العربية – غير أن الأستاذ واجه الطالب بإطلاق سيل من السباب والشتائم..

الأستاذ يترك موقعه في صدارة الفصل الدراسي وينتقل صوب الطالب عقيل ناصر غازي.. وبكلتا يديه يحاول خنقه، غير أن المحاولة كما يبدو لم تشفِ غليله.. تحسس الأستاذ مسدسه الشخصي واستله من جرابه، وهدد الطالب بالقتل.. الفصل الدراسي يخرج عن طوره.. ويفلت زمام سكينة الطلاب.. الرعب والهلع يدب وعلامات الدهشة والخوف تكسو ملامح الكل.. والصراخ يرتفع.

الطلاب يتساءلون ويتبادلون العبارات بتهكم:

يبدو أن الأستاذ ناوي يرتكب جريمة قتل ..

(جريمة قتل) .. هكذا ادركت حقيقة مشاعرهم .. وحده الطالب عقيل لم يجد بداً من ترك المدرسة ، فالموقف خطير ولا يحتمل البقاء ، وحده الهروب إلى المنزل كان الحل .. وفي المنزل قام  بإبلاغ أسرته بوقائع الحادثة ..

عاد الطالب إلى المدرسة بصحبة أحد أقاربه ويدعى جمال شيوعي شماريخ 24 سنة .. بهدف معرفة أساس الخلاف والوقوف أمام أسباب المشكلة والعمل على حلها .. وتلك كانت نواياهم كما قالوا.

الطالــب :  إدارة المدرسة تعلــم أن المدرس يحمل مسدساً

 المثير للاستغراب أن هروب الطالب عقيل من المدرسة ، لم يسبقه الاتجاه إلى إدارة المدرسة للشكوى ..وعندما سألناه عن أسباب ذلك قال انه  سبق وأن ذهب إلى أدارة المدرسة وأبلغها بأن الأستاذ يحمل مسدساً ،ويتعامل مع الطلاب بقسوة..

وأضاف  بأن الإدارة تعاملت بسلبية مع شكواي السابقة .. ولم تتخذ أي إجراءات قانونية .. فكان أن ذهبت إلى المنزل ووجدت أحد أقربائي وهو شماريخ، وفي مكتب الوكيل تطورت القضية ، ولم تتمكن الإدارة من احتوائها  لتنتهي بإطلاق عيار ناري  اصاب قريبي..

أثارت الحادثة الهلع والرعب بين أوساط الطلاب  الذين فروا من المدرسة وقت الحادثة .. فيما قامت أجهزة الأمن باعتقال الأستاذ المتهم وإسعاف المصاب إلى المستشفى

 الشرطة : التحقيق لم يكتمل

في نفس اليوم لهذه الأحداث  المؤسفة قابلنا بعض المعنيين لأخذ آرائهم ..

 البداية في مركز شرطة الحميري المحاذي للمدرسة .. وهناك أعتذر رجال الأمن عن الادلاء بأية تفاصيل حول الحادثة ، لحين استكمال اجراءات التحقيق مكتفين بالقول أن الأستاذ المتهم رهن الاعتقال وقد أعترف بما أقدم عليه وتمت مصادرة السلاح المستخدم ( المسدس ) .

مؤسسة شوذب : قدمت شكوى للوزارة بقضية العنف

أفادت مؤسسة شوذب لحماية الطفولة انها تقدمت في وقت سابق بشكوى لوزارة التربية بخصوص العنف المستخدم ضد الطلاب في المدرسة وكان نائب وزير التربية د. عبد الله ألحامدي قد وعد المؤسسة بتشكيل لجنة لمتابعة قضايا العنف المستخدم ضد طلاب المدرسة .

زيدان:  ضرب الطلاب محظور

غير أن مدير عام الإعلام التربوي إسماعيل زيدان نفى في تصريح لـ ( المستقلة ) علمه بمصير هذه اللجنة ، لكنه أكد أن استخدام العنف وضرب الطلاب محظور وبقرار وزاري كان قد صدر في وقت سابق _ في المدارس الحكومية والأهلية على حد سواء وأضاف بأنه لا توجد لديه معلومات عما حدث في ثانوية "المستقبل"

رأي مديرة المدرسة !

مديرة ثانوية المستقبل الأستاذة نبيلة جبر .. حاولنا التواصل معها ، لكن للأسف لم نتمكن من العثور كون هاتفها مغلقا ..

إلا إنها كانت قد انتقدت في تصريحات صحفية، الاهتمام بالاعتداء على الطالب وإهمال قضية الاعتداء على المعلمين الذين قتلوا خلال السنوات الماضية ، مشيرة إلى أنه من غير المعقول والمقبول حمل المدرس للسلاح.

وأضافت بأن المواطن المصاب لم يكن ولي أمر الطالب ، واتهمته " بالصعلكة "

من المسئول؟

..السؤال الذي ينبغي طرحه هنا :

من المسئول عما حدث  الأستاذ  أم الطالب ؟ أم إدارة المدرسة ؟! أم جميعهم  مسئولون؟ ..

أم أن المسئولية الحقيقية تقع على عاتق فشل العملية التعليمية والتربوية برمتها وعلى رأسها وزارة التربية والتعليم ..!

زر الذهاب إلى الأعلى