إجتماعية

(نــــــــــــــــــوال) ملحمـــت وفاء تذكرنا بزمن قيس وليلـــــــى

المستقلة خاص ليمنات

استولى تامر على مملكة نوال وأصبح وحيداً يغرد في أعشاش قلبها ومشاعرها وأضحت كل خفقة في أوردتها تخفق بحبه وتشهد بعشقها الصادق وهو كذلك كان يبادلها نفس الشعور ويكن لها نفس القدر من الحب والتقدير .. انها قصة حب تعيد إلى الأذهان أيام قيس وليلى وجميل بثينة، ولم يعكر صفو هذا الحب إلاّ ذلك الرفض غير المبرر من قبل أسرة نوال والذي وصل إلى حد تبرأ منها أبوها وأمها وأسرتها بالكامل بعد أن رفضت الزوج الذي اختاره لها والدها وأراد أن يجبرها على القبول به بعد أن صارحته بحبها لتامر الذي أضحى في نظر أسرة نوال شاباً خائناً ومن المستحيل القبول به كزوج لابنتهم نوال.

لقد حاول تامر  أكثر من مرة واستعان بأكثر من شخص للحصول على موافقة والد نوال والقبول به كزوج لابنته لكن كل المحاولات كانت تواجه بالرفض القاطع فاقتنع الحبيبان باستحالة انتزاع الموافقة منه وأن السبيل الوحيد للم شملهما والحفاظ على وشائح ذلك الحب الطاهر الذي يتدفق في عروقهما  هو أن يلجأ إلى المحكمة لعقد قرانهما هناك مهما كانت النتائج المترتبة على تلك الخطوة الجريئة والتي دفعت بها نوال ثمناً باهظاً تمثل في تَبَرُّؤ والدها منها واعتبرتها أسرتها بنتاً مارقة تستحق الموت والنسيان لكسرها الأعراف والتقاليد الاجتماعية التي تمردت عنها .

نفذ تامر ونوال ما أتفقا عليه ودخلا حياة جديدة عامرة بالحب والحنان الكبير الذي أحاط به كل منهما الآخر.. لقد كان تامر حريصاً على تعويض نوال وبلسمة جروحها وآلامها إثر قرار أسرتها التخلي عنها.

مرت ثلاث سنوات على زواج تامر ونوال رزق خلالها بطفلين أضاف وجودهما سعادة وإشراقاً على المنزل الذي ملأت فضاءه  نشوة السعادة وحرسته تراتيل الحب إلاّ أن الأقدار سرقت هذه السعادة من ذلك المنزل وقلبت موازينه لتغرق قلب نوال حزناً وأسى ومرارة، فقد توفي تامر إثر إصابته بجلطة دماغية مفاجئة  كان لموته وقع الصاعقة على قلب نوال التي فقدت برحيله الحب والحنان والسعادة بل فقدت نهر حياتها الدافق.. لقد انتزع الموت منها حبيبها وشريان قلبها فحول حياتها من أفراح عامرة إلى مآتم جائرة أثقلتها بصخور الأسى والألم.

صرخت وبكت كثيراً لكن كل دموعها لم تلق كفاً حنونة لتجفف الدموع المنهمرة من على تلك الوجنتين الورديتين اللتين أخذت غزارتها تحفر عليهما جروح الحزن المستديم وترسم صورة مأساوية خطتها أقلام القدر، حاولت نوال أن تستنجد بأمها وأبيها لعلهما يستجيبان لصرخات حزنها لكنهم جميعاً سدوا أذانهم وتجاهلوا تلك الأنات والاستغاثات التي تذكرهم بعار لم يُنس بعد حسب تقديرهم ارتضت نوال بقدرها لكنها بعد مرور ثلاثة أشهر بدأت تشعر بضيق الحال وسوء المعيشة فالمنزل الذي تسكنه يطالبها مالكه بدفع الإيجار فيما طفلاها يتطلبون رعاية منها تلك الهموم الجديدة التي اضحت مسئولة عنها بعد رحيل تامر أصابتها بحالة نفسية غير مستقرة وقد دفعت والد تامر إلى أخد الطفلين ليتولى تربيتهما.. حاولت نوال اللجوء إلى منزل والدها لكنه قام بطردها من المنزل قائلاً لها لم يعد لدي بنت بهذا الاسم التجأت إلى إحدى صديقاتها والتي استضافتها ليلة واحدة وفي اليوم التالي اعتذرت بحجة أن زوجها رفض مكوثها في المنزل.. لم تدر نوال إلى أين تتجه فكرت أن ترمي بنفسها أمام سيارة عابرة لكي تموت وتتبع حبيبها تامر لكنها تراجعت عن قراراها.

جلست بجانب إحدى العمارات لتخفف من ألم أقدامها ولكي تستريح قليلاً فقد قطعت مسافات طويلة على الأقدام وهي هائمة لا تعرف وجهتها.

كانت نوال تعاني من العطش والجوع كثيراً وأثناء جلوسها وهي تبكي تقدم نحوها رجل متقدم بالعمر عرض عليها المساعدة لكنها لم ترد عليه فألح عليها وكرر عرض مساعدته حينها ردت عليه وطلبت منه كوب ماء لتروي عطشها فسارع الرجل وأحضر لها علبة من الماء، وبعد أن  أرتوت سألها عن قصتها وعن أسباب بكائها فسردت له مأساتها فعرض عليها إمكانية استضافتها في سكنه والمكون من غرفة واحدة والواقع بجانب العمارة التي يحرسها وقال لها إنه لا يبقى ليلا في المنزل..

وتحت ثقل الهم وانعدام الملجأ والضرورة التي حتمت عليها ذلك وافقت نوال، بعد أن أوصلها إلى المنزل ثم عاد لجلب بعض الأكل لها وأقفل مغادراً.

فتناولت نوال قليلاً من ذلك الأكل وارتمت على الفراش لتغط في نوم عميق لأكثر من ست ساعات وحينما استيقظت قامت بإجراء بعض الترتيبات في تلك الغرفة وغيرت من بعض ملابسها ثم توجهت نحو الحمام، وكان ذلك الرجل الذي ساعدها يراقبها من إحدى النوافذ، المطلة على حوش العمارة التي يحرسها فوجد نفسه مذهولاً أمام ذلك الجمال البديع وتلك المفاتن الآسرة التي تتمتع بها  جاست في نفسه وسوسة الشيطان فتوجه إلى الغرفة بعد أن أغلقت الباب جيداً انتظر قليلاً لتخرج من الحمام  وعندما خرجت تفاجأت بوجود ذلك الرجل أمامها كان منتظراً لها فبدأ بالحديث معها ومحاولة مراودتها وأخذ  يقترب منها غرض اقناعها بقضاء ليلة جميلة معها وجهت له صفعة في الخد. ارتفع صوتاهما اللّذان شقا جدران الغرفة ليصلا إلى الشارع ليشدا فضول اثنين من الشرطة الراجلة واللذان بدورهما اتصلا بسيارة الشرطة وقاموا بإيصالهما إلى قسم الشرطة.. نوال تقطن حالياً في دار رعاية المرأة بالعاصمة.

زر الذهاب إلى الأعلى