فضاء حر

نقل التمرد إلى صنعاء

 

تم نقل التمرد العسكري من لودر، التابعة لمحافظة أبين، إلى العاصمة صنعاء. وتظاهر مئات من جنود اللواء الثاني مشاة جبلي، حرس جمهوري، أمس الأول الخميس، أمام مبنى وزارة الدفاع في العاصمة يقول، فيما يقول، إننا حيال فصل جديد من الصراع في اليمن.

يحاول الرئيس هادي تفكيك قوة طرفي الصراع العسكري في البلاد  «قائد الحرس الجمهوري، وقائد الفرقة الأولى مدرع» (في طريق هيكلة الجيش وإنهاء انقسامه، وبنائه تحت قيادة وطنية مهنية)، غير أن ذلك أعاد البلاد إلى قلب «الصراع والأزمة العسكرية» وهذا أمر جيد لأنه يعني أن «عملية التغيير» تسير بشكل طبيعي نحو تحرير الجيش من مراكز القوى التقليدية التي هيمنت عليه واحتكرته منذ 3 عقود، وتقتضي الإشارة هنا إلى أن «حالة الهدوء» النسبية، التي عاشتها البلاد، خلال الأشهر الماضية، بين طرفي الصراع العسكري، تبدو كما لو أنها عملية تطبيع يتم فيها دفع الحياة العامة إلى فقدان الأمل بـ «ثورة الشباب» والتعايش مع «حالة اللاوضع» الحالية، وهو الأمر الذي دفع البعض إلى الترحم على الوضع السابق، إن لم يكن «الحنين» إليه. والشاهد أن الأداء الباهت والهزيل لحكومة باسندوة عمل على إعادة الروح لنظام صالح.

إلى ذلك؛ أفقدت «حالة اللاوضع» هذه حماس الناس لـ «الثورة» وللتغيير، ووفرت هامشاً للرئيس السابق، علي عبدالله صالح، أكد فيه أنه ما زال يُمثل مركزاً رئيسياً لعملية الاستقطاب العسكري والاجتماعي والقبلي. ولئن بدا واضحاً أن الشرعية الدستورية، بما هي مركز استقطاب وثقل، لم تنتقل بعد إلى الرئيس هادي، تجلى، ويتجلى، اللواء علي محسن الأحمر كمركز استقطاب ثانٍ في مواجهة الرئيس السابق، وهو الأمر الذي يؤكد أن اليمن ما زالت رهينة بين طرفي هذا الصراع.

التمرد العسكري القائم يؤكد أن إعادة هيكلة الجيش هي الأمر الذي يجب أن يتم الآن وبشكل سريع. وأقصد بالهيكلة معناها البسيط والمباشر المتمثل في إقالة، أو إزاحة إن أردنا تخفيف الكلمة، أحمد علي وعلي محسن من قيادتي الفرقة والحرس؛ ذلك أن بقاءهما في موقعيهما سيجعلهما يستمران كمركزي استقطاب رئيسيين على حساب موقع الرئيس هادي ومهامه، بل وعلى حساب اليمن كبلد وكشعب.

إن بقاء قائدي الحرس والفرقة في موقعيهما يشجع على استمرار عمليات رفض قرارات الرئيس هادي، والتمرد العسكري عليها، وهذا يحول، في الإجمال، دون عملية نقل السلطة، ويحشر البلاد في هذا المربع الضيق للصراع. والحاصل أن القادة العسكريين الذين استهدفتهم، وستستهدفهم، قرارات هادي يلجؤون، وسيلجؤون، إلى التمرد والرفض لأنهم على ثقة بأن قوة النفوذ والسلطة ما زالت بعيدة عن الرجل الأول في البلاد. والحال كذلك؛ تتراجع الشرعية الدستورية لصالح شرعية مراكز القوى والنفوذ، التي تحمي هؤلاء المتمردين، وتكافئهم، فتنشأ شبكة مصالح تحول الجيش إلى جماعات من المرتزقة.

لا يُمكن لعبد ربه أن يُصبح رئيساً فعلياً لليمن مع استمرار بقاء أحمد علي وعلي محسن في قيادتي الحرس والفرقة.

Naifhassan5@hotmail.com

 

المصدر: صحيفة الشارع

زر الذهاب إلى الأعلى