فضاء حر
كن قاتلا وإلا
يمنات
لا فرق بين من كانوا يوجهون إلى صدورنا فوهات المدافع والرشاشات وبين من يزهقون أرواح الناس البريئة بإهمال وتسيب في المستشفيات الحكومية والخاصة ، لا فرق بين شوارع واجهنا فيها الموت وجها لوجه وراح فيها خيرة شبابنا وبين مباني مزهنقة وأنيقة تصدرإلينا الموت بطريقة مجانية وبكل هدوء ، هذا ما يحدث دون أن يلتفت أحد إلى ما يحدث ، ويمر الأمر مرور الكرام .
المستشفيات الحكومية اليوم صارت مجرد مباني خاوية على عروشها ينخر في جسمها الفساد والموت يترصد للداخلين إليها في كل ركن من أركانها .
كنت قد تحدثت إلى المحافظ شوقي هائل سعيد في اللقاء الرمضاني مع شباب الثورة عن ما يحدث في مستشفى الثورة العام في تعز من مخالفات وفساد وتسيب وإهمال شديد نزل على إثرها في زيارة مفاجئة للمستشفى وأطلع عن كثب عما صار إليه حال المستشفى وشدد على ضرورة إعادة النظر في أوضاع المستشفى وطرح لحلول والمعالجات لكل تلك الاختلالات وكان قراره الأخير بإيقاف مدير المستشفى والأعضاء الهيئة الإدارية موفقا مع اختلافي الشديد لإسناده المهام لمديرعام الصحة القيام بإدارة المستشفى ولو بشكل مؤقت والتطويل في مثل هذا الأمر .
وأجد نفسي هنا مضطرا لإبراء ذمتي كأحد أطباء مستشفى الثورة العام بما حدث مؤخرا حين وجدت أحد الشباب في الثلاثينات من العمر يصارع سكرات الموت بسبب خطأ طبي حين كان يعاني من حالة خلع في الكتف وعند حضوري لاستلام الحالة من المناوبة السابقة قدمت لي الحالة على أنها حالة تحسس من أحد الأدوية وعند معاينتي للحالة لم أقتنع حينها بالتشخيص وبما هو مكتوب كوني أمتلك خبرة خمسة وعشرون عاما من العمل في مجال التخديروبعد رجوعي للوصفات في ورقة العلاج التي كانت بحوزة مرافق المريض وجدت وصفة العلاج المكتوبة للمريض من نوع (ATRACARUM) وهو المستخدم في الإعدام في الدول المتقدمة وهو ما كان خطأ طبي من قبل إحدى الطبيبات الحديثات التخرج ، لم أستطع حينها أن أسكت على ما حدث وتم إقناعي على أن أتجاوز عن الموضوع دون أن أثير أي ضجة ما لم فسيتم إيقافي من العمل وهو ما تم بالفعل ومن ثم تم تحويلي للعمل في قسم الولادة ، وهنا أجد نفسي محملا أمانة مهنية وأخلاقية بفضح كل التجاوزات والانتهاكات إيمانا مني بدوري الأخلاقي والثوري من مكان عملي وبما يمليه علي ضميري الأخلاقي والإنساني لوجه الله رافضا أن ألجم صوتي أو أغض بصري عن كل ما يقابلني من فساد وتسيب وإهمال في مكان عملي معاهدا الله والوطن أن أكون مثالا حسنا في المكان الذي أعمل فيه فمنه ثورتي اليومية التي لابد من الاستمرار فيها .
* طبيب تخدير وإنعاش