فيلسوف ثورة الشباب في خطر

يمنات
ما حدث من اعتداء على جرحى الثورة الشبابية في ساحة الحرية أمام بوابة مجلس الوزراء, يتحمل مسؤولية رئيس المجلس الأستاذ محمد سالم باسندوة, لأن ما حدث تم في حرم مكتبه, وهو رئيس حكومة الوفاق التي أتت نتيجة لثورة هؤلاء الشباب الذين سُرقت ثورتهم, واليوم يتم الاعتداء عليهم لأنهم اعتصموا من أجل ابسط طلب حقوقي, وهو تسفيرهم للعلاج. ألم يكن ذلك من حقهم؟ أم أنهم وصلوا واعتصموا من أجل الإنصاف, وإذا بهم يحصلون على العكس, وتزيد حكومة الوفاق الطين بله بفعلتها هذه والشروع بالقتل لواحد من أركان الثورة الشبابية؛ فيلسوفها القاضي أحمد يسف حاشد, الذي أعتصم مع الشباب, وأضرب معهم عن الطعام طيلة 15 يوماً أو يزيد, وكانوا لا حول لهم ولا قوة, وقد أغمي على أكثرهم وهم يفترشون الأرض ويلتحفون البرد, وبدلاً من أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها أمرت بتفريغ ساحة الاعتصام بالقوة العسكرية وبالتهديد والوعيد, أية حكومة هذه؟يا أستاذ محمد سالم باسندوة, لقد وصلتم إلى هذه الحكومة بسبب هؤلاء, ومن أجلهم, إما أن تتحملوا مسؤوليتكم كما وعدتم بتنفيذ المرحلة الانتقالية وإخراج البلاد مما عصفت بها, وإما أن تذهبوا بماء الوجه دون التفتيش في الأوراق, وهذا هو الأفضل.
أنتم الآن تنفقون أموال الدولة "عمال على بطال", وتقولون إنكم تحققون إنجازاً, فما هو المنجز الذي حقق للمواطن؟ وما هو البرنامج الإنمائي الذي تم التخطيط له خلال المرحلة الانتقالية؟ وما هي الأموال التي صرفت من أجله؟ ألم يكن عبثاً أن نكرر وأن نقول تم توفير الكهرباء والمشتقات النفطية للمواطن, فماذا يريد بعد؟ معروف لدى الجميع أن هذه المرحلة دقيقة وخطيرة, ولا أحد ينكر هذا, وأنتم تحملتم المسؤولية على هذا الأساس, أليس كذلك؟ فمن حق المواطن الغلبان أن يطالبكم كيف توفرون له سبل العيش الكريم, وأن تضعوا حجر الأساس لدولة المستقبل دولة النظام والقانون, أم تريدونه يعود ليندب حظه ويقول إن الماضي لم يكن أسوأ من الحاضر؟ أتريدون أن توصلونا إلى هذا؟ كلا, مهما يكن, فلن نقول إن الماضي أفضل من الحاضر, وأن تعملوا بحسابكم أن ثلاثي الثورة قائم: الحراك الجنوبي, ومحمد بوعزيزي, وأحمد سيف حاشد, وأن الالتفاف على الثورة لن يتكرر مرة أخرى, نزول الفرقة بعد جمعة الكرامة يوم 21 مارس 2011, وإيقاف الغليان الشبابي الثوري تحت مبرر حماية الثورة, فقد ظهر وبان يوم أن أصدر الرئيس هادي قرارات هيكلة الجيش, وأما المشترك فقد كل ومل من الحوارات التي لم تقضٍ إلى شيء, وحدد موقفه بشكل واضح من الحوار مع النظام السابق, وهذا كان موقفاً ايجابياً يصب في مصلحة ثورة الشباب لو لم يعلنوا أنهم متبنون للثورة.
معروف أن الشباب معظمهم في الساحات هم شباب المشترك وأحزاب أخرى, ولكن الأسبقية كانت للمستقلين, وعلى رأسهم النائب احمد سيف حاشد, المعروف بمواقفه مسبقاً, إلا أن الرياح تأتي بما لا تشتهي السفن, فقد نزل المشترك بكل ثقله ليؤكد وقوفه بوضوح تام مسانداً الثوار, ويدعمهم سياسياً وإعلامياً ولوجستياً, على خلفية أن النظام هو من أصل الشباب إلى الثورة عليه, بسبب تعنته وقبحه.
ولكن المشترك تعجل النزول, وجير كل شيء عن الشباب, مما أدى إلى استدعاء الخارج, وبالذات دول الجوار, وهذا الاستدعاء أتى إلينا بمكرمة المبادرة الخليجية, وهي القشة التي قصمت ظهر البعير, لأن المبادرة أعطت الحق لمن ليس له حق, واستغلت الثغرات والفجوات التي بها, ولصالح من هم مع النظام وجزء منه, ولا مبرر لوجودهم داخل أطر الثورة, سواء كان بحسن نية أو العكس. ولو أن النية سليمة لكانوا نزلوا إلى الساحات مدنيين مثلهم مثل بقية الشباب, ولم يقيموا الحواجز وسد الشوارع الفرعية تحت المبرر السابق.لقد تبين توزيع الأدوار بوضوح جلي.قد يقول قائل إن قوات النظام السابق ستسحق الساحات, وهذا وارد, وقد حصل, لكن الثوار الشباب كانوا قد حوصروا مسبقاً, ولم يكن من خيار لهم إلا الصمود برغم كل شيء. وهناك مخرجات أخرى يرددها ويكررها حلفاء النظام السابق, الذين قامت الثورة الشبابية نتيجة لفعلهم وعنجهيتهم.
وأما المبادرة المباركة دولياً وإقليمياً, فقد كانت مخرجاً لأطراف لنظام الأسري المستحوذ على كل شيء, تحت مبرر الحرب الأهلية وحرب الحصبة والانفصال المفتعل, والذي هم أصلاً من دعاته, إذا ما فقدوا مصالحهم.
ولهذا فالثورة كانت بكل المقاييس ناجحة ناجحة, وربما كانت الخسائر أقل, ومهما تكن الخسائر, فإن النجاح لثورة جذرية مؤكد لا محالة, ولا ثورة بدون فع الثمن, ومهما يكن الثمن لم يكن هو الأسوأ, وكل الاحتمالات مفتوحة ومعمول لها حسابها, والعبر في النهاية عند المحصلة..
نقلا عن صحيفة الأولى