فضاء حر

إذا كانت الوحدة ستمزق الشعب وتسفك الدماء فالانفصال سيوحد الشعب ويحقن الدماء

يمنات

سلاح الفتوى أصبح في وقتنا الحالي كسلاح يستخدمه الجهلاء بقناع العلماء في معركة يخوضونها متسلحين بالسيف في مواجهة قوة متسلحة بسلاح أحدث كالطائرة بدون طيار، فقد كان السيف في زمن معين هو السلاح الفتاك ولا يجيد استخدامه إلا فارس بارع يتصف بالشجاعة، وفتاوى اليوم كانت تستخدم في زمن مضى فيه عامة الناس خيم عليهم الجهل وبشكل كبير، ولكن بعد أن وصل الناس إلى مرحلة متقدمة من الوعي وبعد أن أخذوا دروس من الأحداث السابقة ،أصبحوا يفرقوا بين فتوى صائبة وفتوى متعصبة، ولم يتبق إلا القلة القليلة الذين لا يزالون متأثرين بهذه المرجعيات التي تستخدم هذا السلاح القديم ، فلو قارنا بين حالتين عايشهما الشعب اليمني ، وكيف كان التناقض بينهما وكيف تم التعامل معهما أيضا، فالحالة الأولى: كانت حرب صيف1994 حيث صدرت فتوى الديلمي الشهيرة والتي أجازت قتل النساء والأطفال من ابناء المحافظات الجنوبية ،وغاب الشعور الإنساني بأن هذه دماء يمنية ومسلمة تسفك بدون أدنى سبب إلا لأطماع دنيوية، أما الحالة الثانية: ما شهدناه مؤخرا مع بداية الثورة الشبابية 11فبراير 2011 وبعد طرح المبادرة الخليجية ظهرت لنا فتاوى عديدة تقول أن صالح مفسدة كبرى والحصانة مفسدة صغرى ،ودفع المفسدة الكبرى بالصغرى واجب، وبرر علماؤنا الأفاضل بأن المبادرة جاءت لحقن الدم اليمني متغافلين عن إقامة الحد على السارق والقاتل وقاطع الطريق ، وبهذه التبريرات سمحوا للسارق يتهنأ بما سرقة من أموال الشعب ويستمر بالسرقة، وحصنوا القاتل ومنحوه امتيازات لا يحصل عليها أي قاتل على وجه هذه الأرض، وسمحوا لمن قطع الطرقات بمواصلة ممارسة هذه المهنة، بينما تعاملوا مع قضية الجنوب برفع شعار (الوحدة أو الموت)، واعتبروا الحرب عليها جهاد في سبيل الله، والآن تتجدد هذه الفتاوي، ولكن فتوى الأمس غير فتوى اليوم، فالشعب لم يعد ذلك الشعب الجاهل فقد صقلته التجارب وأتعظ من الفتاوى المتعددة ،حتى وصل إلى قناعة بأن هذه الفتاوى ماهي إلا ذر الرماد على العيون ، للوصول لغايات خاصة أو أنها تخدم أغراض ومصالح معينة ، فعنما يفتي أحدهم بجواز قتل من يطالب بفك الارتباط ،معنى ذلك أن من خرج مشاركا بتلك المليونيات التي شهدتها ساحة العروض بعدن وكذا ساحات المكلا وعدد من المدن الجنوبية ، كل هؤلاء يجب قتلهم، (يعني ما يحصل للمسلمين ببورما هو ناتج من فتاوي هؤلاء)،وبهذه الفتوى تناسوا حاجة اسمها حقن الدماء أو مفسدة كبرى ومفسدة صغرى ، لذا على هؤلاء تجار الفتاوي، أن يتواروا عن الأنظار ولو مؤقتا، حتى يصل أبناء اليمن إلى اتفاق حول شكل الدولة اليمنية وطبيعة النظام ، فإن تنازل أبناء المحافظات الشمالية وبالذات من في كروشهم ثروات وممتلكات أبناء الجنوب، وقاموا بالتنازل من أجل الوحدة بإعادة كل ما نهبوة، وقدموا اعتذار والتزموا بإقامة دولة مدنية حديثة ، ويكونون هم أول من يقدم المبادرات بالتخلي عن السلاح والهيمنة المشيخية، فبالتأكيد سيكون أبناء المحافظات الجنوبية من أوائل المؤيدين للوحدة والحريصين على بقاءها، والأكثر التزاما بالمدنية، وإن أصر أبناء المحافظات الشمالية في الحفاظ على الوضع الراهن ،فما عليهم إلا أن يقدموا كل التسهيلات ويبذلوا كل ما في وسعهم لمساعدة إخوانهم أبناء المحافظات الجنوبية لإقامة دولتهم، وبهذا ستزول الكراهية التي جاءت نتيجة لسوء التعامل مع القضية الجنوبية، وعندها سيبقى شعب واحد كما كان قبل الوحدة بدولتين ،أفضل من شعبين في دولة واحدة ،فالانفصال بدون إراقة دماء أفضل من الوحدة بسيل من الدماء، فالذي حرص على تطبيق المبادرة الخليجية لحقن الدماء، علية أن يحرص على وحدة الشعب من أجل حقن الدماء أيضا ولكن بدون السعودية.

زر الذهاب إلى الأعلى