فضاء حر

القوى السياسية وحتمية إعادة النظر في ادوات مواجهة حركة انصار الله

يمنات
ان تكريس الخطاب التعبوي المعادي لحركة الحوثي من قبل بعض القوي السياسية كحزب الاصلاح والاستسهال والتبسيط التي تعبر عنه بعض القوى اليسارية الاخرى، في ذات السياق ليس العلاج المحمود لحالة تمدد وانتشار حركة انصار الله .. خاصة وان هذه الحركة تتوسع في ظل تصدع وطني فاقمته العملية السياسية التي لحقت ثوره فبراير والتي اوصلت المواطن الي اقصي درجات اليأس والاحباط والتعطيل الكامل لخواطر ومعطيات أي امل جديد للتغيير في هذا البلد ما دفع هذا المواطن في الأخير الي حتمية التفاعل والترحيب بتمدد الحوثيين لدرجة ان الكثير باتوا يروا في هذه الحركة هي المنقذ والمخلص لليمن من القوى المتغولة التي تفتك به منذ عقود، لاسيما بعد تمكن الحوثيين من اسقاط مشيخة آل الاحمر في حاشد والحاق الهزيمة القاسية بها..
ان شعور معظم اليمنيين بذلك تجاه حركة أنصار لم يكن ناتج عن حالة واعية ومتأنية او قراءة موضوعية لمعطيات اللحظة وافاق تطوراتها انما اتى انعكاسا لحالة الاحباط التي يعيشها الشارع في ظل فشل القائمين في السلطة في توفير ابسط مقومات الحياة من امن وخدمات بسيطة.
لقد ادركت النخبة الحوثية المزاج العام الذي يسيطر على الشارع وعملت على واقع الارض في مناطق توسعها جاهدة في محاكاة هذا المزاج ومدت الوسائط والجسور الاجتماعية بينها وبين المواطنين لاسيما في مناطق تمددها وذلك بتوفير الحد الادنى من الامن وتبديد مظاهر الفوضى والتقطعات والسلب والنهب ليجد المواطن في صعدة وحاشد نفسه افضل حالا مما كان .. الا ان الحوثيين ورغم ذلك لم ينجحوا لحد الان في تبديد المخاوف والشكوك التي تبثها الاله الاعلامية لخصومهم في وعي قطاع كبير من المواطنين.
ما يجب علينا ان نعيه جميعا .. هو ان استمرار مواجهة الحوثي بالأدوات التي يمارسها خصومه يعني توفير مساحة اكثر له لتحقيق التمدد الجغرافي على الارض والوجداني عند الناس.

انما تقتضيه المصلحة الوطنية علينا جميعا في مواجهة الحوثي بالأدوات المدنية والخطاب العقلاني الناقد المحاكي للموضوعية السياسية ذات المضمون الاجتماعي والتاريخي التراكمي لهذا الوطن .. وذلك انطلاقا من اعتبار حركه انصار الله جزء من هذا المجتمع ومكون اساسي في العملية السياسية القائمة وبالتالي يتم التعامل مع هذه الحركة على ارضية المشترك الوطني وعبر الادوات المدنية الرشيدة والمقوننة.
بمثل هكذا معادلة وادوات يمكننا احتواء انصار الله وتطويعهم وتأطيرهم ضمن مشروع وطني واحد يضمنا جميعا يكون الجميع فاعلين ومشاركين فيه وبذلك نكون قادرين على كبح جماح أي مطامع او مشاريع يسعي اليها أنصار الله خارج المشروع الوطني.
هذا المشروع الذي لم يولد بعد ما ان تظل القوى السياسية الدينية تعامل مع الحوثي بالكيفية القائمة وتعمل عبر خاطبها الاعلامي جاهدة في اعاده انتاج انصار الله في الوعي العام انتاجا طائفيا عصبويا وخطرا محدقا على النظام الجمهوري , فان النتيجة ستكون تمدد هذه الحركة وتكتلها فعلا على تلك المعطيات والمحددات كحتمية لبقائها وكذلك تمزيق الوعي الشعبي و ما تبقى من الهوية الوطنية الواحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى