الزخم الكبير للحراك الجنوبي يتركز في محافظتي الضالع ولحج
في الجنوب وتحديدا في بعض المحافظات كالضالع ولحج وأبين، باتت هناك ظاهرة مقلقة للسلطات اليمنية، تمثلت في الرفض التام من قبل أنصار الحراك الجنوبي ومجموعة من المواطنين للعلم الوطني للجمهورية اليمنية، واسترجاع رفع العلم الشطري، علم «جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية»، في كافة الفعاليات والمظاهرات التي ينظمها الحراك، ليس ذلك فحسب، بل إن عددا من الشبان قتلوا أو جرحوا على يد قوات الأمن، أثناء محاولتهم رفع العلم الشطري أو إنزال علم الدولة الموحدة، وهذا ما يمكن أن يلمسه أي زائر للمناطق الجنوبية.
الشيء الأبرز والمقلق لكافة شرائح الشارع الجنوبي، هو الجانب الأمني الذي يزداد تدهورا في ظل عدم تسجيل نجاح أجهزة الأمن في ضبط أي من مرتكبي بعض الجرائم.
ولعل كثيرا من الأشخاص يتساءلون عن سبب الزخم الكبير للحراك الجنوبي في محافظتي الضالع ولحج، على العكس من المحافظات اليمنية الأخرى، ويرجع الأمر، بالطبع، بحسب المراقبين، إلى أن جيش اليمن الجنوبي السابق، كان معظم منتسبيه من هاتين المحافظتين الذين جرى تسريح معظمهم بعد حرب صيف 1994م ونفس الحال مع الموظفين المدنيين، وقد تهكم الكثير على تلك الإجراءات، حينها بالقول إن هؤلاء المسرحين أو المجمدين انضموا إلى «حزب خليك في البيت»، ويكاد يجزم الكثير ممن التقتهم «الشرق الأوسط» أن هذا الحزب الافتراضي، ساهم كثيرا في وجود الحراك الجنوبي.
وقد رصدت «الشرق الأوسط» عددا من الوقائع في مسيرة الحراك الجنوبي وردود الفعل الحكومية خلال السنوات الثلاث الماضية: – اتساع رقعة الحراك وقاعدته في الجنوب، وإن كان تجنب قمع فعالياته التي بدأت في حاضرة الجنوب، مدينة عدن، ونقل فعالياته من ساحة الهاشمي فيها إلى ساحات أخرى في مناطق قبلية، لا تجدي الحواجز الأمنية فيه نفعا، كما هو الحال في المدن.
– أكثر المناطق التي يوجد فيها الحراك بقوة هي محافظات الضالع ولحج وأبين وبعض مناطق محافظة شبوة ومدن محدودة في محافظتي حضرموت والمهرة، وانحسار لدوره في عدن، ربما بحكم تركيبتها السكانية المختلطة من مختلف المناطق في اليمن ومن جنسيات أخرى، مثل الهندية والصومالية وغيرها، وبالطبع الفئتان الأخيرتان لا تمثلان نسبة تذكر من السكان، وأيضا، بحكم مدنية سكان عدن.
– الحراك الجنوبي استثمر أعضاءه وأنصاره في الخارج، تحديدا، لينشط إعلاميا، بعد أن ضربت الصحف الموالية له في الداخل كصحيفة «الأيام» التي ما زالت موقوفة منذ أكثر من عام، فعمد إلى استخدام شبكة الإنترنت لإنشاء مواقع إخبارية ومنتديات حوارية واجتماعية والدفع بمناصريه للمشاركة الفاعلة على شبكة الإنترنت، ليشكل حضورا إعلاميا مهما في الوقت الراهن، ساهم، إلى حد كبير، في إبراز قضيته للعالم، هذا عوضا عن إنشاء قناة في الخارج تبث على أحد الأقمار الصناعية غير المعروفة، لكن ورغم أدائها غير الاحترافي وسيئ الجودة، فإن قاعدة واسعة من الناس تتابعها، حتى من غير الجنوبيين.
– نجحت العصيانات المدنية والمظاهرات في المناطق المذكورة آنفا، لكن الملاحظ أن فاتورة ذلك النجاح كانت كبيرة وبعشرات القتلى ومئات الجرحى.
– يمكن ملاحظة، أيضا، أن مسيرته تأثرت كثيرا بأعمال العنف التي تقع ويذهب ضحيتها أبرياء وتنسبها السلطات إلى مسلحين من أتباعه، كما تأثرت مسيرته باعتقال عشرات القيادات في أوساطه ومئات الأنصار، من مختلف المحافظات.
أما على صعيد ردود فعل السلطات اليمنية مع تنامي الحراك الجنوبي، فقد عمدت إلى جانب إلصاق تهمة العنف بأنصاره، إلى: – محاولة استمالة بعض قياداته وأنصاره وإغرائهم بالأموال والمناصب.
– تكثيف الحملة الإعلامية ضده، من خلال مختلف وسائل الإعلام أو من خلال تأسيس و«تفريخ» صحف ذات أسماء ومناطق إصدار جغرافية وشخصيات جنوبية.
– الاعتقالات طويلة الأمد والمحاكمات بتهم «المساس بالوحدة الوطنية» والقيام بـ«أعمال التخريب» والأعمال الخارجة على القانون.
– محاولات كثيرة لشق صفوفه مع تعدد مكوناته، رغم أنه لا يمكن إنكار وجود تباينات في أوساط قياداته ومكوناته.
كانت تلك مجرد نقاط مستخلصة في إطار التطرق إلى ملف الحراك الجنوبي. لكن ومن خلال الحلقات الماضية في هذا الملف ومن خلال المشهد السياسي برمته في اليمن وتحديدا مواقف بعض الأطراف المعلنة منذ فترة التي أعلنت مؤخرا، وكذا التي لم تعلن ويتم تناولها تلميحا، يمكن القول إن مستقبل اليمن يراه كثيرون في أيدي أبنائه، الذين بيدهم الحفاظ على دولتهم أو تركها لمهب الريح.
الشرق الأوسط-عرفات مدابش