أين ذهبت الكوفية؟!
المعارضة وصلت للسلطة بالظاهر، لكنها ما زالت تعيشها في عقلها الباطن، ومهمتنا أن نقنع هؤلاء القوم بأنهم وصلوا للسلطة، ونقول لهم لا تخافوا الكراسي ما في تحتها أي ثعابين من اللي كنتم تسمعون عنها، أنتم الآن في السلطة، يعني تخلوا صدوركم واسعة زي أصحاب الباصات، وترفعوا شعار الوساع في القلوب، وتصلوا عالنبي، وتمنحوا الناس فرصتهم في المعارضة عليكم لكي تقدموا النموذج الذي كنتم تعارضون في الماضي للمطالبة به.
أما أن ترددوا شعار عادل إمام في مسرحية مدرسة المشاغبين: "بعد 30 سنة معارضة يقولي أقوم أقف …".
في دول العالم المتقدمة يعلمونهم كيف يتصرفون كسلطة؟! فتجد المسؤول يتعلم طريقة أكله ومشيه وتصرفه وتعامله مع الأزمات المختلفة. في بلادنا تجد سلطة تنتقد السلطة، والسلطة والشعب يتبادلان الشكا والبكاء، لا تعرف شعب من سلطة إلا بالامتيازات التي يحصل عليها المسؤولون، ولا سلطة من معارضة إلا بنقار الديوك المتبادل بينهم.
احكم سوقك، فأي فشل سيحدث ستكون سببا فيه، استقبل الانتقادات بروح رياضية، وعالج السلبيات بحكمة ومسؤولية. البلاد ليست ناقصة مشاكل، اعرف ما تقول جيدا، الكلمة منك محسوبة، أنت مسؤول، مطلوب منك أن تهدئ النفوس، لا أن تثيرها، مطلوب منك أن تعالج المسائل، وليس كلما شفت مظاهرة على أي تقصير، قفزت وسطها وتناسيت مهامك كمسؤول، داخل مع بيت العروسة خارج مع بيت العريس.
لماذا لا تقتنع أنك لم تعد معارضة؟ هل الحب بينك وبين السلطة من طرف واحد؟ هل تعيش معها هيكلا، وروحك في المعارضة؟
المفروض أن فترة بعد الثورة تمثل حالة فطام للمعارضة من المعارضة، والقيام بواجباتها في السلطة، وعدم الانسياق وراء توتر الأوضاع أكثر مما هي عليه، والمساهمة الفعالة في إنجاح الحوار والدولة الجديد والحكومة.
هناك تدريبات صباحية للتغلب على هذه المشكلة، كأن تستيقظ السلطة؛ أقصد المعارضة؛ قصدي السلطة المعارضة أو المعارضة السلطة.. المهم تستيقظ كل صباح وتقف أمام المراية وتردد 30 مرة عبارة: "أنا سلطة أنا سلطة، لست معارضة لست معارضة".
الأمر أشبه ما يكون بحكاية واحد ظل طوال 30 سنة وهو يسأل أين سارت الكوفية؟ أين سارت الكوفية؟ ولما حصل الكوفية حطها فوقه رأسه، ونسي أنها فوق رأسه، فرجع يعيش دور الماضي: أين سارت الكوفية؟ أين سارت الكوفية؟! يدور على الكوفية وهي فوق رأسه!
عطروا قلوبكم بالصلاة على النبي.
عن صحيفة " الأولى"