فضاء حر

قتل الجنوبيين ضرورة سياسية

في الحقيقة لقد أفزعني وأرعبني بيد أنه لم يدهشني ما علمته عن تصريح للقيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان الذي قال فيه بأن "فتوى الديملي كانت فتوى سياسية أقتضتها الضرورة" وذلك في رده على سؤال وجهه إليه أحد أعضاء قواعد الإصلاح في حضرموت في عام 2006 ضمن الحملة الإنتخابية لمرشح الرئاسة فيصل بن شملان رحمه الله وذلك كتبرير لإصدار الفتوى المشؤومة سيئة الصيت التي أهدرت دم أبنائنا الجنوبيين في حرب 94 بدلاً من إدانتها والتي أغتالت أيضاً الوحدة اليمنية مما يدل دلالة قطعية بأن "الدين الإسلامي" لدى هذا الحزب ماهو إلا وسيلة سياسية لتبرير إرتكاب الجريمة. وإذا ما تابعنا الأحداث الإجرامية ذات الطابع السياسي على الساحة اليمنية منذ إنشاء هذا "التمصلاح الإسلامي" سنكتشف بما لا يدع مجال للشك وجود سياق موحد عن فكر فلسفي ممنهج يُخضع العمل السياسي لدائرة الإجرام الجنائي للدفع بأجندات سياسية واضحة. وقد يكون مفتاحنا في معرفة هذا المنهج الفلسفي الإجرامي هو البحث بأسلوب إستقصائي في الطريقة التي تمت بها ، على سبيل المثال لا الحصر ، عملية إغتيال القيادي الإشتراكي المناضل جار الله عمر التي يعرف الجميع خلفياتها السياسية والإجرامية والقياس عليها في بقية الجرائم الأرهابية الأخرى.

مجزرة السبعين ليست حدث إرهابي عارض كما يطرح أو يحاول البعض عن عمد لتبسيط وتمرير القضايا الوطنية الخطيرة او رمي الكُرة على أهداف خارج الملعب ، ولا يمكن أيضاً الحديث عنها بمعزل عن التطور المنطقي والتاريخي والسياسي للأحداث الجارية على الساحة اليمنية بشكل عام. بل أنها حدث تراتبي يقع في السياق المنطقي للمنهج الفلسفي الذي يتخذه أحد أطراف الصراع في أداءه السياسي كوسيلة للوصول إلى السلطة مما شكلت ظاهرة إجرامية متأصلة يمارسها هذا الطرف طالما أنها تخدم غاياته السياسية اللاشرعية وطالما أستمر في إعتقاده أن يد العدالة لن تصل إليه لاسيما وأن ممارساته الإرهابية هذه باتت إحدى أهم وسائله التي مكنته منذ زمن طويل للوصول إلى مستوى عال من النفوذ والتسلط والسطوة والعلاقات الخارجية المشبوهة.
لقد تحولت الممارسات الإرهابية في اليمن بسبب منهجية هذا الحزب المتأسلم إلى ظاهرة سياسية ملفتة ومنفلته مما جعلها أداة جذب أقليمي ودولي لليمن التي وضعت تحت الوصاية الدولية وذلك بسبب الجرائم التي أرتكبت من هذا النوع خلال تاريخ اليمن المعاصر التي لم تطالها يد العدالة حتى هذه اللحظة. والسبب الرئيسي في عدم الكشف عن المجرمين الحقيقيين ليس لعدم معرفة الجناة بل لوجود أوراق وكروت سياسية متبادلة لا تخلو من تواطؤ بين أطراف محلية وإقليمية ودولية تصب جميعها في خدمة الأجندات الخارجية بطريقة مباشرة ، لذا أصبح من الصعب على يد العدالة أن تطال هؤلاء الجناة ، بل على العكس من ذلك باتت هذه الأعمال الإجرامية بمثابة أرصدة قوية تقربهم من إغتصاب الحكم والمال والأدوات الإعلامية المنحرفة. وطالما استمرأ هؤلاء المجرمون الطريق الإجرامي للوصول إلى السلطة والحصول على المزيد من الإمتيازات فما أسهل هذا عليهم من خلال إمتلاكهم للآليات المادية والفكرية لاسيما وأنه بات من المؤكد بأنهم لا يؤمنون بأي عدالة لا أرضية ولا سماوية ناهيك عن الدعم المادي والعسكري الكبيرين الذي يتلقونه من الخارج للقيام بالمزيد من هذه الجرائم خاصة بعد إبتكار واحتكار كبش الفداء الجاهز لذبحه بعد كل جريمة وهو (تنظيم القاعدة). 
وبحسب الوثائق التي تم العثور عليها في بيته من قبل الأمريكان ، قُتل أسامة بن لادن وهو متحسراً على الوضع الذي وصل إليه تنظيمه الذي أتسم بإتخاذه أساليب القتل والتفخيخ والمجازر وغيرها ضد المسلمين دون حسيب أو رقيب مما يدل على أن الأمور قد خرجت عن سيطرته هو وتنظيمه ليتم إستغلال عنوانه الدولي العريض (القاعدة) من قبل كل من يحمل جينات شيطانية أياً كان نوعه لا سيما الذين يمتلكون أدوات التسلط والقهر والإجرام من ثروات وأسلحة فتاكة للبطش دون أية رقابة للوصول إلى مآربهم بأي ثمن.
التركيز الإعلامي المكثف والمنحرف والممجوج على البحث في شخصية من قام بتفجير نفسه في ميدان السبعين بمعزل عن السياقات الفكرية والإيدولوجية الحاضنة لهذا المجرم والممولين الحقيقيين لهذه الحاضنات لن توصل الشعب اليمني إلى الحقيقة الغائبة التي تُذكرنا بنفس الأسلوب التي ركز فيها الإعلام حينذاك في شخصية قاتل جارالله عمر بينما من وضع سيناريو وإنتاج الجريمة يقوم بتدبير قصة إرهابية أخرى بالضبط كما هو الحال الآن ، يتم التفتيش عن الخيوط التي توصل المنتحر في ساحة السبعين بتنظيم أنصار الشريعة بينما الجناة الحقيقيون الذين يفرخون عناصر هذا التنظيم الإرهابي يقومون بتفقيس جريمة جديدة أخرى كوسيلة لتغطية الجريمة التي سبقتها وهكذا دواليك تستمر العجلة بالدوران طالما أننا لم ندواي جرائم جمعة الكرامة وأبين والنهدين فيما تنظيمي الشعيرة والقاعدة ليسا أكثر من شماعة يتم تعليق الجرائم عليهما تباعاً تحت شعار "القتل ضرورة سياسية" كما حدث في حرب 94 بل وكل الجرائم الإرهابية ضد اليمنيين بشكل عام سواءًا في الشمال او في الجنوب التي بات بالنسبة لهؤلاء ضرورات سياسية التي حولوا بها الإسلام إلى أداة بطش إرهابي يسعى إلى إستخدامه كل من لا يعرف الله ولا رسوله ولا الإسلام بحسب ما تقتضيه ضروراتهم السياسية كما يراها قحطان وحزبه الإرهابي التجمع اليمني للتمصلاح وهذا يعني أن مجزرة الكرامة ومجزرة النهدين ومجزرة السبعين ومجزرة أبين ومجزرة شبوة والمجازر اليومية في صعدة وحجة وبقية المجازر الإرهابية على طول وعرض الساحة اليمنية التي أرتكبها هذا الحزب التمصلاحي ضد الإنسان اليمني قد أقتضتها ضرورته الإرهابية {ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} 

زر الذهاب إلى الأعلى