فضاء حر

في انجاز عملية التغيير.. الجرحى نموذجاً

يمنات

قال أنه لن يغزو ألمانيا، ويخوض معها حربا لكي ينتزع التأشيرات لجرحى الثورة الشعبية السلمية، التي قضت المحكمة الادارية بتسفيرهم للعلاج في المانيا وكوبا، وكان قرار المحكمة معززا بالإلزامية.

وفطن سعادته، أن قضية جرحى الثورة يتم استغلالها سياسيا، وتساءل أمام العدسات وفخامة الميكرفونات، عن ما حققه من يستغل قضية الجرحى لهم، بل انه هومن عمل وحول وتواصل ولم يغمض له جفن، وغيره لم ولن يفعل شيء.

هكذا بدا المسئول الاول في حكومة الوفاق من على أضرحة شهداء الثورة حين زارهم في الذكرى الثانية لانطلاقتها شخصا غير مسئوووول.

وبدا مستعدا في تلك اللحظة تسفيرهم حتى للمريخ – وهو نفس الكلام الذي يقوله وزير ماليته- على أن لا تكون ألمانيا وكوبا هي الوجهة للجرحى وبحسب منطوق الحكم، الامر الذي يكشف أن حكومته تحاول التلاعب والتهرب من تنفيذ الحكم القضائي، وهذا أيضا تعامل غير مسئول البتة، فهي بذلك لا تريد أن تفتح الباب أمام الكثير من الاستحقاقات، والتي قد يجبرها القضاء على تنفيذها مستقبلاً.

فبدلا من تنفيذ الحكم، واحترام القضاء، وتكريسه كمبدأ، وتعيد الاعتبار لهذه المؤسسة، تحاول الحكومة تكريس نفس النهج والاساليب التي مارستها حكومات النظام السابق المتعاقبة، وتعزز بؤر الفساد في اروقة مؤسسة الدولة بل وتفاقمها.

فعلى مستوى الفهم والوعي البسيط للناس، اذا لم تنفذ هذه الحكومة تحديدا، حكم القضاء لن يستعيد المواطن ثقته بالقضاء على الاطلاق، وهو يتعامل معها وينضر لها على أنها حكومة تغيير، وكان الاحرى بها أن تنحى هذا المنحى، وتعيد للقضاء اعتباره بسرعة تنفيذ حكمه.. فلو كان للقضاء اعتبارا في وعي بعض المسئولين في الحكومة، لما وصل الحال بالجرحى بعد انتزاع الحكم من المحكمة، اللجوء إلى الاعتصام والاظراب عن الطعام طيلة اسبوعين متواصلين، إذا فالحكومة لم تحترم حكم القضاء وحسب، بل لم تحترم خيار مواطنيها، بالاحتجاج والتعبير عن مطالبهم، والتي هي مشروعة ومكفولة في الدستور والقوانين والمواثيق الدولية المصادق عليها. والذي تأسس كمبدأ، عندما خرج الناس إلى الساحات وميادين التغيير.

فما حدث من اعتداء على الجرحى والمتضامنين معهم، يؤكد حقيقة أنها لم تختلف عن سابقاتها، وتحديدا ما حصل مع النائب والقاضي أحمد سيف حاشد، والذي لن تستطيع الحكومة تبريره إطلاقا، من أنه لم يكن مدبرا من خارج دائرة المصالح وبؤر الفساد، التي تشكلت من رحم الحركة الاحتجاجية التي أتت بهذه الحكومة، وتستغل هذه البؤر الظرف العام للبلد، لتشكيل شبكة فساد جديدة ومراكز نفوذ، على أنقاض النظام السابق، ومن الممكن أن تعزز بقائها بدلا من إزالتها لتحقيق التغيير المنشود للناس، والتي تشكلت هذه الحكومة على أساسه لا غيره، – وهو حكومة تعمل على تحقيق التغيير الذي خرجت الجموع الغفيرة من الشعب تنشده، وقدمت من أجله التضحيات الجسام، وهذا ما كان وفق الاتفاق السياسي المتمثل بالمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية.

 

أن قضية الجرحى، والتي فطن لها رئيس وزراء حكومة الوفاق الوطني وحده، من أنها تستغل للمناكفة السياسية، وأنه هو من يدفع ثمنها، عرته تماما فضحت عن لوبي سياسي جهوي يتشكل في حياة اليمنيين، لا يريد أن يستغل قضية بعينها وإنما البلد برمته لخدمة مشاريعه السياسية، وتكوين شبكات مصالحه الضيقة، وعلى حساب آلام ملايين الجياع والمشردين وآمال المتطلعين لغد مشرق ووطن يخلق من جديد، كانوا ضانين أنهم استعادوه.

فقضية الجرحى ورعاية أسر الشهداء ليست قضية طرف سياسي معين، وانما قضية مجتمعية، وقضية أخلاقية بدرجة أساس، ولا أحد يستطيع استغلالها سياسيا، أو يستخدم آلام الناس للمناكفة السياسية والمزايدة، حيث وأنها تشكلت من معاناتهم وحدهم، وهم وحدهم من يوجهون مسارها اليوم، بعد ما استغلت للمتاجرة، من قبل سماسرة وتجار قضايا الناس البسطاء، والذين يتعاملون معهما من خلال صندوق لجمع الاموال واستقطاب الاصوات.

 

الاعتداء على القاضي البرلماني أحمد سيف حاشد تحديدا، وبتلك الوحشية، شيء وحيد يفسره، هو أن هذا الرجل ومعه العشرات من صحفيين وناشطين، استطاع أن يكشف القناع عن هذا التوجه، والمتربص بطموحات الناس المتشكل من رحم تضحياتهم، من وسط نضال القوى الوطنية على امتداد عقود طويلة مضت، فكانت محاولة لإسكاته وللأبد، ورسالة واضحة لمن يحاول الوقوف أمام نمو فساد وطغيان واستبداد، يحاول أن يتغول في حياتنا من جديد.

وما تلك الارقام المهولة التي سربتها عدد من وسائل الاعلام، والتي حُولت إلى حساب جهات غير حكومية من الحساب العام للدولة، ولم تنفيها لا الحكومة ولا تلك الجهات، وتلك القضية التي رفعها الجرحى، ومعهم النائب أحمد سيف حاشد بصفته، وكيلاَ لهم لنيابة مكافحة الفساد، ولكل أجهزة الرقابة، ماهي إلا دليل على ما أشرت إليه سابقاً.. وكانت على حساب لقمة عيش ملايين الجياع وصحة الاف المرضى ومئات الجرحى.

لهؤلاء المتغولين الجدد.. إننا نبحث عن الدولة الضامنة للكرامة، للحرية، للعدالة، ونريد حكومة توفر لنا أبسط مقومات العيش وتؤمن لنا الرعاية في الصحة في التعليم في الامن، فالرعاية ليس كما يفهمها البعض "قطمة أرز، وعلبة زيت، وكيس دقيق" وبالمقابل كن الصوت الخانع والمطيع.

شخصيا وصلت لقناعة تامة، أن هذه الحكومة القائمة اليوم، لم ولن تكون ولو بمستوى بسيط من الطموح، والآمال التي كنا ننشدها، وبما تشكلت على أساسه وهو إنجاز عملية التغيير، بل أصبحت من وجهة نظري الشخصي، عائقا حقيقياً أمام التغيير، الذي قدم الاف من الجرحى والشهداء أرواحهم ودمائهم في سبيله.

وما نعول عليه اليوم، هو أن تعيد القوى الوطنية الحقيقية، حساباتها وترتيب نفسها، وتلتف مع أصحاب المصلحة الحقيقية بالتغيير، حول مشروع بناء الدولة الوطنية، وتعمل على الضغط الحقيقي والجاد، باتجاه انجاز عملية التغيير، خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية، وتستغل بذلك الغطاء الدولي والأممي الداعم للتسوية السياسية.

عن: الاشتراكي نت

زر الذهاب إلى الأعلى