“القضية الجنوبية” بين سندان الشارع ومطرقة الانقسام
18 نوفمبر، 2013
82 9 دقائق
يمنات
تطورات متسارعة يشهدها ملف القضية الجنوبية باتجاه حسم الخلاف حول هذا الملف, لكن الحسم لن يكون إلا بمغامرة شديدة الخطورة, تلك المُغامرة بدأت باعتراف الأمانة العامة بشرعية القرار الذي اتخذ داخل أحد أجنحة مكون الحراك الجنوبي باستبدال 3 من المحسوبين على الحراك الجنوبي في لجنة ال16.
تلك الخطوة تلاقي معارضة قوية من رئاسة المكون ممثلة في محمد علي أحمد والجناح المؤيد له, الطرف الآخر يعتبر أنه الأكثر شرعية, وهكذا دب الخلاف داخل مُكون الحراك الجنوبي.
باعتقادي أن تلك التطورات خطيرة جداً على القضية الجنوبية وعلى المكون الحامل لها, لأن انقسامه بهذا الشكل سيضعفه، ويجعله عرضة لتجاذبات الآخرين لأجنحته على أمل الاعتراف بشرعية أي منهم، وتمكينه من صناعة القرار داخل المُكون, وكل ذلك بالتأكيد ليس في صالح القضية الجنوبية، وسيدفع بالتيارين داخل الحراك إلى مزيد من الصدام.
لا أدري هل يتذكر الإخوة الجنوبيون حرب 94م، وكيف تمكن صالح من استغلال صراع “الزمرة والطغمة” وجنده لصالحه وصالح مراكز القوى التقليدية التي استباحت الجنوب أرضاً وإنساناً, أعتقد أن المشهد يتكرر اليوم عبر افتعال الخلاف داخل مكون الحراك الجنوبي والانتصار لأحد أجنحته تمهيداً للانقضاض على الجناح الآخر, ومن ثم سيتم الانقضاض على الجناح الأول, كما حصل مع الجناح الجنوبي الذي أيد مراكز النفوذ في صنعاء في حرب 94م, وأعتقد أن الرئيس هادي وحسين عرب والكثيرين لا زالوا يتذكرون مرارة تلك التجربة, وكل ذلك بالتأكيد سيخدم أصحاب المصالح والمتنفذين الذين كان لهم الحظ الأوفر من غنائم غزوة 94م.
لست مع أحد داخل مُكون الحراك في ذلك الصراع, فقط أنا أحذر الجميع من خطر الانقسام, ومن مُغامرة الانجرار وراء بعض أركان تحالف 94م, وبالتالي فالجميع معنيون بمعالجة خلافهم داخل المكون، وعدم السماح لأحد بالتدخل في شأنهم حتى الأمانة العامة للحوار.
ومن هنا فإني أطالب الجميع بالتوقف عن الاستجابة لحضور اجتماعات لجنة ال16 حتى يُحسم الخلاف داخل مكون الحراك نفسه حول مسألة من يُمثلهم في تلك اللجنة, لأن استمرار الخلاف معناه أنه سيتم دفع أحد الأجنحة إلى الموافقة على خيارات للحلول قد لا ترضي الشارع الجنوبي, خصوصاً أن هناك تسريبات تقول إن الخيار المطروح هو خيار الخمسة الأقاليم, وأن التغيير في أسماء ممثلي الحراك داخل لجنة ال16 يهدف إلى الحصول على نسبة ال75 % اللازمة لتمرير ذلك الخيار داخل اللجنة بعد استبعاد موافقة محمد علي أحمد وخالد بامدهف، إضافة إلى ممثل الحزب الاشتراكي وممثل أنصار الله “الحوثيين , بحيث أن 4 من أصل 16 لا يمكنهم عرقلة خيار الخمسة الأقاليم في جلسة التصويت الثانية التي يكتفى فيها بنسبة 75 % لاتخاذ القرار..
قد أكون بحكم شماليتي متعاطفاً مع خيار الخمسة الأقاليم على اعتبار أنه الأجدر بالمحافظة على الوحدة, لكني أخشى من تمرير ذلك دون موافقة صريحة من مكون الحراك الجنوبي، وبالتالي فخيار الإقليمين بموافقة الحراك أقل خطراً على الوحدة من الخمسة الأقاليم إذا أقرت بعد تفريخ مكون الحراك الجنوبي.
إذا كان جزء مُهم من الشارع الجنوبي اليوم ضد خيار الإقليمين إذا لم يعقبه استفتاء شعبي فكيف سيكون موقفه من خمسة أقاليم؟ هذا على فرض تم إقرارها من مكون الحراك مُجتمعاً, أما إذا أقرت من أحد أجنحة المكون فإن ذلك سيشعل شرارة ثورة عارمة في الجنوب قد تجعل خيار الإقليمين مستحيلاً.
المحافظة على الوحدة بحاجة إلى مصداقية وليس إلى التحاذق واللعب على انقسامات وخلافات الجنوبيين, يكفينا ما حصل منذ عام 94م حتى اليوم, لا أعتقد أننا بحاجة إلى المزيد.
عن: الأولى