يمنات
في الدولة المدنية -التي نهتف لها وندعو لتحقيقها- يتعايش كل الافراد بمذاهيهم المختلفة وايدولوجياتهم ولا اجبار من احد على الاخرين باتباعه او محاولة اقصاء فكر او مدرسة او حزب فالجميع يخضع لشروط القانون الضامن لوحدة الارض والشعب والتعدد والتنوع..
و من هنا نصت قوانيننا في عدم تأسيس احزاب على اساس مذهبي او طائفي ولا يجب ان تدعو اليها ولا يجوز ان يكون لأي حزب او تكتل جيش او مليشيا فالدولة وحدها صاحبة الحق في تكوين الجيش وحمل السلاح..
و هنا ايضا لابد ان تكون الجمهورية ونظامها سقف اعلى لا يمكن المساس به وعليه فان ما حدث في صعدة امر غير ممكن قبوله بتهجير مجموعة فكرية او حزبية وبالرغم من معارضتي لها منذ تأسيسها بانها تحمل فكرا ورؤى اقرب الى البداوة ونبهنا الى خطورة مثل هذه التكتيكات التي كان يستخدمها النظام حيث بزرع مجموعات هنا وهناك وجميعها تعتمد رؤى مناهضة للدولة وللمعاصرة وللمدنية..
و كانت كتب و دراسات الوادعي تلقى نقدا قويا لأنها دون منطق ولا اساس حقيقي في فهم النص الديني ثم خطورة ان تتبنى الدولة فتح حدود البلاد لجنسيات متعددة تقصد معهدا بذاته ليس له مكانة تاريخية ولا علماؤه ممن عرفوا محليا وعالميا واقليميا ولكن السياسة عبثت بكل ممكنات السلم الاهلي.
و هنا ظهر الى جانب مركز دماج مركز بدر وله مساره في التطرف من زاويته الزيدية حينا والاثنى عشرية حينا اخر ثم سرعان ما اختلف مع الدولة ورئيسها الذي دعمه في البداية ثم اتجه النظام الى دعم مراكز وجماعات اخرى صوفية تلبية لشركائه في الاصلاح تارة ومعارضته تارة اخرى مع العلم ان الرئيس و الاصلاح لم يكونوا على خصام حقيقي بل تكامل وظيفي وتوزيع ادوار مخطط له..
و في حروب الرئيس صالح مع الحوثي كتبت مرات عدة بان لا يجوز اعتماد جيش قبلي ولا حتى السماح لمقاتل واحد ومن اراد ان يكون مع الدولة ليلتحق بالجيش بشكل رسمي حتى لا تنشأ مليشيات قبلية مدربة ومعها تسليح وتمويل وقد تتطور لتنفصل عن جهاز الدولة بطلب التمويل والدعم الخارجي.
ثم ان انتقال السلفيين من صعدة الى الحديدة ليس هو الحل بل بداية غير مشجعة للاستقرار وفق التعدد والتنوع المطلوبين في يمن الغد حيث الديمقراطية والمدنية.. ما ندعوا اليهما لتقرير مسار المستقبل..
و الاصل ان تأخذ الدولة مكانها وهيبتها والا تسمح بما يهدد الوحدة الوطنية ولا تسمح بتدخلات خارجية ايا كانت وغياب هذه الامور ستكون الدولة ممثلة برئيسها ورئيس حكومتها مجالا للسخرية في المجتمع ومتهاونة في حماية المجتمع ولا تستحق البقاء يوما في مناصبها..
و السؤال لماذا لم تتم عسكرة مجتمع محلي في محافظة اخرى لطرد اعوان ومؤيدي الحوثيين هل هنا عليهم خوض حروب في كل المحافظات وهل السلفيين سيخوضون حروب ثأرية بالمقابل في اماكن اخرى ضد خصومهم..
لقد اظهرت الدولة والحكومة بكل قياداتها ضعفا لا حدود له وبؤسا في التفكير والتدبير واصبحوا شركاء في تدمير الوطن والمجتمع جهارا نهارا..
لنعلنها صراحة قوية .. لا للمذهبية ولا للطائفية والعصبية القبلية ولا للوهابية في بلادنا .. لليمن خصوصيته في التعايش الفكري والاجتماعي بين مذهبين لا تطرف ولا غلو في تعاليمهما. فاليمن لايمكن ان تكون ذات نظام سياسي بمرجعية سلالية او مذهبية او جهوية بل نظام وطني ديمقراطي ..؟