فضاء حر

بين النازحين .. وجدت طفلا يقرأ

يمنات
الأحداث المأساوية التي شهدتها محافظة عمران، ستشهد بأن ثورة قامت ضد الحروب الداخلية، وضد استخدام الجيش والأمن في الصراعات الداخلية، قد فشلت، بعد أن تآمرت عليها قوى تقليدية قبلية وعسكرية ودينية، تمسك بزمام السلطة وتتحكم في القرار منذ إعلان الجمهورية العربية اليمنية، مرورا بإعادة تحقيق الوحدة اليمنية، ونجاح التآمر على هذا المشروع التحديثي في 94، وصولا لثورة الشباب السلمية 2011 ، التي كانت الحلم الأكبر في كنس كل هذه القوى التي تجثم على صدور اليمنيين حتى اليوم..
فبعد حوار موفنبيكي خمسة نجوم بمبادرة ملكية وبتفاعل يساري حداثي، تصل اليمن إلى حروب داخلية تأكل الأخضر واليابس، أستخدمت فيها إمكانات الدولة مع طرف ضد طرف آخر، أدت هذه الحروب التي أنتجتها وأشعلتها قوى تدعي الثورية وتعلن حمايتها للجمهورية إلى قتل المئات من أبناء المحافظة المظلومة، والعشرات من أبناء القوات المسلحة والأمن الذين زج بهم دون رغبة ورضى في خوض هذه الحرب..
كما أنتجت هذه الحرب دمار للمساكن والمنشآت الحكومية، ونزوح عشرات الآلاف من مساكنهم، وتوجههم للعاصمة صنعاء للبحث عمن يأويهم أو يسد رمقهم بقطعة خبز أو شربة ماء، فقد رأيت أثناء مروري بجانبهم أحد الأطفال يفتح كتابا و منهمك في القراءة، فتساءلت في داخلي ماذا يقرأ هذا الطفل! أيقرأ تاريخ قادة عسكريين لم يخوضوا حتى عمليه حربيه لاستعادة أراضينا المغتصبة ويطلق عليهم أبطالا، أم يقرأ ويبحث عن أسباب هذه الحرب التي جعلته يعيش في العراء دون قضية تستدعي لكل هذا الدمار والتهجير، أم أنه يقرأ ويفتش ما بين السطور عن منقذ يخلصه مما هو فيه، ويضمن له عدم تكرار ما حدث له ولأسرته!
أيها الحكام ألم يكن إقالة قائد عسكري واحد لقى حتفه سينقذ آلاف الأسر ومئات القتلى وعشرات المباني من التدمير، لماذا لا تظهر الهنجمة والتلويح بالوعيد والصراخ العالي إلا بعد أن تحدث الكارثة، فها هي مديرية السدة بمحافظة إب تشهد تعبئة إرهابية خاطئة قد تصل لمواجهات بين أبناء المنطقة وقد تتدخل جهات أخرى لتسعير الحرب فيها، فبعد إعلان زعيم جماعة متشددة فيها بإعلان المبايعة للخليفة البغدادي والدعوة لحمل السلاح وإعلان الجهاد ضد الروافض المجوس والحزب العلماني حسب وصفه، على السلطة أن تتحمل مسؤوليتها وتمنع الكارثة قبل أن تحل، ولكي لا يتكرر مشهد الطفل في العراء وبيده كتابا يقرأ فيه تاريخكم الأسود.

زر الذهاب إلى الأعلى