فضاء حر

“بوست” اليدومي الملغوم …!

يمنات
“البوست” الذي نشره رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح محمد اليدومي، في صفحته على فيسبوك، كان ملغوما، مثيرا للتفاؤل والقلق والتساؤل في آن.
محتوى المنشور كان هذه المرة مختلفا كليا، عن البيانات النارية لليدومي وهو بدأ مدركا لحجم المخاطر الناتجة عن تعثر الحل السياسي للأزمة الراهنة، ومحاولات القوى الدولية تدويل الأزمة اليمنية كون ذلك سيتيح بلا شك إدارة دولية للأزمة الناشبة جراء تظاهرات اسقاط الحكومة، لن تنتج سوى المزيد من التعقيدات وربما تدفع بالبلد دفعا نحو الاقتتال والعنف المسلح.
في “بوست” اليدومي حُشرت كل العبارات، تحت سقف التعجب.
هذا التكثيف في علامات التعجب في غير موضعها، كان مخططا طبعا.
و هو يعني فقط أن هذا المحتوى ربما طرح عليه لنشره تصريحا أو بيانا رسميا صادر عنه باعتباره رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح، وأبرز وجوه فريق الصقور الاخواني الذي دائما ما يرفع خيار المواجهة وانحسر نفوذه مؤخرا لصالح فريق الحمام الذي يرفع شعار السلام واعادة ترتيب الأوليات وتصحيح الاخطاء.
ربما لم يجد اليدومي وسيلة للفكاك من هذا المأزق سوى نشره وتذييل كل عبارة فيه بعلامة تعجب تفصح عن عدم الرضى، فتلك اشارة لقيادات الصف الثاني والثالث والطابور الخامس في تجمع الإصلاح الذين يفهمون الإشارات والعبارات اكثر من غيرهم.
العديد من الصحف والمواقع الاخبارية التابعة للإخوان وفي المقدمة “الصحوة نت” الناطق بلسان حزب الإصلاح، اعاد نشر “البوست” وكان اللافت أن الموقع لم يكترث لإزالة علامات التعجب من فقرات الخبر، بل ابقى عليها حسب التوجيهات حتى في النص المحرر خبريا.
بل أن “الصحوة نت” سماه نصا وليس تصريحا أو بيانا أو بلاغا صحفيا.
كذلك فعلت المواقع الاخبارية الممولة من التنظيم الدولي للإخوان وفرعه اليمني حزب الإصلاح.
في لغة الكتابة السردية تستخدم علامة التعجب في نهاية النص لإبداء مشاعر التعجب والدهشة والذم من موقف أو مضمون أو رأي تحمله العبارة، أو للإشارة إلى أن هذا العبارة أو مضمونها ليس في الحقيقة رأي الشخص الذي كتبه ولكنه أورده في سياق تعجب.
في قواعد اللغة تأتي علامة الترقيم هذه في صيغة التعجب القياسية “ما افعل”، وقد يتعجب الكاتب من فكرة أو موقف أو رأي دون أن يصوغه في صورة التعجب المعروفة، ويكفيه أن يضع علامة الترقيم( ! ) ليخبرنا عن تعجبه او دهشته أو ذمه للمضمون الوارد في العبارة.
ما فعله اليدومي ليس حيلة إخوانية بالطبع فهذا البناء المشوش، قديم للغاية لكن الإخوان يمارسونه على نطاق واسع لتضليل قواعدهم، واحيانا لتمرير مواقف ليست حقيقة تكون أشبه ببراءة الذمة واحيانا لتشتيت الرأي العام… الخ .
تحويل زعيم سياسي ما، بيان أو تصريح أو بلاغ صحفي، إلى “بوست” للتداول في مواقع التواصل الاجتماعي ثم نشره في الوسائل الاعلامية لهذا الطرف، هي افضل وسيلة لنشر المواقف الكاذبة الخاطئة حيث أن المنصة التي انطلق منها كافية لنفي مضمونه في المستقبل بذريعة سهولة اختراق هذه الصفحات، ووقوع الصحفي بدائرة التضليل.
” بوست” اليدومي إن لم يكن اعلان براءة من تداعيات شديدة الخطورة نتيجة تدويل الأزمة الراهنة، فإنه قد افصح عن مخاوف جدية من خطر ماحق آت لا محاله.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى