يمنات
هذا هو العنوان العريض الذي لم تتداوله وسائل الإعلام الأربعاء قبل الماضي عند تعليقها على ما حدث في محافظة عمران حيث قامت جماعة الحوثي بعزل المحافظ محمد صالح شملان الذي عينه الرئيس هادي بقرار جمهوري في يونيو الماضي، وعينت محافظاً آخر من لدنها بدلاً عنه.
إنه تحصيل حاصل، هذا صحيح. لكن هذا الحدث حمل أهمية خاصة من حيث أنه شكَّل إعلاناً واضحاً وصريحاً عن نهاية السلطة الشكلية المتبقية لرئيس الدولة في عمران، المحافظة التي قام هادي ب”زيارة تاريخية” لها بعد سيطرة الحوثيين عليها أواخر رمضان الماضي، وأعلن من هناك أنها “عادت الى سلطة الدولة”!
لكنه لم يحدد أيَّ دولةٍ بالضبط: دولته هو أم دولة الحوثي؟ لقد ترك الأمر ل”الدولة” التي عادت إليها عمران، تحدد هي كيف تعلن عن نفسها كحاكمة لهذه المحافظة: لم تكتفِ جماعة الحوثي بالسيطرة على المدينة ككل، بل سعت لتقديم نفسها كقوة حاكمة ومهيمنة بالكامل على المحافظة، وبشكل فجّ وصفيق: ظهر قائدها العسكري أبوعلي الحاكم في موقع القائد العسكري لجيش الدولة في أحد العروض العسكرية لوحدات الجيش هناك، وقالت معلومات إنه من أعطى الإذن ببدء العرض! والأربعاء قبل الماضي، ظهر القائد العسكري نفسه في الاجتماع الذي عزل شملان وعين فيصل جعمان بدلاً عنه.
جماعة الحوثي بررت عزل شملان بأنه “تخلى عن عمله منذ رمضان (يوليو الماضي)”، أي منذ استيلائها على المحافظة. لكنّ شملان لديه مبرره لعدم العودة الى عمران، فميليشيات الحوثي ما تزال مسيطرة عليها ومؤسساتها ولم تقم بتسليمها للدولة، كما كان يفترض وفقاً لإتفاق السلم والشراكة على الأقل. وهذا سببٌ وجيه بحق.
ليس عدلا اتهام شملان بالتخلى عن عمله كمحافظ لعمران، إذ كيف يستطيع تولي عمله وهو بيد الحوثيين؟ الحوثيون لم يسلموه عمله حتى يتخلى عنه! يريدونه “محافظ زُوْر” على غرار فارس مناع في صعدة، يريدونه دميتهم الثانية في عمران! وهذا أمر لا يفترض برجل يحترم نفسه أن يقبله على “الدولة” التي يمثلها ناهيكم أن يقبله على نفسه! لا أعرف شيئاً عن شملان وتاريخه كمسؤول في الدولة اليمنية، لكن يبدو أن هذا ما فعله.
بعزلهم شملان، أكد الحوثيون أمرين: الأول، كم أن موقف الرجل كان في محله. والثاني، كم هم مستعجلين على انهاء سلطة هادي الشكلية، واعلان أنفسهم “دولة بديلة” لا تقبل جوار سلطتها بأي سلطة ل”الدولة اليمنية” حتى وإن كانت شكلية! يصعب التفكير بأنهم لم يكونوا قادرين على إستخراج مثل هذا القرار من الرئيس هادي. لو كانوا حريصين حتى على إبقاء أي قدر من السلطة الشكلية له في عمران، لفعلوا..
الذين يقولون إن الحوثيين سيبقون على هادي ك”رئيس شكلي” ويحكمون البلاد من خلفه، أنتم على الأرجح مخطئون. فما قاله الحوثيون لهادي الأربعاء قبل الماضي في عمران يمكن سماعه بوضوح هكذا:
لن نقبل بكَ كرئيس فعلي ولا حتى كرئيس شكلي ياهادي!
عمران هي المحافظة رقم 2 بعد صعدة في قائمة المحافظات التي أكملت جماعة الحوثي سيطرتها عليها منهيةً السلطة الشكلية المتبقية للدولة ورئيسها فيها.
والمحافظات الأخرى تتبع..
وفي الأخير:
الرئيس هادي لم يتسلَّم محافظة عمران، بل تسلَّم محافظ عمران وهو “مقرْطَس”.
هادي تسلَّم شملان و”عاده” “مقرْطَس” بقراره الجمهوري فعلاً، إذ لم يتسن له استلام عمله تقريباً، فقد عيِّن خلال حرب عمران التي انتهت بعد فترة وجيزة برحيله.
وهاهو هادي يستلمه كما أرسله: ب”قرطاسه”..
من حائط الكاتب على الفيس بوك