فضاء حر

قنبلة ذرية في يد رجل بدائي

يمنات
ظل تيار الفكر الديني والاجتماعي المحافظ يدافع عن فكرة اننا يجب ان نستورد “منتجات” الحضارة الحديثة دون الحاجة الی تبني “الثقافة” التي أنتجت هذه الحضارة.
كانوا يرون اننا يجب ان نستورد المصنع والسيارة والصاروخ دون الحاجة لتبني العقلية العلمية التي ادت الی هذه المنجزات! واننا يمكن ان نستورد الديمقراطية دون الحاجة الی تبني قيم العقلانية والعلمانية والمساواة التي بنيت عليها الديمقراطية.
و اننا نستطيع “تحديث” مجتمعاتنا بنفس الثقافة القديمة ما دام التحديث يمكن ان يتم للوسائل والأساليب دون العقليات!
وحصل ما حصل .. استوردنا الآلات والاسلحة دون العقلية العلمية التي تعرف خطرها وشروط استخدامها، فحولنا بلداننا الی ساحات حروب لا تنتهي.
استوردنا الديمقراطية دون ثقافتها، فحولنا الديمقراطية إلی اعادة انتاج للاستبداد عبر صناديق الاقتراع.
استوردنا الكتاب دون التفكير النقدي، فحولنا الكتب من وسيلة تثقيف الی وسيلة لنشر السلفية والارهاب والتطرف والخرافة.
استوردنا وسائل الاعلام دون ثقافة المهنية والمصداقية والحياد، فحولناها الی منابر للتزييف وإثارة الكراهية والطائفية.
استوردنا المدرسة دون فكرة التعليم الحواري، فحولنا المدارس الی اوكار لتجنيد الشباب لصالح القاعدة وداعش وانصار الله.
بعبارة مختصرة .. استوردنا منتجات الحداثة دون ثقافة الحداثة فتحولت هذه الوسائل الی اسلحة تسعى لتدمير الحداثة التي أنتجتها!
كان خطا التيار المحافظ اعتقاده ان هناك “ثقافة” عربية ثابتة لا تتغير. وان اي تغيير في هذه الثقافة حتی ولو بعد 1400 سنة من نشأتها تغيير غير مقبول.
استمرينا في استيراد منجزات الحضارة ورفض ثقافتها وعقليتها حتی فوجئنا بأساليب التحضر والرفاهية وهي تتحول الی اساليب دمار وموت.
السيارة مثلا تتحول من وسيلة نقل الی وسيلة تفخيخ وموت. والسينما تتحول من وسيلة تثقيف وترفيه الی اداة لتصوير الحفلات الداعشية لقطع الرؤوس.
والانترنت تتحول من وسيلة اعلام وتفاعل الی اداة لتجنيد مزيد من القتلة باسم الخلافة والجهاد. ما عملناه اشبه كان بوضع قنبلة ذريه في يد رجل بدائي. وهذا الرجل البدائي فخور بثقافته البدائية التي يرفض ان يغيرها. وسيظل يلهو بالقنبلة الی ان تفنيه وتفني كل من حوله.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى