يمنات
حالة متبلدة تسكن الشعب اليمني لاسيما عندما تخطرني الحالة العبثية هذه الايام, التي نعيشها.
أن تتحول تعز او عدن او مأرب او غيرها إلى ساحة صراع و حرب فهنا الكارثة, التي يجب بنا أهل اليمن جميعاً دون استثناء بكل جهد الوقوف ضدها مهما كانت التبريرات.
فتعز قلب اليمن النابض و عدن عقلها و مأرب روحها. فعندما نأتي الى تعز فهي حالة خاصة جداً لا تقبل إلا صراع المشاريع النبيلة و الأفكار النيرة و فق ارتباط غير منفصل مع روح مأرب التاريخ و الاصالة, و ثقافة عدن المنفتحة و المتسامحة, و حب صنعاء و عشقها الازلي.
تعز كثقافة لا مكان فيها للمناطقية أو المذهبية أو الحزبية أو الصرعات العبثية مهما كان تبلد الكثير و التبريرات التي نسمعها .
فأبناء تعز يمتلكون ليس فقط حس وطني ينطلق منهم ليحتضن آمال و آلام يمنهم, بل حس حضاري يجعلهم دائما ينظرون لليمن عندهم ليس فقط مجرد جغرافيا أو تاريخ أو تراث, بل اليمن عندهم قبل ذلك كله هو الإنسان ,أخوة في الوطن, في الماضي و الحاضر و المستقبل.
أبناء تعز موجودون بأفكارهم و سلوكهم و ثقافتهم في كل مديرية أو شارع أو بيت في عموم الجمهورية من صعدة إلى عدن ومن المهرة إلى ذباب.
ابناء تعز يحملون القلم و الكتاب و لا نريدهم ان يحملون البندقية و هم بسلميتهم ركائز تغيير المجتمع. فمثلاً لا للحصر نقول للجميع, ابن تعز حمّال بميناء الحديدة و بائع فل بشوارع عدن و معلم في عمران و طبيب في الجوف و باني عقول في مدرجات الجامعات و باني منازل و مدارس في صعدة و خبير بيئة أرصاد في المكلا و سمكري في حجة و إمام جامع في صنعاء و سواق تاكسي في ذمار و صاحب بوفية في يريم و عالم آثار في مأرب و مبرمج في حضرموت و تاجر في الغيظة و بائع موز في شبوة و بنشري في ريمة و صاحب مطعم في المحويت و مالك بسطة في ابين و طيار في سماء اليمن و سفير لوطنه في الغربة و صاحب عربية و فرن في لحج و خبير بيئة أرصاد في سقطرى و مهندس نفط في المسيلة و الأول على الثانوية بحجة او المهرة و شهيد على طول الخط و ثائر لقضايا وطنه و أمته في جميع الساحات. هذا الحصر البسيط يعني ان ابن تعز ليس داعشي, او قاعدة, او عميل, او مناطقي, او مرتزق.
الدولة لم تبني المدرسة في قريتي مثلا و إنما الأهالي جمعوا كل ما لديهم حتى يبنوا فصول ليتعلم أبنائهم, أين الطريق للمستقبل. الدولة لم تشق الطريق إلى قريتي و إنما أبناء المنطقة قبل 35 سنة دفعوا كل شيء و اقتطعوه من لقمة عيشيهم في ذلك الحين, حتى يسهل وصول أبنائهم إلى المدارس و كذلك في المستوصفات و غيرها.
تعز لم تستفد من الدولة برغم كثافتها البشرية و لم تأخذ من الدولة الا القليل. و رغم ذلك تعز حزمت أمرها منذ الأزل أن تعطي دائما و من دون مقابل أو من أو عجرفة أو صراخ مظلومية.
تعز عرّفت نفسها أنها ليست الجغرافية في اليمن و إنما الفكر المنفتح الجامع لكل أبناء اليمن.
تعز احتضنت الجميع حتى الإثيوبيين النازحين و لم تعطي الشعور أمامهم إلا أنها الحضن الآمن الذي يرتمي فيه الجميع و هو مطمئن.
اليوم يسقط فيها بقذائف المؤسسة العسكرية و اللجان الشعبية الكثير الكثير من إخواننا و أهلنا دكاترة و مهندسين و قضاة واخرين من الابرياء, دفع أهليهم سنوات شقاء طويلة حتى يكون متعلمين و صالحين انقياء يخدمون كل تراب اليمن و ليس تعز فقط.
اليوم تعز تنزف و بيوتها تضرب بالمدفعية، و لم نلاحظ أن هناك نهاية لهذا العبث برغم الهدنة، فنرجو من قيادات المؤسسة العسكرية و أنصار الله ان يدركوا ان كل قذيفة تمزق مدنية ابناء المدينة اكثر و تسقط الاقلام من ايديهم حتى يلتقطوا بدلا عنه البندقية و سوف يحسنون استخدمها فأوقفو هذا العبث.
أبناء تعز لا تهمهم صراعاتكم السياسية فاتركوها حتى لا تخسروا تعز و إلى الأبد. اتركوها خارج صرعاتكم , فأبناء تعز لم و لن ينظروا إلى اليمن كغنيمة أو سلطة أو طائفية, إنما كسفينة كلنا نستقلها.
تعز حزمت أمرها منذ الأزل ان تكون قاطرة التغيير نحو الدولة المدنية, و لن تتوقف مهما كان الثمن, فأبنوا على ذلك ان اردتم تعيشوا معها و ينتصر الوطن !!!!!
من حائط الكاتب على الفيسبوك