أرشيف

حين تتزوج أنت وشقيقك ذات الزوجة..الزوج البديل ترحيل مشكلة أم احتواء ميراث

الآراء حولها مختلفة هل هي حل ومشكلة في ذات الوقت ؟ الكبار يرونها من الناحية المشرقة، فهي تحافظ على الأسرة من الضياع وتحمي الأطفال من التشرد وتبعدهم عن أيدي الغرباء التي لا ترحم والصغار يرونها جريمة لحقهم وحبساً لحرياتهم.

الزواج بزوجة الأخ إذا مات ظاهرة قديمة في المجتمع اليمني تتكرر أحداثها كل يوم..

المتفرج من بعيد يراها جيدة ومن عاش أحداثها ودخل دائرتها يفقدها شفافيتها بكثرة شكواه..

حاولنا تجميع الخطوط لمعرفة ما إذا كانت تلك الظاهرة حلاً أم مشكلة حقيقية؟

تزوجت جدتي

"محمد" من الشباب المعارضين لهذه الظاهرة بشدة ولديه أسبابه كما وضح قائلاً:

"توفي أخي في حادث سيارة وبعد ثلاث سنوات من وفاته فوجئنا برغبة زوجته بالرجوع إلى بيت أهلها وأخذ أطفالها الخمسة معها، ربما يبدو الأمر طبيعياً ويحدث في كثير من الأماكن لكنه كان بالنسبة للوالد والوالدة كارثة خاصة وأنهم أرادوا الاحتفاظ بالأطفال والذين هم كما قالوا الذكرى الوحيدة الباقية عن ابنهم المتوفى، وأمام إصرار زوجته على الذهاب إلى أهلها وأخذ أطفالها جاء الحل الذي اعتقد الجميع أنه الأفضل والمناسب في حين لم يكن سوى كارثة حلت على رأسي، وربما على رأس أولاد أخي أيضاً، فحلهم كان أن أتزوج أنا بزوجته وأهتم بأولاده فهم أولاد أخي وأنا لن أظلمهم أو أحاول أذيتهم.. لا يمكن أن يتصور أي إنسان أن ذلك الحل كان بالنسبة لي صاعقة دمرت حياتي وقضت على أحلامي حيث كنت أتمنى الارتباط ببنت عمي ، كما أن زوجة أخي تكبرني بستة عشر عاماً ورغم كل محاولاتي للخروج من هذا المأزق الذي وضعني أهلي فيه إلا أنني فشلت ووجدت نفسي في ليلة وضحاها أباً لخمسة أطفال وزوجاً لامرأة هي بمثابة جدتي عمراً وعلى الرغم من أن أهلي رأوا هذه الفكرة حلاً لمشكلتهم إلا أنهم لم يفكروا في حل مشكلتي خاصة أنني لم أستطع التأقلم مع هذه المرأة التي كانت في يوم من الأيام زوجة أخي حتى أولاد أخي الذين أصبحوا أولادي لم أعد أحبهم كما كنت سابقاً خاصة وأنهم كانوا السبب الرئيسي في معاناتي ولا يمكنني الخروج من دوامة الأفكار المخيفة التي تعتصرني كل يوم حول حياتي وكيف ستكون، حتى لو فكرت في إنجاب الأطفال كيف سيكون مصيرهم وعلاقتهم بأولاد عمهم الذين هم أخوانهم في نفس الوقت وكيف سأحتمل نفقات أسرة مكونة من ستة أطفال وأمهم لو أنني قررت إنجاب طفل واحد فقط؟ لذلك أنا أرى أن هذه الظاهرة هي مشكلة أكثر من كونها حلاً".

تزوجتها لأجل الورث

وإذا كان أهل "محمد" فرضوا عليه الزواج بزوجة أخيه لأجل الأولاد فهناك من يعتبر الميراث أهم وفوق كل اعتبار، وهذا ما حدث مع (ص. ق) الذي قال:

"تزوجت زوجة أخي بعد موته وذلك بسبب إصرار والدي على هذا.. أخي لم يكن له سوى طفلين ومع هذا فرغبة والدي في زواجي بزوجة أخي لم يكن بسبب خوفه على الأطفال بل بسبب خوفه على الميراث، فزوجة أخي هي في الأساس ابنة عمتي وهي صغيرة في السن وجميلة لذلك خاف والدي أن تتزوج وينتقل ميراثها هي وأولادها إلى زوجها والذي غالباً سيكون من خارج الأسرة ، قد يعتبرني البعض محظوظاً أكثر من غيري في أن زوجة أخي جميلة وصغيرة في السن إلا أنني لا أستطيع وصف مشاعري في أنني لم أختر زوجتي مثل غيري ولا أقول سوى سامح الله أهلي.. وأنا أعتبر هذه الظاهرة مشكلة لا يشعر بمدى ألمها سوى ضحاياها فقط ، رغم كونها قد تكون حلاً لبعض المشاكل"..

أسوأ معاملة ولا مفر

"أم مالك" عبرت عن وجهة نظرها بكل أسى وحزن كونها إحدى ضحايا هذه الظاهرة، تقول "أم مالك":

"تزوجت شقيق زوجي بعد وفاته بسبب إصرار أهله على ذلك ورفضهم إعطائي أطفالي من زوجي المتوفى وهم ولد وبنت على الرغم من أنني حلفت لهم بعدم رغبتي في الزواج بعد زوجي ومحاولاتي المستميتة في إقناعهم بذلك إلا أن رفضهم كان طعنة قوية سددوها إلى صدري، وأمام هذه الضغوط وافقت على الزواج في محاولة للبقاء بجوار أطفالي لكنني اكتشفت أن شقيق زوجي كان رافضاً لهذا الموضوع ومعارضاً بشدة وأنه كان يرغب بالزواج من زميلته في العمل إلا أن والده هدده بأن يغضب عليه ويحرمه من ميراثه، لذلك وافق على الزواج بي.. أنا الآن متزوجة منذ سنتين إلا أنني أشعر بأني أقحمت على دخول دوامة كبيرة لا مخرج منها أبداً فزوجي يعاملني أسوأ معاملة وهو يعايرني بأنني كنت زوجة غيره وأنه أصغر مني سناً ويهددني دائماً بزواجه بأخرى ويحملني مسئولية حرمانه من تلك التي يحبها ويتمنى الزواج بها ويضربني دائماً أنا وأطفالي على الرغم من معرفته أنني كنت معارضة لموضوع الزواج ومن جهة أخرى لا أستطيع طلب الطلاق حتى لا أخسر أطفالي.. أنا في هذه المشكلة بسبب ذلك الحل الذي تبرع به أهل زوجي ، لذلك أنصح كل فتاة أن لا تخوض هذه التجربة أبداً لأنها مرة وقاسية وخاصة إذا ما جاء الألم ممن يفترض أن يكون القلب الحنون والملتجأ عند الضيق"..

تزوجتها بشروط

أما "ناصر" وهو الذي يعتبر نفسه ذكياً فقد دخل التجربة بشروطه كما قال وليس بشروط أهله، يقول ناصر:

"توفي أخي قبل سنتين بعد أن أصيب بنوبة قلبية حادة، وأمام ضغوط الأهل اضطررت إلى الزواج بزوجته التي تكبرني بخمس عشر عاماً لأجل الأطفال ولكي لا تتزوج أمهم بشخص غريب فيسيء معاملتهم ويظلمهم، وحتى تظل الأسرة متماسكة ولا تتشتت هكذا قالوا لي بعد أن استنكرت ذلك كثيراً خاصة أنني قضيت عدة سنوات مع شقيقي وكنت أعامل زوجته على أنها أخت كبيرة لي ولم أتخيلها قط أي شيء آخر، وأمام رجاء والدي ووالدتي وافقت لكنني شرطت عليهم شروطاً هي أنني لو تعرفت على الفتاة المناسبة فسأتزوجها وسيساعدانني في ذلك كما ساعدا أخوتي، وعلى أن يتحملوا نفقات أطفال أخي كوني سأحتاج إلى الإنفاق على أطفالي أنا وقد وافقا على شروطي وأتمنى ألا يرفضا لاحقاً، وأنا محتار في الحكم على هذه الظاهرة، فهي قد تكون حلاً، خاصة إذا ما كان التفاهم موجوداً وقد تتحول إلى مشكلة خطيرة يحصد ثمارها الأطفال والأسرة والمجتمع بأسره.

آراء الشارع

كانت تلك آراء لأشخاص خاضوا التجربة، فما الذي يراه الذين يقبعون خارجها:

منال سعيد : "قد تكون هذه الظاهرة موجودة فعلاً على الرغم من اختفائها هذه الفترة حيث يرفض الكثير من الشباب الزواج بزوجة الأخ إلا أنها ظاهرة جيدة من جهة وسيئة من جهة أخرى.. فلو فكرنا في إيجابياتها من حيث ضمان عدم تفرق الأسرة وبقائها كما كان الحال قبل وفاة ربها وعدم زج الأبناء إلى شخص قد يعاملهم بقسوة ويتسبب في تشردهم وضياعهم إلا أن سلبياتها أيضاً كثيرة في كونها تتسبب في حرمان الأخ من اختيار شريكة حياته المناسبة والحصول على أسرته الخاصة التي تمنى تكوينها، لذلك تعادلت كفتيها بين كونها حلاً ومشكلة في ذات الوقت".

أبو علياء : "قد يظن الأهل أن تزويج الأخ بزوجة أخيه حل جيد ومناسب لربط شمل الأسرة إلا أنهم يعرفون الضرر النفسي الذي قد يصيب هذه الأسرة جراء ذلك خاصة لو أن زوجة الأخ كانت كبيرة في السن أو كان عدد الأطفال كثيراً فالأخ في هذه الحالة قد ينتقم من قرار أهله بمضايقة زوجته وأطفالها من زوجها السابق والذين يتحولون إلى ضحية لأفكار وظواهر اجتماعية لا تراعي الجوانب النفسية والاجتماعية والآثار المترتبة لاحقاً على هكذا ظاهرة التي اعتبرها مشكلة أكثر من كونها حلاً".

  وأخيراً الزواج بزوجة الأخ ظاهرة صنعها المجتمع في محاولة لتخفيف مشاكله ولم الشمل إلا أن لهذه الظاهرة أبعاداً بعيدة المدى يجب مراعاتها من قبل الأهل حتى لا يتحول هذا الحل إلى مشكلة كبيرة يصعب حلها والسيطرة عليها، ومن هذه الأبعاد تقارب أطرافها عمرياًُ ونفسياً ونسبة قبول كل الأطراف لهذا الحل وتقدير نسبة النجاح الآن ومستقبلاً وإذا ما راعى أفراد المجتمع هذه الأبعاد قد تصبح الظاهرة حلاً متميزاً أما عدم مراعاة هذه الأبعاد قد يحول الظاهرة إلى أزمة عارمة ترفد المجتمع بمشاكل أكبر من أن يستطيع المجتمع نفسه إيجاد حلول لها".

زر الذهاب إلى الأعلى