أرشيف

حبة طماط تذهب برجل إلى حبل المشنقة

سار ردمان في صالة السجن نحو مكتب إدارته دون أن يعلم أي مصير ينتظره، خطواته تلح عليه بالأسئلة وتبحث عن إجابات، فإلى أي مكان تقوده وما سبب استدعائه من قبل إدارة السجن.. ردمان التزم ساعتها الصمت وفضل أن يظل وخطواته التي لم يعرف بمَ يجيبها في حيرة على أن يستبق الأحداث، وعندما وصل إلى إدارة السجن بُلغ الخبر الذي كاد أن يغشى عليه عند سماعه.. إدارة السجن استدعت ردمان لتطلب منه أن يكتب وصيته ويغتسل ويتوضأ استعداداً لتنفيذ حكم الإعدام.

ردمان العتمي حسب أرشيف المحاكم قصة بدأت أحداثها مع أول لحظة وطأت قدماه فيها أرض العاصمة صنعاء بعد أن ترك قريته وهو في الخامسة عشرة من العمر وانتقل إلى المدينة بحثاً عن لقمة العيش والمستقبل الذي لم يجده في قريته ، وما أن وصل ردمان إلى صنعاء حتى انكب في العمل المتواصل ، تمكن من جمع مبلغ مالي سخره ردمان للزواج بفتاة فقيرة لطالما اعتنت أسرتها به أثناء وجوده في العاصمة بعيداً عن أسرته في القرية ، ومع انتصاف عام 1998 قرر ردمان العمل في تجارة الخضروات عن طريق بسطة صغيرة اختار ردمان حيزاً بسيطاً من سوق مذبح أرضية لها وذات يوم وبينما كان ردمان يسترزق من بيع الخضار قدم إليه رجل يريد أن يبتاع كيلو من الطماط وعلى الفور هرع ردمان لتجهيز طلب الزبون غير عابه بحديثه المتكبر ونظراته المليئة بالاحتقار ، وعندما جهز ردمان طلب الزبون وأعطاه تفاجأ بقيام الزبون بأخذ حبة طماط ووضعها في الكيس ، لم يعجب ردمان أسلوب الزبون وأثار حديثه المستفز ردمان ليدخلا في عراك ، حاول فيه الزبون طعن ردمان بجنبيته إلا أنه تمكن من ردها إلى صدره وأرداه قتيلاً .. ألقت أجهزة الأمن القبض على ردمان وأحيل إلى النيابة ومنها إلى المحكمة الابتدائية التي حاول أمامها ردمان إثبات أنه كان في حالة دفاع عن النفس إلا أن عدم تمكن ردمان من توكيل محام يدافع عنه وكذلك عدم تنصيب المحكمة لمحامي يقوم بالمهمة قاد ردمان إلى حكم الإعدام.

 في عام 1999 أيدت محكمة الاستئناف الحكم وأحيلت القضية إلى المحكمة العليا ، عمل ردمان في السجن بحياكة أحزمة الجنابي ومما يعود عليه من بيع الأحزمة يقوم بالإنفاق على زوجته التي كانت تشاطره حلم ن يخفف الحكم عنه من الإعدام إلى السجن ودفع الدية ، ولكن خصوم ردمان – أولياء دم القتيل – كانوا أكثر قوة ونفوذا منه ليموت الحلم الذي كان ردمان وزوجته يعيشان عليه، ففي منتصف عام 2001 استدعت إدارة السجن ردمان وطلبت منه أن يكتب وصيته ويغتسل ويتوضأ استعداداً لتنفيذ حكم الإعدام .. تجمع السجناء حول ردمان أثناء ذهابه لتنفيذ حكم الإعدام الذي ذهب إليه ردمان وهو يردد الشهادة ويلعن حبة الطماط التي لم يعلم أكانت هي السبب في إعدامه أم المحكمة التي لم تنصب له محامياً للدفاع عنه أم أنها القوة والنفوذ التي ربما لو كان يملك القليل منها لما انتهت حياته بتلك الطريقة ..

زر الذهاب إلى الأعلى