أرشيف

انتفاضة على واقع مترد أم صراع ايراني سعودي محتدم ؟

باتت الأوضاع في اليمن حسب رأي المتابعين في تدهور مستمر، فيما يستمر الغموض حول رؤية قريبة يضع حد للقتال الداخلي.

وتشكل حرب الاستنزاف مع الحوثيين للحكومة اليمنية معضلة كارثية سيما مع وضع اقتصادي صعب تمر به البلاد التي باتت تتآكل من الداخل مع توسع نطاق الصراعات والدعوات الانفصالية.

فيما تصر الحكومة على إن حقيقة ما جرى تكمن في تدخلات إقليمية ذات خلفية ايدولوجية تسعى الى الهيمنة.

 

شريط شيعي على الحدود

حيث اكد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ان المتمردين الحوثيين في شمال اليمن يتلقون تمويلا من «مرجعيات ايرانية» ويسعون الى اقامة «شريط شيعي» يؤمن بالمبادىء الايرانية على طول الحدود مع السعودية.

وقال صالح في المقابلة التي اجرتها معه القناة التلفزيونية السعودية «ام بي سي» ونشرت نصها وكالة الانباء اليمنية (سبأ) «انهم مجرد عناصر خارجة عن النظام والقانون، عناصر ارهابية (…) عندها اجندة خاصة بها وعميلة لقوى خارجية وتنفذ اجندة خارجية».

واضاف ان «التمويل يأتي من بعض المرجعيات في ايران»، مشيرا الى «الوثائق التي حصلنا عليها والخلايا التي هي الآن امام المحاكم». الا ان صالح اكد «نحن لن نتهم السلطة (في ايران) كسلطة». وتتهم صنعاء المتمردين بتلقي الدعم من ايران، الامر الذي ينفونه على الدوام. بحسب فرانس برس.

واشار صالح الى ان تدريب المقاتلين الحوثيين «ليس تدريبا عاديا وانما تدريب على طريقة ما يقوم به حزب الله في جنوب لبنان»، لافتا الى ورود «بضع معلومات (…) عن وجود بعض المدربين (من حزب الله) من جنوب لبنان في صعدة»، معقل التمرد الزيدي.

من جهة اخرى، قال علي عبد الله صالح ان حركة التمرد الزيدية تسعى الى اقامة «شريط شيعي» على الحدود اليمنية السعودية من اجل «ايذاء اليمن وايذاء المملكة العربية السعودية».

واكد الرئيس اليمني ان المتمردين الحوثيين «يركضون في اتجاه الغرب (…) من اجل ان يكون لهم باعا على البحر الاحمر».

كما ندد بوجود علاقة تكتيكية بين التمرد الحوثي والقاعدة التي يزداد نفوذها في اليمن، وانفصاليي الجنوب.

وقال «لا اعتقد ان مبادئهم واحدة، فكل واحد له مبادىء (…) لكن امامهم خصما هو النظام السياسي في الجمهورية اليمنية، وكلهم يتفقون على ذلك، تنظيم القاعدة، الحوثيون، والانفصاليون (في الجنوب)».

على صعيد آخر، دافع صالح عن حق ابنه احمد الذي يقود حاليا جهاز الحرس الجمهوري النافذ بخلافته على رأس البلاد عند انتهاء الولاية الحالية العام 2013.

وقال «نحن نظام جمهوري، لا نستطيع ان نمنعه من الترشيح(…) اذا رغب ان يرشح نفسه، لكن انا نصيحتي له ان لا يرشح نفسه للرئاسة(…) لان عندي تجربة في اليمن صعبة جدا».

 

إيران تتهم السعودية

من جانبهم قال المتمردون الحوثيون باليمن ان اشتباكات اندلعت بين مواطنين يمنيين وجنود سعوديين كانوا يحاولون بناء سياج حدودي وان عددا من القتلى والمصابين سقط على الجانبين.

وقال بيان نشر على موقع المتمردين على الانترنت "أكد لنا مصدرنا بمنطقة الحصامة أن اطلاق النار من قبل القوات السعودية… جاء عقب مواجهات مع ابناء المنطقة نتيجة لقيام هذه القوات ببناء جدار فاصل على الاراضي اليمنية.

"وأكدت المعلومات أن تلك المواجهات التي حصلت على الشريط الحدودي سقط خلالها قتلى وجرحى من الطرفين."

وأضاف البيان "يرفض ابناء المنطقة بناء اي جدار فاصل في منطقته لما له من اثار سلبية وقطع لتواصل الارحام التي ربطتهم مع اخوانهم في الطرف الاخر من الحدود لعقود خلت."

ولم يصدر رد فعل فوري من السعودية على التقرير.

ويوم الاثنين اتهم متمردون القوات السعودية بفتح النار على نفس المنطقة دعما للحملة التي تشنها الحكومة اليمنية ضدهم. ونفى مسؤول أمني يمني التقرير ائلا ان السعودية ليس لها دور في الحرب.

الحوثيون يعرضون اسلحة سعودية استولوا عليها «ارشيف»ويتكرر اتهام المتمردين الذين يقولون انهم يكافحون التهميش السياسي والاقتصادي والديني للسعودية بالقتال الى جانب الرئيس علي عبد الله صالح ويعرضون لقطات مصورة لاسلحة سعودية تم الاستيلاء عليها.

وتخشى السعودية اكبر دولة منتجة للنفط في العالم وحليفتها الولايات المتحدة من أن يمكن الصراع في شمال اليمن وحركة انفصالية في جنوبه تنظيم القاعدة من اكتساب موطيء قدم اقوى البلاد.

وقال متشددون يمنيون وسعوديون من تنظيم القاعدة هذا العام انهم وحدوا جهودهم. وصعد متشددون مرتبطون بتنظيم القاعدة من الهجمات ضد اهداف حكومية وأجنبية في اليمن منذ عام 2007.

وفي السياق نفسه ردّت طهران على الاتهامات الموجهة اليها بدعم المتمردين الحوثيين في اليمن، باتهام السعودية بـ"الوقوف المباشر" الى جانب الحكومة اليمنية في حربها ضد الحوثيين.

ويرى اليمن يد ايران وراء التمرد وهو اتهام تنفيه طهران. ودعت ايران وحزب الله اللبناني صالح الى وقف القتال من خلال المحادثات.

وأطلق الجيش عملية الارض المحروقة لسحق المتمردين في اغسطس اب. وقتل نحو 85 شخصا في غارة للجيش على مخيم للاجئين الشهر الماضي.

وتقول جماعات اغاثة أن نحو 150 الف شخص نزحوا من جراء القتال الذي تفجر للمرة الاولى عام 2004.

وذكر الموقع الاعلامي لـ «مؤسسة الاذاعة والتلفزيون» الحكومية نقلا عن مصادر لم يكشف هويتها واكتفى بوصفها بـ"المطلعة" أن "السعودية جنّدت نحو ألف عنصر للانضمام الى القوات اليمنية بهدف تقديم الدعم اللوجستي في حربها ضد الحوثيين في صعدة، فضلا عن رصد مبلغ قدره 5 ملايين دولار للحكومة اليمنية لدعمها في دفع هذه الحرب الى الامام".

وذكرت صحيفة الرأي الكويتية وفقاً للمصادر بأن هذه "القوات ستشارك الجيش اليمني في حربه على صعدة، وان الانباء تحدثت اخيرا عن تورط سعودي في قمع الحوثيين، كما أكدت التدخل السعودي الواضح في الاشتباكات الداخلية في اليمن".

وشددت على "ان التدخل السعودي يأتي بأشكال مختلفة، من بينها مشاركة الطيران الجوي في قصف معاقل الحوثيين، والاشتباكات المباشرة على الحدود اليمنية – السعودية، وتقديم الدعم اللوجستي للجيش اليمني".

 

الجدار اليكتروني

من جهة اخرى تجسد الجروف المنحدرة والجبال الشاهقة في منطقة الحدود اليمنية السعودية التحدي الشاق الذي تواجهه المملكة لوقف تسلل متشددي القاعدة اليها من جارها الفقير.

وتمتد الجبال والتلال الوعرة والكهوف والاودية لاميال وأميال على جانبي الحدود كما تحيط منحدر بعمق مئة متر بأحد جانبي الطريق الحدودي الضيق الذي يصل نقطتي الحدود في علب.

ولطالما كانت الحدود بين البلدين والتي تمتد لاكثر من 1500 كيلومتر بيئة خصبة للمهربين الذين ينقلون الغذاء والكحوليات والحجاج الى السعودية من البلد الفقير الى المنتج النفطي الكبير بجانب نقل الاسلحة الى متشددي القاعدة.

وقال فرد في حرس الحدود لم يذكر اسمه "يعرف المهربون المنطقة … يحاولون استغلال أوقات مثل الليل والامطار والضباب حيث تنخفض الرؤية."

وقالت صحيفة عكاظ السعودية ان شرطة الحدود صادرت راجمات صواريخ وأكثر من مئة بندقية وقرابة مئة اصبع ديناميت خلال ثلاثة شهور العام الماضي. ويخشى مسؤولون سعوديون من انتقال المزيد من الاسلحة الى السعودية.

وتخشى السعودية من أن تتخذ القاعدة اليمن كقاعدة للعمليات وتنوي الرياض بناء سور بتقنية عالية وبتكلفة تصل الى مليارات الدولارات ويكون مزودا بكاميرات ليلية ومجسات حرارة ومراقبة جوية وبحرية لاغلاق حدود المملكة.

كما تخشى الرياض حليفة الولايات المتحدة من أن تستغل القاعدة التي شنت هجمات في المملكة بين عامي 2003 و2006 حالة انعدام الاستقرار في اليمن الذي يكافح حركة تمرد شيعية بالقرب من الحدود السعودية وانفصاليين في الجنوب.

وحاول انتحاري قال انه تائب قتل مسؤول الامن في ميناء جدة السعودي المطل على البحر الاحمر في أغسطس/اب بعدما جاء من اليمن وفقا لاتفاق مسبق.

وقتلت قوات أمن سعودية اثنين من متشددي القاعدة في تبادل لاطلاق النار بالقرب من معبر اخر بمنطقة جازان الجنوبية.  بحسب ميدل ايست اونلاين

ويقول محللون ان وضع نظام الحدود لن يستغرق سنوات فقط ويتطلب مشاركة مئات المتعاقدين ووجود تكنولوجيا متقدمة لتغطية الكهوف والممرات النائية لكن الظروف أيضا ستضع المعدات موضع الاختبار الى أقصى مدى.

وقال فرانك جريجوري وهو أستاذ الامن الاوروبي في جامعة ساوثامبتون ان دولا أخرى مثل الولايات المتحدة بنت أسوارا في أجزاء من حدودها مع المكسيك وانها تواجه مشاكل مثل تعطل الكاميرات بسبب الحرارة.

وأضاف "وجدوا عددا من المشاكل حول عمل المعدات في ظل ظروف جوية قاسية … والسؤال الاخر هو عن الدعم التقني وكم سيستغرق استبدالك الكاميرا أو المجس؟"

ولم ترد تفاصيل حول حجم الخطة الحدودية الامنية السعودية لكن الكثير منها سيعتمد على سرعة وصول القوات بعد انطلاق الانذار وهو ما يمثل تحديا في ظل الجبال والصحراء وعدم وجود طرق جيدة أو قواعد قريبة لطائرات الهليكوبتر.

وتلامس أجزاء من حدود السعودية مع اليمن وعمان والامارات العربية المتحدة صحراء الربع الخالي الشاسعة التي لا يوجد بها بلدات أو طرق رئيسية.

وتقع في الصحراء أيضا الحدود الشمالية للمملكة مع العراق والتي تأمل الرياض في بناء جزء أولي من الاسوار الحدودية فيها لمنع تسلل المقاتلين منها بحلول نهاية العام الحالي.

ويقول محللون ان الاسوار ذات التقنية العالية لن تنهي بسهولة تاريخا طويلا من التهريب والعبور غير القانوني للقبائل التي لا تعترف بالحدود الدولية.

وذكر دبلوماسي غربي أن المهربين يحاولون الزواج من عائلات تعيش في المنطقة الحدودية ويرى بعض المحللين ان القاعدة التي ضمت جناحيها في اليمن والسعودية العام الحالي تتبع النهج نفسه لبناء روابط مع القبائل اليمنية.

وقالت مطبوعة سنتينل التي يصدرها مركز مكافحة الارهاب ومقره الولايات المتحدة "هذا التطور جديد ومقلق لانه يتضمن امكانية تحول أي عملية لمكافحة الارهاب الى حرب أوسع نطاقا تشارك فيها القبائل اليمنية."

وقد لا تجدي الكاميرات نفعا أيضا في رصد المقاتلين الذين قيل انهم يعبرون الحدود في أزياء نساء مستغلين ضرورة تغطية المرأة لكامل وجهها وجسدها في السعودية وحقيقة أن النساء نادرا ما يتم تفتيشهن عند نقاط التفتيش.

وقال مسؤول خليجي "لن يجرؤ ضابط على أن يأمر امرأة بخلع نقابها للتأكد من جواز السفر فعادة ما يكفي أن يقول رجل ان هذه زوجته. ليست هذه مشكلة سعودية فحسب".

وقد يعيق التعاون أيضا تفاوت الموارد بين القوات السعودية واليمنية التي تقوم بدوريات على جانبي الحدود.

فالجانب السعودي من معبر علب منظم جيدا ويحتوي على عدة حارات ونقاط لتفتيش السيارات ولا يمكن توقع الامر نفسه على الجانب اليمني الذي يعاني من سوء حالة الاتصالات.

 

اعتقال ايرانيين

في سياق ذي صلة اكدت الحكومة اليمنية انباء سابقة عن اعتقال خمسة ايرانيين وهنديا واحدا على متن سفينة ايرانية تنقل اسلحة قبالة سواحل شمال اليمن.

وكانت مصادر ايرانية قد نفت هذه الانباء التي اعلنتها السلطات المحلية في محافظة حجة اليمنية عن ضبط سفينة ايرانية تنقل اسلحة الى المتمردين الحوثيين قبالة السواحل اليمنية في البحر الاحمر.

وقال الناطق باسم الحكومة اليمنية حسن اللوزي في تصريحات بثتها وكالة الانباء الرسمية سبأ ان "الاجهزة الامنية اعتقلت خمسة ايرانيين كانوا على متن سفينة ايرانية مشبوهة محملة بالاسلحة قبالة ساحل ميدي في محافظة حجة".

واضاف ان "التحقيقات جارية معهم وسيتم الاعلان عن نتائجها فور استكمالها من قبل الجهات المختصة".

وكانت السلطات المحلية في محافظة حجة اليمنية اعلنت الاثنين لوكالة فرانس برس انها ضبطت سفينة ايرانية تنقل اسلحة الى المتمردين الحوثيين الذين يخوضون نزاعا مع الجيش في شمال اليمن.

وتتهم السلطات اليمنية المتمردين بتلقي الدعم من اطراف ايرانية الامر الذي ينفيه الحوثيون.

وتشير انباء الى ان السفينة كانت تحمل قذائف مضادة للدبابات.

 

انعدام الاستقرار

اقتصاديا، تراجعت عائدات النفط بدرجة كبيرة الى 803 ملايين دولار فقط في الشهور السبعة الماضية من العام الحالي مقابل 3.12 مليار دولار في نفس الفترة من عام 2008 بسبب انخفاض الاسعار العالمية وانخفاض حصة الدولة من الانتاج.

وهذا ما جعل الأمر يزداد صعوبة بالنسبة لحكومة الرئيس علي عبد الله صالح في محاولتها التعامل مع الفقر المنتشر والنمو السكاني المنفلت والنضوب السريع لموارد المياه وارتفاع معدلات البطالة.

واذا تحول اليمن أكثر من ذلك نحو انعدام الاستقرار أو حتى نحو دولة فاشلة فسيعرض ذلك الدول المجاورة للخطر خاصة المملكة العربية السعودية ويزيد من تعقيد محاولات مكافحة تنظيم القاعدة وحماية خطوط الملاحة الدولية من القرصنة في مياه خليج عدن.

ويتزايد شعور الغرب بالانزعاج. وفي رسالة بعث بها الرئيس الامريكي باراك اوباما الى صالح في سبتمبر ايلول قال ان الامن في اليمن أمر حيوي بالنسبة للولايات المتحدة وللمنطقة. وعرض مساعدة اليمن في جهود مكافحة الارهاب والتنمية والاصلاح.

وتحذر منظمات الاغاثة من أزمة انسانية في الشمال حيث فر نحو 150 الف شخص من منازلهم منذ شن مايسمى برجال القبائل الحوثيين تمردهم المسلح في عام 2004.

وتولى صالح (67 عاما) السلطة في اليمن الشمالي سابقا في عام 1978 وظل رئيسا بعد الوحدة مع الجنوب في عام 1990 وفاز بفترة حكم أخرى مدتها سبع سنوات في انتخابات عام 2006. بحسب رويترز.

ويهيمن هذا الضابط السابق في الجيش اليمني على الهياكل الديمقراطية الرسمية في اليمن عبر قاعدة قوته القبلية في الشمال ودعم القوات المسلحة.

واقترع البرلمان في فبراير شباط على تأجيل الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في العام الحالي الى عام 2011 انتظارا لعمليات الاصلاح الانتخابي.

ولا يوجد خليفة مؤكد لصالح. وهو يواجه تحديات متعددة في دولة تتآكل فيها حكومتها المركزية بسبب الفساد وتمارس سيطرة هامشية في مناطق كثيرة مليئة بالسلاح.

وبدا رجال قبائل تقودهم عائلة الحوثي تمردا متقطعا ضد الحكومة في محافظة صعدة قرب الحدود مع السعودية في عام 2004. والمتمردون من الزيديين الذين ينتمون الى المذهب الشيعي الذين حكم ائمتهم اليمن حتى ثورة عام 1962.

وللزيدين شكاوى اقتصادية ودينية ويتهمون صالح وهو نفسه من الزيديين بمحاباة السنة الذين يميلون الى المذهب الوهابي المنتشر في السعودية. وأشارت الحكومة اليمنية الى ان ايران تساند المتمردين لكن لا يوجد دليل قوي يؤيد ذلك.

وقبل زعيم المتمردين عبد المالك الحوثي اتفاقا للسلام تم عبر وساطة قطرية في عام 2007 لكنه انهار مرارا. وتصاعدت الاشتباكات في العام الحالي لتصبح معارك واسعة النطاق منذ أواخر يوليو تموز. ووضع صالح شروطا مشددة لوقف اطلاق النار وهو ما رفضه الحوثيون.

وتقول منظمات الاغاثة ان القتال الذي استخدم فيه الجيش القوة الجوية والدبابات والمدفعية ادى الى نزوح عشرات الالاف من الاشخاص وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة ان "الازمة الانسانية المعقدة والاليمة" تزداد سوءا هناك.

واندلع العنف في العام الحالي بعد مسيرة للمعارضة يوم 28 ابريل نيسان بمناسبة ذكرى الحرب الاهلية التي بدأت في عام 1994 والتي هزمت فيها قوات صالح الجنوب الانفصالي الذي كان يعرف قبل اتفاق الوحدة في عام 1990 بجمهورية اليمن الديمقراطية.

ويشكو سكان الجنوب الذي يضم معظم المنشات النفطية اليمنية من ان الشماليين يستغلون اتفاق الوحدة في السيطرة على مواردهم والتمييز ضدهم.

وتحولت مظاهرات قادها ضباط من الجيش غاضبون من معاشات التقاعد الاجباري الضئيلة الى العنف في عام 2007. ومع اتساع نطاق السخط والاستياء من نقص الوظائف والاوضاع الاقتصادية الصعبة آخذ بعض الزعماء الجنوبيين يتحدثون عن "احتلال" شمالي ويدعون الى الانفصال.

وعاني اليمن مسقط رأس والد أسامة بن لادن خلال العام الماضي من موجة جديدة من هجمات القاعدة. وقالت السعودية انها تخشى ان تستخدم القاعدة اليمن في اعادة شن الحملة التي جرت بين عامي 2003 و 2006 للاطاحة بالعائلة الحاكمة في المملكة.

واعلن اليمن قائمة تضم 38 اسما لمتشددين مطلوبين بعد تفجيرانتحاري قامت به القاعدة وقُتل فيه أربعة من السياح الكوريين الجنوبيين في مارس اذار.

وخطف تسعة من الاجانب في محافظة صعدة الشمالية معقل المتمردين في يونيو حزيران. وعُثر على ثلاثة منهم مقتولين وهم اثنان من الممرضين الالمان ومعلم كوري جنوبي. ولا يزال الباقي وهم زوج وزوجة من الالمان واطفالهما الثلاثة وبريطاني في عداد المفقودين.

وغير جناح القاعدة في اليمن اسمه الى تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية في فبراير شباط ملمحا الى انه يهدف الى إحياء الصراع ضد السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم.

وتعاون اليمن مع الولايات المتحدة بعد هجمات 11 سبتمبر ايلول والهجمات التي شنتها القاعدة في الداخل بما في ذلك الهجوم على سفينة حربية امريكية. وحارب الكثير من اليمنيين القوات التي قادتها الولايات المتحدة في العراق بعد غزو عام 2003.

وبلغ معدل انتاج النفط وهو مصدر ما يتراوح بين 70 و 75 في المئة من عائدات البلاد واكثر من 90 في المئة من دخلها من التصدير 287 الف برميل يوميا انخفاضا من 300 الف برميل يوميا في العام الماضي ومن الذروة التي وصلت الى 457 الف برميل في عام 2002. وهبطت عائدات النفط بنسبة 75 في المئة تقريبا في الشهور السبعة الاولى من عام 2009 مقارنة بنفس الفترة من عام 2008.

ويتوقع البنك المركزي ان ينمو الاقتصاد بنسبة خمسة في المئة في العام الحالي أي أقل من المستهدف نتيجة لتأخير مشروع تصدير الغاز الطبيعي الذي يتكلف خمسة مليارات دولار. وزاد اجمالي الانتاج المحلي بنسبة 4.6 في المئة فقط في عام 2008 بالرغم من ارتفاع اسعار النفط العالمية في الشهور التسعة الاولى منه.

ومن المتوقع ان ينمو الاقتصاد بنسبة تتراوح بين 7 و 8 في المئة في عام 2010 مدفوعا بصادرات الغاز الطبيعي المسال بالاضافة الى قفزة متوقعة في المشروعات التي تمولها المعونات الاجنبية. ويقول البنك المركزي ان الدعم في مجال الطاقة سيبلغ في العام الحالي ما نسبته حوالي ستة في المئة من اجمالي الناتج المحلي.

ويعيش حوالي 35 في المئة من سكان اليمن الذين يبلغ تعدادهم 23 مليون نسمة في فقر. ومن المتوقع ان يتضاعف تعداد السكان في عام 2035.

وأبطأت الأزمة المالية العالمية من تدفق الاستثمارات والعائدات. ويقول البنك الدولي ان احتمالات النمو ضعيفة على المدى المتوسط فيما بعد عام 2009 نتيجة تراجع انتاج النفط.

نصائح متضاربة للنازحين

يذكر ان السلطات اليمنية قالت إنها أعدت ممرات امنة للسماح للنازحين بالوصول الى مخيمات توفر ملاذا امنا لهم من القتال لكن وكالات الاغاثة التابعة للامم المتحدة قالت إن هذه المخيمات ربما تفاقم الوضع الانساني.

وقالت وكالات الامم المتحدة إن معارك الشوارع المستمرة مع المتمردين الشيعة في مدينة صعدة الشمالية وانعدام الامن حالا دون وصول امدادات الاغاثة الى الاشخاص الجائعين الذين يفرون من الصراع.

وفر ما يصل الى 150 ألف شخص من منازلهم منذ بدأ رجال قبائل شيعة تمردا عام 2004. واشتد الصراع منذ أطلق الجيش اليمني "عملية الارض المحروقة" يوم 11 أغسطس اب.

ونقلت وكالة الانباء اليمنية (سبأ) بيانا رسميا دعت فيه اللجنة الامنية العليا النازحين الى التوجه لاربعة مخيمات في محافظتي صعدة وعمران عبر "ممرات امنة".

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للامم المتحدة في جنيف انها طلبت من الحكومة اليمنية عدم نقل المزيد من النازحين الى أحد هذه المخيمات وهو مخيم خيوان بسبب وقوع حوادث تبادل لاطلاق النار في منطقة قريبة منه.

وقال اندريه ماهيسيتش وهو متحدث باسم المفوضية في مؤتمر صحفي "لا نريد أن نرى نقل المزيد من النازحين الى هناك وقد يتعرضون لاضرار.

"المخيم نفسه امن لكننا نشعر ان احضار اشخاص الى هناك في هذه المرحلة ينطوي على خطورة."

واضاف "وفي الوقت نفسه تناشد المفوضية العليا للامم المتحدة لشؤون اللاجئين الحكومة السماح للامم المتحدة ببدء توزيع المساعدات على النازحين خارج المخيم."

وتمكنت المفوضية الاسبوع الحالي وللمرة الاولى من نقل قافلة مساعدات من السعودية التي تقع على حدود منطقة الصراع وتخشى من انتقال الحرب شمالا أو السماح لتنظيم القاعدة بأن يكون له موطيء قدم جديد في اليمن. وأوقفت الرياض اللاجئين الذين يعبرون الحدود للاحتماء.

وأضاف ماهيسيتش أن المفوضية تأمل في ارسال قافلة ثانية " قريبا جدا" الى مخيم علب وهو أحد المخيمات الاربعة التي ذكرتها الحكومة ويؤوي أكثر من ثلاثة الاف شخص.

ولم يسمح لوكالات المساعدات بالوصول الى معظم الذين نزحوا جراء الصراع كما أبعدت وسائل الاعلام مما جعل من الصعب التأكد من التقارير المتضاربة التي ترد من كل طرف.

وقال عبدو كريمو ممثل منظمة صندوق الامم المتحدة للطفولة ( اليونيسف) في اليمن في بيان "الوضع الانساني يتفاقم يوميا."

ويشكو المتمردون وهم مسلمون من أتباع الطائفة الزيدية الشيعية من تمييز سياسي واقتصادي وديني ضدهم. وتقول الحكومة انهم يسعون لاستعادة دولة دينية سقطت عام 1962.

زر الذهاب إلى الأعلى