أرشيف

الفتاة المريضة نفسياً .. من ضرب المشعوذين إلى العزلة الاجتماعية

عادة ما تفسر الحالات النفسية عند الفتيات من قبل الأهل بأنها دلع بنات.. ولذلك تقابل بالإهمال، فإذا ما زادت الحالة وخرجت الفتاة عن السيطرة على ذاتها اعتبرت الحالة قلة أدب وتمردا وعصيانا.. فيتم التعامل معها بممارسة العنف ضد الفتاة، فإذا بدأت حالة الفتاة تسوء ولم يُجد معها العنف ظن الأهل بأن للموضوع علاقة بالشعوذة والسحر.. فيتم أخذ الفتاة إلى المشعوذين، وهناك يبدأ المشعوذ في تجريب أساليبه معها ، فمن دخان إلى تمائم إلى الضرب المبرح.. وهناك وقائع مؤلمة حدثت للكثير من الفتيات على أيدي هؤلاء المشعوذين ، وليست قصة الفتاة (جميلة) التي نشرتها بعض وسائل الإعلام ومنها المستقلة إلا مثالا على ذلك؛ فجميلة التي لم تبدأ بعد ربيع عمرها ظل المشعوذ يضربها حتى يخرج الجني الذي لم يخرج بل خرجت روحهابدلا منه، ومن لم يمت كما حدث لجميلة فإنها تظل تعاني الأمرين من الأهل والمشعوذ حتى تنهار تماماً..

المشكلة وهي المضحك المبكي في الأمر, أن الأسرة في الغالب لا تخجل أو تتردد في الذهاب إلى المشعوذين.. وإخبار العالم أن ابنتهم قد سحرت وأنهم يأخذونها يومياً للمشعوذ فهذا عادي جداً لكن الذهاب إلى الطبيب النفساني أو إلى عيادة الأمراض النفسية يعد إحراجا كبيرا للأسرة بل أن بعضهم قد يعتبره فضيحة.. فماذا سيقول عنهم الناس..؟ ابنتهم مجنونة؟! ومن سيتزوجها بعد ذلك؟ وهذا لدرجة أن بعضهم قد يسجن ابنته في غرفة ويقفل عليها الباب حتى تعود إلى حالتها الطبيعية أو تموت هناك.. وما يدعو للسخرية هنا أن هناك أشخاصا قد يرغب أحد منهم بالزواج من الفتاة التي يقال بأنها مسحورة وتعالج على أيدي المشعوذين، بينما يرفضون الزواج من الفتاة التي تعالج عند طبيب نفسي لأنها تعاني من حالة اكتئاب أو قلق .. وهذا مجرد أن تلك تتُعالج عند طبيب نفسي والأخرى عند مشعوذين..

إن مرض السحر أيضاً ابتلاء يُبتلى به المرء كما يبتلى بالمرض النفسي والعقلي، لكن الخطأ عندما تصدر الأحكام من الأسرة أو أحد أفرادها بأن هذه الفتاة مسحورة ويجب الذهاب بها إلى الدجالين والمشعوذين.. بينما هي تعاني من حالة اكتئاب مثلاً أو أي مرض نفسي أو عقلي آخر.. وكان بالإمكان علاجه وشفاؤه لكن في مثل هذه الحالة لجوء الأهل وتفضيلهم للمشعوذين والدجالين على طلب المساعدة من الطبيب المختص قد يساعد على تفاقم الحالة وجعلها تتطور لدرجة أن الفتاة قد تصبح في النهاية مريضة فعلا..

إن إهمال وتجاهل الحالة النفسية للفتيات في بداية الحالة واعتبارها أنها سحر وسوف يزول, غهذا عند تفاقم الحالة له عواقب وخيمة، فهناك قصة حقيقية لفتاة أحبت شاباً رفض أهلها تزويجها منه وأصروا على تزويجها من ابن عمها، فأصيبت بحالة نفسية جراء حرمانها من الزواج بمن تحب وإرغامها على الزواج ممن لا تريد.. وعندما وجدوا أن الفتاة أثناء مراسم الزفاف وبعده لا تبدي أي تجاوب مع من حولها وكأنها فقدت القدرة على الإحساس، ويشتد بكاؤها كلما أرغمت على فعل أي خطوة تعجل بزفافها فقد تم تفسير الأمر على أنه سحر، وأن الشاب الذي كان يريد الزواج بها قد سحرها وظل الأهل والزوج يتعاملون معها على أساس أنها مسحورة وليست مريضة حتى أوصلتها حالتها النفسية السيئة جداً إلى إشعال النار في جسدها والموت انتحاراً..

الفتاة عندنا عموماً غير مسموح لها أن تمر بمرحلة المراهقة لأن معظمنا يعتبر هذه المرحلة مرحلة انعدام العقل وارتكاب الخطيئة، ولهذا كثيراً ما تسجن الفتاة في هذه المرحلة وتعيش تحت كاميرات المراقبة وأجهزة التصنت، مما يجعلها عرضة للمرض النفسي.

يقال "إذا كبر ابنك آخيه" فكم من أم هي أخت لابنتها؟!!

إن هناك أمهات قد لا يترددن للحظة في ضرب الابنة بالحذاء أو أمام قريباتها دون أدنى مراعاة لشعور هذه الابنة وكأنها تحمل بين ضلوعها قلبا من خشب..!!

زر الذهاب إلى الأعلى