أرشيف

يحي علاو في آخر حوار صحفي في (الأهالي )

الفقيد يحيى علاو الإعلامي المخضرم شخصية لا تحتاج إلى تعريف، في هذا الحوار نتعرف منه على ملابسات الغاء البرنامج الجماهيري (فرسان الميدان) من الخطة البرامجية لهذا العام.

– لماذا حذف برنامج فرسان الميدان من خطة هذا العام؟ 

– هي رؤية جديدة من قبل وزير الإعلام نحو التلفزيون وما هية المضامين التي ينبغي أن يحملها، وهذه الرؤية تتمثل في عدم جدوى برامج المسابقات التي تمنح جوائز للجمهور مباشرة، وقد ارتأى الوزير أن هذه البرامج تعتورها الكثير من أشكال الفساد ربما، وأحياناً ربما أنها تتناول أطروحات وموضوعات قد يكون غير مقتنع بها فكرياً أو اجتماعياً، فارتأى أن يلغيها مكتفياً بأنماط تقليدية من البرامج.

 – يلغى البرنامج حتى وإن كان جمهوره واسع؟

– له رؤية معينة سياسية نحترمها، ولكنا نختلف معها، فهو المسؤول الأول في النهاية عن القطاع الإعلامي في البلد، ونختلف معه اختلافاً جذرياً في رؤاه الإعلامية، ولكن لا نملك إلا أن نحترمها باعتباره مسؤول أساسي وقيادي رئيسي في حقل الإعلام ونحن تنفيذيون.

– يتحدث الكثير أنهم لا يشاهدون من برامج الفضائية اليمنية إلى برنامج فرسان الميدان؟

– الجمهوري اليمني يحتاج إلى هذه النوعية من البرامج، كما هي الجماهير العربية.. البرامج التي تعكس واقع حياته وتعبر عنه فيرى ذاته موجودة في الشاشة، لأن برامج المسابقات يشكلها ويكونها ومعظم مادتها هم الجمهور أنفسهم، وهذا شيء أساسي في العمل الإعلامي الناجح.

لكن هناك رؤى تقليدية وقد تكون نظريات إعلامية قديمة ترى أن الإعلام يأتي من الأعلى إلى الأسفل، من السلطة إلى الشعب، وعلى الشعب أن يسمع رغم أنف أبيه.

– يعني أن القرار فردي في هذا الإطار؟

– ليس فردياً، هناك لجنة عليا للبرامج توافقت في رأيها بالتصويت في النهاية على أن تلغى برامج المسابقات باستثناء ثلاث مسابقات نمطية «مسابقة القرآن، مسابقة الأطفال، المسابقة العامة»، وهذا ما توافق عليه الجميع، وليس استناداً إلى آراء علمية كما أعتقد أنا، وإنما استناداً إلى آراء شخصانية، فكأنهم اختزلوا في ذواتهم المعدودة الـ23 مليون يمني، وهم يعبرون عنهم.

– هل تعتبر استقالة رؤساء القطاعات التلفزيونية استجابة لهذه القرارات؟

– أعتقد أن استقالات رؤساء القطاعات تعود لأسباب أخرى، وكما فهمت ربما وعلمت أنها تعود لتضايق مجموعة منهم من فرض آراء فوقية في تسيير هذه الأجهزة، واعتقادهم أنه في مثل هذه المؤسسات ينبغي أن يكون لرئيسها رأي خاص، وأن تكون لقيادتها التحتية والوسطية آراء أساسية في تحديد ملامحها ومضامينها وسياساتها.

لكن في الوقت الراهن السياسات تأتي فوقية تماماً، وهذا ما أثار ربما عدم موافقة العديد من رؤساء القطاع.

– يعني أن القائمين على الوسائل الإعلامية يتخذون القرارات وفقاً للأهواء والأمزجة بعيداً عن رغبات الجماهير؟

– لا أستطيع أن أجزم بذلك، ولكن ما أعتقده أن ما تم اتخاذه في رمضان الحالي كان مخالفاً لنتائج الاستطلاعات التي أجرتها القيادة الإعلامية ذاتها.

– هل لديك البدائل لجمهورك؟

– طبعاًَ هناك الكثير من البدائل المطروحة، ولكن بما أن القرار جاء واتخذ متأخراً قبل رمضان بفترة قصيرة لا يمكن فيها توفير بديل جيد في مثل هذا الظرف القصير، هناك بدائل مطروحة لفترات غير رمضان، فاضطررنا لتفعيلها كما في «الموسوعة اليمنية» إن شاء الله ننزل بها في رمضان الحالي بقدر من الاختصار الذي يتيح تقديم برنامج جديد.

– غير فرسان الميدان؟

– إن شاء الله.

– وهل لديك بدائل لتذيع البرنامج في وسائل إعلام أخرى، مثلا هناك حديث عن إطلاق قناة باسم السعيدة موجهة للجمهور اليمني، هل أنت متفق معهم؟

– هناك نقاش ومفاوضات بهذا الشأن، وهناك رؤى مطروحة لنا في هذا السياق، إن شاء الله نصل إلى نتيجة إيجابية، ونتيجة مفيدة تراعي جمهورنا اليمني العزيز الذي نعتقد أنه يستحق إعلاماً أفضل من هذا الإعلام القائم.

– هل أوقف برنامج فرسان بسبب أن تمويله كان عبء على التلفزيون؟

– لا أعتقد بعكس ذلك، نحن كنا من خلال التمويل التجاري الذي نحضره نوفر للتلفزيون تغطية لعمل يسجل قرابة مائة شخص في التلفزيون، كنا نوفر عليهم هذا العبء بجهدنا، وهناك سوء فهم ربما من بعض القيادات الإعلامية بأن إحضارنا للتمويل والرعاية يمثل استغلالاً للمنفذ الإعلامي، بينما الواقع هو العكس، نحن نبذل جهدنا وطاقتنا لتوفير تمويل بدلاً مما ينبغي أن تقوم به المؤسسة.

– هل نستطيع أن نبشر جمهور فرسان الميدان أن البرنامج سيبث سواء عبر الفضائية اليمنية أو حتى فضائية أخرى؟

– إن شاء الله، الزمن هذا لم يعد زمن الحدود والقيود، الزمن هذا زمن الحرية، لقد ولى زمن الحرب الباردة، ونحن في زمن الحرية وفي زمن الأفق الإعلامي المفتوح وهناك عشرات إن لم نقل مئات البدائل المتاحة أمام الجمهور المتابع، وبالنسبة لجمهورنا اليمني العزيز نحن على عهدنا إن شاء الله، ونعتقد أن هذا الجمهور العزيز والغالي يستحق إعلاماً أفضل مما هو قائم والنوافذ الإعلامية البسيطة التي تأتيه على مدار العام ينبغي ألا تغلق، ولن نغلقها إن شاء الله، ولا بد علينا أن نصل إليه بطريقة أو أخرى.

– عرض عليك ذات مرة للعمل في إحدى القنوات المشهورة فرفضت، هل هذا صحيح؟

– عرض علي العمل في قناة الجزيرة في مرحلة من المراحل، وما كنت مستعدا لذلك، ولا يزال رأيي في هذا الاتجاه أننا كإعلاميين فإن بلادنا أولى بنا وينبغي أن نفيد جمهورنا بدرجة أولى، لمن نترك الجمهور اليمني، ألا يكفي الجمهور اليمني واقع الحياة المعيشية الصعبة التي يعاني منها ويتألم منها لأسباب أو لأخرى فهل نأتي لننكد عليه بقية حياته في الإعلام الخاطئ.

– الجمهور اليمني يمكن استهدافه بقناة الجزيرة أفضل من القناة اليمنية؟

– المؤشرات الميدانية تشير إلى أن النسبة الأكبر من الجمهور اليمني لا يزال يعتمد على القنوات الأرضية أكثر منها القنوات الفضائية لأسباب اجتماعية واقتصادية، ربما الطبقة المثقفة.

– تريد أن تبقى ابن البلد حتى وإن كان القائمون يرفضونك؟

– ليس بهذا المعنى، لا أعتقد أنهم يرفضونا، ولكن كما قال الشاعر العربي «بلدي وإن جارت علي عزيزة، وأهلي وإن ظنوا علي كرام»، بلادنا كما أعرف ولمست من القيادات العليا ابتداء من الرئيس وقيادات إعلامية محترمة هم في مقدمة من يشجعون الإبداع، وفي مقدمة من كانوا لنا سنداً ودعماً، وأذكر أن الرئيس في مرافقتي له في إحدى زياراته أعطى دعماً لا محدود بشأن البرنامج وأشاد به بل أعطاني توجيهات أصبحت أستمد منها في التعامل مع الفقراء والبسطاء والمساكين أعطاني ضوء أخضر لمساعدة البسطاء والمساكين في الأسئلة.

– الجمهور اليمني ينظر إلى هذا البرنامج من هذه الزاوية، فيه ثقافة عالية، وجانب اجتماعي كبير، فهل هذا سبب الرفض أيضاً؟

– أنا في الجانب الاجتماعي وبعض الأحيان في التسهيل لبعض الحالات الإنسانية التي تستحق أستند إلى مرجعية وضوء أخضر أخذته من الأخ الرئيس.

– لو قرر وزير الإعلام بث البرنامج في الأيام القريبة عبر الفضائية، هل سيوافق يحيى علاو؟

– لم يعد الواقع ولا الظرف الإنتاجي للقناة الفضائية ملائماً لتهيئة البرنامج في القناة، وعسى الله أن يهيئ بديلاً آخر.

– كلمة أخيرة؟

أقول للجمهور اليمني العزيز إننا لن نتركه ولن نخل بوعدنا وعهدنا، وأقول للإخوة في القيادات الإعلامية أننا سنظل إخوة وسنظل على احترامنا لهم، وإن اختلفنا معهم في الرأي وإن لم نوافقهم على قراراتهم، ولكن في النهاية هم من سيتحملون مسؤوليتهم، أما نحن فسنقول رأينا بصراحة، وعند التنفيذ نلتزم بأوامر القيادة.

زر الذهاب إلى الأعلى