أرشيف

القاعدة ليست سوى واحدة من مشكلات لا حصر لها تواجه اليمن

بيروت ـ من اليستير ليون: ما زالت المشاكل الاقتصادية الضخمة التي يعانيها اليمن تحجب وتذكي التهديد المتزايد الذي يمثله تنظيم القاعدة والذي أبرزه الهجوم الثاني على دبلوماسيين بريطانيين في صنعاء هذا العام. ويتأثر غالبية اليمنيين بالعوامل المتشابكة من الانفجار السكاني الى تراجع الموارد المائية والنفطية وانعدام الأمن الغذائي والفقر والبطالة والفساد وغياب القانون.

وقد تربك أزمات بهذا الحجم أي حكومة لكن صنعاء تواجه ايضا تمردا للحوثيين الشيعة في الشمال في صراع هدأ الآن بعد إبرام هدنة فضلا عن اضطرابات انفصالية في الجنوب. وقد يرى اليمن ان الاثنين خطر اكبر من تنظيم القاعدة في جزيرة العرب وهو جناح التنظيم الذي يتخذ من اليمن مقرا له.

وقال محلل مقيم في بريطانيا طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع 'تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يحتل مركزا متأخرا جدا في القائمة'.

وأضاف 'تصادف أن له ثقلا رمزيا يتجاوز قدرته على القيام بأي شيء لكنه ايضا يستغل مشاعر السخط العام تجاه النظام وداعميه'.

وأطلقت قذيفة صاروخية على سيارة دبلوماسي بريطاني في صنعاء يوم الاثنين في تكرار محتمل لمحاولة انتحاري من تنظيم القاعدة لاغتيال السفير البريطاني في نيسان ابريل.

وقال جريجوري جونسن الخبير الأمريكي في الشؤون اليمنية 'هذا يأتي بعد اشتباكات استمرت لأشهر بين تنظيم القاعدة والحكومة اليمنية في محافظتي ابين وشبوة (الجنوبيتين). هذا أسلوب القاعدة في قول إنها ما زالت بخير وتستطيع شن هجمات في اي مكان باليمن حتى في العاصمة'.

ولم تتضح أي صلة بين الهجوم على الدبلوماسي البريطاني ومقتل فرنسي في نفس اليوم حين فتح حارس أمن يمني النار عليه في مجمع لشركة نمساوية للطاقة بالعاصمة.

وقال جونسن 'المشكلة الحقيقية هي أن مثل هذه الأحداث تسرع من الرحيل الجماعي للعاملين المدنيين الأجانب من اليمن ويحل محلهم مسؤولون عسكريون'. ومضى يقول 'هذه المعادلة أحادية الأجانب ليست وصفة للنجاح في اي دولة'. وتكررت هجمات تنظيم القاعدة بجزيرة العرب على أهداف يمنية وغربية بمعدل اكبر منذ أعلنت صنعاء 'الحرب' على التنظيم بدعم من الولايات المتحدة بعد ان أعلن المسؤولية عن محاولة تفجير فاشلة لطائرة امريكية في كانون الأول/ديسمبر.

وأسفرت هجمات صاروخية أمريكية جرت من وقت لآخر لدعم حملة صنعاء عن سقوط قتلى مدنيين في بعض الأحيان الى جانب القتلى من المتشددين وهو مصدر إحراج لحكومة تدرك المشاعر القوية المناهضة للولايات المتحدة التي يكنها الكثير من اليمنيين في دولة تنتشر فيها الأسلحة.

ورغم ذلك فإن الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حريص على الاستفادة من الدعم الغربي وإظهار أن اليمن يدفع ثمنا غاليا لالتزامه الذي يجري التشكيك فيه أحيانا بمكافحة تنظيم القاعدة. وذكر موقع حكومي على الإنترنت يوم الثلاثاء أن اليمن خسر 12 مليار دولار في قطاعي السياحة والاستثمار منذ استهدف تنظيم القاعدة سفينة حربية أمريكية بتفجير في ميناء عدن عام 2000 أسفر عن مقتل 17 بحارا.

وقال إن 64 من أفراد قوات الأمن قتلوا في معارك ضد القاعدة منذ بدأت الحملة في منتصف آب/اغسطس. ويريد اليمن الذي يقول إن الفقر يوفر تربة خصبة للإرهاب الحصول على كل الدعم الممكن من الغرب.

ويعيش اكثر من اثنين من كل خمسة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم. ويقول المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية إن الثلث ليس لديه طعام يكفي احتياجاته.

وقال محمد الباشا المتحدث في السفارة اليمنية بواشنطن 'يجب أن يواصل حلفاء اليمن تسليح وتدريب قوات مكافحة الإرهاب لكن لم يعد من الممكن تجاهل التركيز على التنمية اكثر من هذا. 'معالجة الأسباب الجذرية للتطرف والإرهاب هي أفضل طريق لتحقيق سلام مستديم'.

ولن تجادل حكومات غربية كثيرة في هذا لكن يجب إحراز تقدم كبير في جهود التعامل مع التركيبة السامة التي يعاني منها اليمن وتتكون من البؤس الاقتصادي والصراع السياسي والحكم غير الرشيد.

وفي الشهر الماضي اتفقت مجموعة 'أصدقاء اليمن' وهي مجموعة اتصال غير رسمية شكلتها الدول المانحة في لندن هذا العام على حزمة مساعدات تشمل جوانب سياسية واقتصادية وأمنية.

وقالت جيني هيل محللة الشؤون اليمنية في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية بلندن 'هناك اعتراف على مستوى عال داخل الحكومة البريطانية بأن اليمن يمثل تهديدا متزايدا للأمن الإقليمي والدولي ووعي بأن الظروف الأمنية في تدهور'. لكن جونسن عبر عن تشككه في جهود المانحين 'غير المتكاملة'.

وقال 'برنامج اصدقاء اليمن الذي تشكل على عجل لم يقدم ما يذكر كمؤشر على أنه قادر على التعامل او حتى فهم نطاق التحدي في اليمن'. وشكك معلقون آخرون في النهج الغربي.

وقال المحلل المقيم في بريطانيا والمتخصص في الشؤون اليمنية 'الحفاظ الضمني على الوضع الراهن في محاولة لتقييد قدرة اليمن على تصدير العنف ليس الحل' ناسبا انعدام الاستقرار في الأساس الى عقود من سوء الحكم.

وأضاف أن متشددي القاعدة في اليمن 'أعراض خبيثة لنموذج سياسي لخضوع الدولة لسيطرة نخبة منتفعة – مجموعة صغيرة من العائلات بينها خصومات قادرة على خوض حروب مهلكة بالوكالة – تعاني الجماهير من سوء إدارتها للاقتصاد'.

زر الذهاب إلى الأعلى