أرشيف

اليمن: المعارضة تلوّح بسيطرتها على الشارع لكنها تفضل تنازلات السلطة

انشغل الوسط السياسي اليمني الجمعة بمتابعة أحداث المظاهرات الجارية في المدن المصرية وتابعها عن كثب وكأنها تجري في المدن اليمنية، نظرا للتلازم الوثيق بين الواقع اليمني والمصري.
ويعتقد العديد من المحللين السياسيين في اليمن أن ما يجري في مصر لا شك سيلقي بظلاله المباشرة وغير المباشرة على الأوضاع في اليمن وإذا نجح المصريون في انتفاضتهم بتغيير نظام مبارك فإن اليمن سيسير على نفس الخطى وكأنها جزء من مصر، شاءت السلطة أم أبت وسواء تزعمتها المعارضة أم رفضت.
وقال استاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور عبد الله الفقيه لـ « القدس العربي » إن الوضع الحالي في مصر بالتأكيد سينعكس على العديد من دول المنطقة وعلى الوضع في اليمن على وجه أخص، لأنه تاريخيا ما يحدث في مصر ينعكس على اليمن ويتغير الوضع في اليمن كلما تغير في مصر. وشدد على أن ما يجري حاليا في مصر يعتبر بكل تأكيد رسالة سياسية للرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ينبغي أن يستوعبها جيدا.
« وأكد أن » المعارضة اليمنية ما زالت مترددة حيال تحريك الشارع اليمني وغير مبادرة في إطلاق الشرارة الأولى لانتفاضة الشارع « . وأرجع أسباب ذلك التردد إلى » خشية أن يصاب الحاكم ـ في اليمن ـ بالجنون وتفاديا لأن يلجأ إلى مواجهة تحركات الشارع بالقمع الشديد والذي قد يقود البلاد إلى حرب أهلية، خاصة وأن النظام في اليمن نظام أسري أكثر منه نظاما مؤسسيا.
« وأوضح أن » الشارع اليمني مسلح بالكامل ويُخشى أنه إذا تحرك الشارع عفويا بدون قوة منظمة له فإنه لن يستطيع احد التحكم بتوجهاته ولا بمساراته، وهذا ما تخشاه السلطة والمعارضة على حد سواء.
« وأشار إلى أن قيادات المعارضة اليمنية شاخت وقد أكل عليهم الدهر وشرب، ولدى العديد منهم مصالح واستثمارات ضخمة داخل اليمن يحاولون الحفاظ عليها، وعدم تعريضها للمخاطر، و » لكن إذا لم تتحرك المعارضة في الوقت المناسب لإجبار النظام على إجراء إصلاحات حقيقية شاملة، فإن الفوضى قد تعم الشارع اليمني وقد تكون نتائجها غير مأمونة وستفرض وضعا جديدا على الجميع.
وذكر أن ما يحدث في مصر حاليا يخلق احتقانا شديدا لدى الشارع اليمني، بالإضافة إلى ما لديه أصلا من احتقانات داخلية وهو ما قد يدفعه إلى الانفجار لاحقا وإجبار السلطة والمعارضة على التحرك لاحتوائه ولكن بعد فوات الأوان.
وكانت المعارضة اليمنية الرئيسية المتمثلة بتكتل أحزاب اللقاء المشترك أخرجت أمس الأول 4 مظاهرات في أنحاء مختلفة من العاصمة صنعاء قدّر أعداد المشاركين فيها بعشرات الآلاف رغم كل الإعاقات والعوائق التي فرضتها السلطة على المتظاهرين، وأن المعارضة أعادت المشاركين في هذه المظاهرات إلى بيوتهم بعد ثلاث ساعات فقط.
« وبرر أحد قيادات المعارضة تنظيم هذه المظاهرات المحددة سلفا زمانا ومكانا بأنها كانت بمثابة » توجيه رسالة سياسية للسلطة في اليمن، مفادها أن المعارضة قادرة على تحريك الشارع اليمني والتحكم بمساره وقيادة زمام المبادرة لتحريكه، غير أنها لا زالت تأمل في أن يستوعب النظام اليمني الدرس ويستجيب سريعا للمطالب السياسية للمعارضة اليمنية قبل فوات الأوان.
وقرأت رسالة المعارضة في أوساط المثقفين اليمنيين بأن المعارضة تستقوي بقدرتها الواضحة على تحريك الشارع اليمني، وأنها يمكن أن تستخدمه عند اللزوم ضد النظام إذا تعذر معه الوسائل السلمية للوصول إلى إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة، واستفادت كثيرا من الأجواء السياسية التي شهدتها تونس سابقا ومصر لاحقا لترفع المعارضة اليمنية سقف مطالبها من النظام وتلوّح باستخدام الشارع للضغط عليه من أجل الاستجابة لهذه المطالب عاجلا.
« وتشتمل مطالب المعارضة اليمنية توفير ضمانات قوية وإجراءات سليمة لتوفير انتخابات نيابية ورئاسية حرة ونزيهة تكفل إعطاء فرص متساوية في الانتخابات وتحول دون » تأبيد الرئاسة بيد علي عبد الله صالح، بالإضافة إلى المطالب الأساسية المتعلقة بتحسين الوضع المعيشي للمواطنين اليمنيين.
وفي المقابل يستقوي النظام اليمني بسيطرته الكاملة على مؤسسات الجيش والأجهزة الأمنية، وقيادة هذه المؤسسات والأجهزة بواسطة أفراد العائلة الحاكمة الذين يضمن النظام الحاكم ولاءهم الكامل له، حيث يقود أفراد العائلة الحاكمة كلا من الحرس الجمهوري، القوات الخاصة، الحرس الرئاسي الخاص، القوات الجوية والدفاع الجوي، الأمن القومي، الأمن المركزي بالإضافة إلى قوات جديدة أنشئت مؤخرا أسندت للنجل الأصغر للرئيس اليمني، وهذه تعتبر من أهم المؤسسات العسكرية والأمنية في اليمن وبالتالي يعتقد النظام أن تحريك الشارع اليمني قد يكون غير مؤثر في مقابل هذه القوات العملاقة.
« وعلمت » القدس العربي « من مصادر وثيقة الاطلاع أن النظام قام مؤخرا باستحداث قوات عسكرية جديدة تحت مسمى » فرقة مشاة جبلي، تضاهي الفرقة الأولى مدرع التي يقودها الرجل العسكري المخضرم اللواء علي محسن صالح الأحمر.
وأوضحت أن فرقة المشاة جبلي تشتمل على ثلاثة ألوية، يتمركز اللواء الأول في جبال منطقة بني حشيش بشرق العاصمة صنعاء ويتمركز اللواء الثاني في جبال منطقة الصّمع المحاذية للعاصمة صنعاء فيما يتمركز الثالث في جبال مدينة رداع بمحافظة البيضاء.
وأكدت أن قيادة هذه القوات المستحدثة أسندت للنجل الأصغر للرئيس علي عبد الله صالح وهو العقيد خالد علي عبد الله صالح، وهو في العشرين من العمر وتخرج منتصف العام الماضي من الكلية الملكية البريطانية ساند هيرست.




القدس العربي

زر الذهاب إلى الأعلى