أرشيف

(ترجمة حصرية) السعودية تشتبه بالبريطانيين ثم الأميركيين في تفجير الرئاسة وتسعى لاستقلال الجنوب تحت قيادة الحراك

 نشرت مجلة ديبكا، المتخصصة بشؤون الصراعات الدولية، والأمن، ومكافحة الإرهاب، في أعدادها 496، 495، 494 متابعات مهمة حول تطورات الأوضاع في اليمن، تضمنت معلومات حصرية وغير متداولة حول تفجير القصر الرئاسي وتداعياته وأسراره، خطط السعودية لتقسيم اليمن وتكوين “جمهورية حضرموت العربية” في الجنوب، انقسامات في مواقف الدول العظمى حول مستقبل اليمن.. متابعات أعادت تسليط الضوء على كثير من مجريات الأحداث الغامضة في المشهد اليمني ومستقبله: تحركات إقليمية ودولية، زيارة نائب الرئيس السابق علي سالم البيض إلى السعودية، ودعم السعودية المشترك للأطراف المتحاربة في صنعاء.


ترجمة: عبدالله عبدالوهاب ناجي/ ترجمة حصرية بـ”يمنات”


المصدر: مجلة ديبكا الأسبوعية



من يقف وراء تفجير النهدين؟ السعودية تشتبه بالبريطانيين أولا، ثم الأميركيين.. الفريق المهاجم أطلق صواريخ على القصر لكي يموه على القنبلة التي انفجرت بالقرب من الموضع الذي كان يصلي فيه الرئيس 


السعودية تملك خططاً كبيرة ليمن مقسم، وإذا نجحت هذه الخطة السعودية، فإن هذا الكيان الجديد بزعامة قادة الحراك، الذي أطلقت عليه الرياض من قبل بـ “جمهورية حضرموت العربية”، سيحكم قبضته على مزيد من الأراضي، ويسيطر على 80 في المائة من احتياطيات النفط الوطني، وسيُحكم من ميناء عدن المهم.


وجه الهجوم على القصر ضربة مزعجة للعرش السعودي، لأنه أولاً لم يكن قد تلقى أية معلومات أو تنبيهات من أجهزته الخاصة، وثانياً بسبب شكوك العرش السعودي بأن الهجوم كان تمثيلية مظللة من قبل يد خارجية. 


تثار أسئلة في واشنطن حول ما إذا كان الرئيس علي صالح من بين القتلة الذين يقفون خلف الحادثة، وذلك في ضوء حقيقة مفادها أن عمليتهم عمقت الشكوك حول الأزمة اليمنية.


القوى العظمى، التي تريد تنحي رحيل صالح لديها تصورات مختلفة تماماً لمستقبل اليمن، فعملية الاغتيال الفاشلة جعلت خطوط التصدع تلك أكثر وضوحا من ذي قبل. 


لا أحد في الرياض يعتقد أن أي عنصر محلي يمني لديه القدرة على المهارة والدقة التي أظهره الهجوم على القصر بصنعاء: كان السعوديون مأسورين بالمعلومات الدقيقة للفريق المهاجم حول أي الصفوف الثلاثة في مسجد القصر التي يشغلها كبار مسئولي نظام صالح، ليستهدفهم على وجه التحديد بالصواريخ ومدافع الهاون.


– الهجوم على القصر الرئاسي بصنعاء عمل على تعقيد الأزمة اليمنية، والعلاقات مع الرياض 


– السعوديون مقتنعون من أن أحمد كان قد حصن نفسه بخطة طوارئ للاستيلاء على المناصب الرئيسية في الحكومة في حال تعرض الرئيس للقتل أو عجز عن الحكم.


خرج صالح من التوقيع على المحضر الأخير للمبادرة الخليجية، ذلك أن الرياض أنقذته من القيام بذلك لأن الرياض لديها حصة في السعي للعبة مزدوجة صدمت الأمريكيين على حين غرة.


– فجأة غير السعوديون مسار توجههم هذا الشهر. فأصبح صالح فائضاً عن حاجة الخطة السعودية الجديدة الرامية إلى تكوين جمهورية جديدة في جنوب اليمن، مع السيطرة على نفط البلاد، والتوجه في مناهج إستراتيجية قوية على البحر الأحمر.


عندما أرسل صالح بريد استغاثة إلى الرياض أرسل له السعوديون على الفور بقافلة من صهاريج الوقود، لكن السعوديين أيضاً بعثوا بقافلة وقود ثانية لأعداء الرئيس اليمني 



ترجمة: عبدالله عبدالوهاب ناجي/ ترجمة حصرية بـ”يمنات”


تحت عنوان: “الثورة العربية تدخل المرحلة الثانية.. تصفية الحكام العرب المتشبثين، مع قليل من المساعدة الخارجية”، نشرت مجلة ديبكا الأسبوعية، في عددها 496 والصادر بتاريخ 10 يناير، تقريراً مهماً تضمن معلومات غير متداولة حول مستجدات الوضع في اليمن. فيما يلي نصه:


تعقد الثورات العربية العزم في كل من اليمن وسورية وليبيا لتقديم عطاءات صريحة للتخلص-بطريقة أو بأخرى- من ثلاثة حكامها الذين قضوا فترات طويلة في الحكم ويرفضون التنحي في تحد لتوقعات في الغرب.


تبدو الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، والمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى، في موقف موحد في توقعهم لرؤية قريبة بخصوص قدرة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، ذو 69 عاما، على حمل الأعباء، وهو الآن خارج صنعاء في الرياض لتلقي العلاج من الإصابات- (مصاب بشظايا قرب القلب، خضع بسببها لعملية جراحية في الرياض، وحروق بنسبة 40 في المائة من جسده). فقد أصيب في محاولة لاغتياله يوم الجمعة الموافق للثالث من يونيو.


إلا أن هذا الانطباع مضلل، فالانتقال المنظم المأمول للسلطة ليس له من مكان في الأفق. فقد قال صالح انه سيعود إلى وطنه في غضون أيام، وقد خرج من العناية المركزة بحلول التاسع من يونيو، وبدأ بالتعافي، وذلك ما يباعد من احتمال أن يكون قد وصل إلى محطته الأخيرة.


وعلاوة على ذلك، فالقوى العظمى، التي تريد أن تعتبره في حكم المنتهي، لديها تصورات مختلفة تماماً لمستقبل اليمن، فعملية الاغتيال الفاشلة جعلت خطوط التصدع تلك أكثر وضوحا من ذي قبل.


انتهى مستشار الرئيس باراك أوباما لشئون الإرهاب، جون برينان، إلى الوصول لتفكير تواق حول اليمن والمملكة العربية السعودية لدى عودته من الرياض، ودولة الإمارات في وقت سابق من هذا الشهر.


وقال انه خرج بأمل أن تُنفذ التسوية السعودية-الخليجية لانتقال السلطة، وأن ينتقل الرئيس علي صالح لعيش حياة هادئة مريحة في المنفى في المملكة العربية السعودية بجانب الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي. وكان هذا الترتيب جزء من الترتيبات التي وصلت إليها عملية تجديد الحوار والتفاهم بشأن المسائل الإقليمية بين واشنطن والرياض.


من المجرم؟


بيد أن برينان عاد إلى بلده دون أن ينجح في رأب الصدع مع الرياض أو يتوصل لاتفاق بشأن مستقبل اليمن. ذلك أن الهجوم على القصر الرئاسي بصنعاء عمل على تعقيد الأزمة اليمنية، والعلاقات مع الرياض، بدلا من تبسيطهما، بالنظر إلى أن الحادث وقع بينما كان مستشار أوباما يقوم بجولاته بين السعودية وعواصم خليجية.


وعند ذلك، حزم جون برينان حقائبه في الرابع من يونيو عائداً إلى بلده.


وجه الهجوم ضربة مزعجة للعرش السعودي، وذلك لأنه- بحسب ما ذكرت مصادر استخبارية لـ “ديبكا. نت” الأسبوعية- أولاً لم يكن قد تلقى أية معلومات أو تنبيهات من أجهزته الخاصة، وثانياً بسبب شكوك العرش السعودي بأن الهجوم كان تمثيلية مظللة من قبل يد خارجية.


لا أحد في الرياض يعتقد أن أي عنصر محلي يمني لديه القدرة على المهارة والدقة التي أظهره الهجوم على القصر بصنعاء: كان السعوديون مأخوذين بالمعلومات الدقيقة للفريق المهاجم حول أي الصفوف الثلاثة في مسجد القصر التي يشغلها كبار مسئولي نظام صالح، ليستهدفهم على وجه التحديد بالصواريخ ومدافع الهاون. فهم يفترضون أن ثمة عميل في الداخل سرب المعلومات السرية بسرعة للمهاجمين، فقُتل سبعة من مسئولي النظام وجرح العديد من كبار المسئولين في العملية التي يثق السعوديون بأنها كانت مؤامرة خارجية.


وما يكون مستور في العادة حول هذه الأمور، أفصح عنه مصدر استخباري سعودي معلقاً: ” “ما حدث يوم الجمعة الماضي كان غير عادي ونظم بدقة من قبل طرف لديه قدرات ومعلومات واعتبارات تمكنها من تنفيذ التفجير بمثل هكذا دقة.”


ووفقا لإحدى النظريات، فإن الفريق المهاجم أطلق صواريخ على القصر لكي يحجب أو يموه على القنبلة التي انفجرت بالقرب من الموضع الذي كان يصلي فيه الرئيس.


الاشتباه بالبريطانيين أولا، ثم الأميركيين


اتجهت شكوك الرياض نحو البريطانيين أولا، الذي يعرف عنهم بأنهم يمتلكون حضوراً سرياً قوياً في اليمن، بدلا من الأميركيين، ذلك أن مهاجمة القصر في الحساب النهائي كان مضراً لكلا المصالح السعودية والأمريكية. وتعززت هذه الشكوك يوم الثلاثاء الموافق 7 يونيو، عندما انتشر 80 جندي من مشاة البحرية الملكية البريطانية على متن فورت فكتوريا، قبالة الساحل اليمني، ووضعت على أهبة الاستعداد لإجلاء الرعايا البريطانيين بشكل سريع من اليمن.


ولكن بعد ذلك، غيرت الرياض فجأة المضمار الذي انتهجته.


تضمن موضوع كتبته صحيفة الشرق الأوسط، من صنعاء الأربعاء الموافق للثامن من يونيو، تحت عنوان “من الذي حاول قتل صالح؟”، وما أعلنه الناطق الرسمي السعودي في لندن، واقتباسات لعدد من المسئولين اليمنيين، تضمنت كلها على السواء اتهام للأمريكيين بالوقوف وراء الحادثة. كتب الكاتب اليمني أحمد صالح الفقيه “…الأميركيين هم الوحيدون الذين يمتلكون القدرة على تنفيذ عملية من هذا النوع، خصوصا أن عددا كبيرا من ضباط الحرس الجمهورية والقوات الخاصة ومكافحة الإرهاب يتم تدريبهم في الولايات المتحدة، وهم على احتكاك مستمر بالجهات التي تتولى مكافحة الإرهاب في اليمن، وهذا الاحتكاك يجعلهم قادرين على مجاميع يمكن أن تنفذ ما يريدونه”.


وتثار أسئلة في واشنطن حول هوية الرئيس علي صالح من أن يكن بين القتلة الذين يقفون خلف الحادثة، وذلك في ضوء حقيقة أن عمليتهم عمقت الشكوك حول الأزمة اليمنية.


أحمد نجل الرئيس صالح يقبض المعقل بحركة سريعة


وضعت حاشية صالح رسائل في الرياض تشير جميعها على انه عازم على العودة وطنه.


ترك صنعاء في أيد موثوق بها لابنه أحمد، وهو يقود قائد 60 في المائة من الجيش الذي ما زال موال للرئيس، بما في ذلك الحرس الجمهوري وقوات العمليات الخاصة اليمنية.


ودونما إضاعة دقيقة واحدة بعد رحيل والده، استولى أحمد صالح على القصر الرئاسي وأحاط نفسه بالموالين له، ورفض قبول نائب الرئيس عبده ربه منصور هادي، الذي تم تعيينه ليمثل الرئيس في حالة غيابه.


حرص أحمد على أن تظل عصبته في القيادة العليا تحت سيطرة وزارة الدفاع، بينما يسيطر أفراد آخرين في الأسرة على قوات الأمن المركزي والاستخبارات وقواعد الحرس الجمهوري.


السعوديون مقتنعون من أن أحمد كان قد حصن نفسه بخطة طوارئ للاستيلاء على المناصب الرئيسية في الحكومة في حال تعرض الرئيس للقتل أو عجز عن الحكم، فقفز إلى أمام المعارضين الرئيسيين، ومنهم قبيلة الأحمر التي يرأسها الشيخ صادق الأحمر، وفصائل معارضة أخرى.


وظل اللواء علي محسن الأحمر- شخصية بارزة في الاضطرابات وليس له علاقة عائلية بعشيرة الأحمر- ظل حليفاً للرئيس صالح منذ وقت طويل، وهو قائد الفرقة الأولى المدرعة ، الذي انشق مؤخرا إلى المعارضة.


وهكذا تستعد معسكرات صالح ومعسكرات المعارضة في مواصلة النزاع الأهلي الطويل من أجل السيطرة، في الوقت الذي لا تلوح فيه المصالحة الوطنية في الأفق.


وقد اكتسبت الجماعات المعارضة في الوقت نفسه السيطرة على المدن اليمنية الرئيسية، بما في تعز. وما تزال قوات متصلة بتنظيم القاعدة تسيطر على زنجبار، عاصمة محافظة أبين، حيث قتل 15 شخصا في المعارك التي دارت ليلة الثلاثاء الموافق للثامن من يونيو. ولا تسيطر الحكومة في تلك المدينة إلا على قاعدة عسكرية من اللواء 25 ميكانيكا.


ويستمر قف إطلاق النار الهش في العاصمة، على الرغم من أن العنف خلال خمسة الأشهر الماضية، والذي جزأ الدولة على نحو متزايد، يلتهم هامش الدولة.


وأملا في وضع حد للتدهور، افتتحت أول محادثات في صنعاء الأربعاء 8 يونيو، بين المؤتمر الشعبي العام الحاكم وائتلاف جماعات المعارضة الرئيسية – تكتل أحزاب اللقاء المشترك. هدفهم هو إيجاد حل سياسي، ولكن تفاصيل حول مجالات التفاوض غير واضحة.


وكتبت مجلة ديبكا في عددها 495 الصادر بتاريخ 3 من يونيو الجاري:


تدعم الرياض منذ شهرين الرئيس اليمني المحاصر علي عبد الله صالح في مواجهة ثورة كبيرة ضد نظامه، وفي مواجهة الضغط الأميركي عليه لأن يتنحى. وفجأة غير السعوديون مسار توجههم هذا الشهر. فأصبح صالح فائضاً عن حاجة الخطة السعودية الجديدة الرامية إلى تكوين جمهورية جديدة في جنوب اليمن، مع السيطرة على نفط البلاد، والتوجه في مناهج إستراتيجية قوية على البحر الأحمر. وبقدر ما تشعر الرياض من قلق، يمكن أن يغرق شمال اليمن في حرب أهلية لا نهاية لها. فقد كلف العنف هذا الأسبوع ثمنا باهظا.


وهنا أيضا، ضربت المملكة العربية السعودية هدف واشنطن في إخماد الفتنة في اليمن خشية أن يُفتح الباب واسعاً لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب في اغتنام ميزة.


وتحت عنوان: ” السعودية تملك خططاً كبيرة ليمن مقسم”، كتبت مجلة ديبكا في عددها 494 الصادر بتاريخ 27 مايو الماضي:


أثار إعلان الرئيس علي عبد الله صالح هذا الأسبوع حول عدم نيته في التنحي ونقل السلطة اشتباكات عنيفة فورية في الخامس والسادس والعشرين من مايو، والتي كانت إنذارات واضحة بنشوب حرب أهلية جديدة.


وبينما تقتصر الاشتباكات في الوقت الراهن في صنعاء..، لكن ما هي إلا مسألة وقت قبل أن تتوسع دائرتها خارج العاصمة.


إن احتمالات نشوب حرب أهلية واسعة في اليمن تضع سياسات الرئيس أوباما أمام معضلتين:


فبالإضافة إلى أنها ستفتح الباب واسعاً للقاعدة لأن تستغل الأوضاع وتستولي على كميات كبيرة من السلاح وتفرض سيطرتها على منطقة يمنية، إلا أن السؤال الأكثر إلحاحاً هو: على ماذا يلعب السعوديون؟


عندما دعا الرئيس أوباما صالح أن يتحرك مباشرة باتجاه التزامه بنقل السلطة، فإنه كان يشير إلى تسوية توصلت إليها السعودية بمعية دول الخليج في الأسبوع الثالث من مايو والتي تضمنت التزام صالح بالتنحي خلال 30 يوماً وتسليم السلطة إلى المعارضة.


ومع ذلك، خرج صالح من التوقيع على النص النهائي في المحضر الأخير، ذلك أن الرياض أنقذته من القيام بذلك- بحسب ما ذكرته مصادر (ديبكا. نت) في الخليج- ذلك أن الرياض لديها حصة في السعي للعبة مزدوجة صدمت الأمريكيين على حين غرة.


راح السفير الأمريكي جيرالد فاير ستاين ذهاباً وإياباً بواسطة هيلوكبتر بين الرئيس ومعارضيه ليحقق رضاهم باتفاق، وبالتحديد كان مدعوماً بقوة من قبل السعودية، فسحبت الرياض البساط عنه.


تكوين جمهورية جديدة خاضعة للسيطرة السعودية في جنوب اليمن


ذكرت مصادرنا أن السعوديين قد قرروا في تلك اللحظة على إسقاط الرئيس اليمني ومعه جهود الولايات المتحدة للحيلولة دون وقوع حرب أهلية. من الآن فصاعدا ، فإنهم سيختارون غرضاً ما بالذات يتعلق بأي الأطراف المتحاربة في الصراع خدم بشكل أفضل مصالح السعودية.


عندما أرسل صالح بريد استغاثة هذا الأسبوع إلى الرياض شرح فيه أن قوى الجيش الداعمة له تستنفذ البنزين، أرسل له السعوديون على الفور قافلة من صهاريج الوقود.


لكن السعوديون بالمقابل، بعثوا بقافلة وقود ثانية لأعداء الرئيس اليمني، والقبيلة التي يقودها الشيخ الأحمر – وهذا مثل آخر للعبة الرياض المزدوجة.


في الواقع، لقد قررت الملكية الحاكمة في السعودية والجيش والمخابرات وصناع السياسات إلى التوقف عن الإمساك بجانبي الصراع في اليمن، والبدء في لعبة واحدة فقط خاصة بهم. إنهم يهدفون الآن إلى تقسيم اليمن إلى قسمين، وبناء المنطقة الجنوبية بالمساعدات السعودية العسكرية والمالية كدولة مستقلة تحت تأثير مطلق من مملكة النفط.


وليس لدى السعودية مشكلة حتى وإن كان التوصل إلى هذا الهدف ينطوي على تمزيق اليمن عبر حرب أهلية. لقد تخلت الرياض عن الرئيس اليمني وتركته يواجه مصيره، وأدارت ظهرها للأهداف السياسة الأميركية.


فبينما تخشى واشنطن من أن القتال على نطاق واسع سيعزز من قبضة تنظيم القاعدة على البلاد، فقد وضع السعوديون أنظارهم على تسييج المناطق المنخرطة في القتال، وتطويقها في المنطقة الشمالية، وذلك لترك الجنوب متفرغاً لفرصة تنمية مستقرة. وسيتم وضع الجنوب في أيدي الحراك الانفصالي الجنوبي، الذي يقوده حسن باعوم، وناصر النوبة ، وصلاح الشنفره، وصالح يحيى سعيد، والذين يكتسبون شعبية في تلك المنطقة عبر كفاحهم الانشقاقي عن النظام في صنعاء.


إذا تم العمل بنجاح بهذه الخطة السعودية، فإن هذا الكيان الجديد، الذي أطلقت عليه الرياض من قبل بـ “جمهورية حضرموت العربية”، سيحكم قبضته على مزيد من الأراضي، ويسيطر على 80 في المائة من احتياطيات النفط الوطني، وسيُحكم من ميناء عدن المهم.


فإن النصف الشمالي، حيث قرر السعوديون أن يتركوا الأطراف المتحاربة تتقاتل من أجل السيطرة حتى الحسم، لديه عدداً أكبر من السكان.


وسبق لموقع “يمنات” أن نشر ما كشفته صحيفة ديبكا الأسبوعية، في تقرير حصري لها في العدد 488 الصادر بتاريخ 8 أبريل الماضي تحت عنوان “الرياض تجمد صفقة أسلحة أمريكية ضخمة وتحث اليمن على تعليق الوحدات الأمريكية لمكافحة القاعدة”، والذي تضمن معلومات مهمة حول دعم السعودية للرئيس صالح، وأن الملك عبد الله أخبر صالح بأن يدير ظهره لواشنطن ويقبض بشدة على السلطة بعد أن طلبت إدارة أوباما من صالح مغادرة السلطة وتراجعت عن دعمه.


الملك عبد الله أخبر صالح بأن يدير ظهره لواشنطن ويقبض بشدة


أوضح الملك عبد الله (لوزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس خلال زيارته الأخيرة للملكة العربية السعودية بخصوص إيران واليمن) أنه بمجرد أن أدرك أن إدارة أوباما ليس لديها نية للتصرف وفقاً للاعتبارات التي تتطلبها المصالح الأمنية السعودية ودول الخليج، فقد قرر أن يدير شؤونه بيديه. وقال انه يشعر الآن بأنه أصبح حراً لأن يفعل ما يعتقد انه ضروري لتعزيز تلك المصالح دون اللجوء إلى — أو حتى التشاور مع — واشنطن.


وأكد غيتس أن الولايات المتحدة كان لديها “أدلة” على التدخل الإيراني في الاضطرابات التي يعاني منها البحرين وغيرها من دول الشرق الأوسط، داحضاً تصريحات إدارة أوباما العلنية التي تنفي أن تكون إيران هي العامل الأساسي في ذلك. لكن هذا الاعتراف جاء على الأرجح بعد فوات الأوان. وقد أرسى الملك عبدالله نهجه على سياسة جديدة تضع المملكة العربية السعودية على مسافة متباعدة من الولايات المتحدة. على الرغم من أن غيتس يختلف مع أوباما حول الشرق الأوسط — وخاصة في التدخل العسكري في ليبيا، إلا أن العاهل السعودي يعرف أن توقيت أوباما يعتمد على ما يصله تقريبا من البنتاغون.


وبحسب ديبكا-نت الأسبوعية نقلاً عن مصادر خليجية، فإن الرياض وجهت ضربة للولايات المتحدة من خلال نهجها منهجاً مستقلاً في اليمن خلال عشرة الأيام الماضية. ففي الأسبوع الماضي، تراجعت إدارة أوباما عن سياستها في دعم الرئيس علي عبد الله صالح، وقالت له: لقد حان الوقت للتفاوض على شروط مغادرته مع المعارضة.


وعندئذ تدخل السعوديون وأخبروا الرئيس صالح بأن يتجاهل واشنطن ويقبض بقوة على زمام الأمور لأنه من الآن فصاعدا، بإمكانه أن يعول على قيادة السعودية لدعم دول مجلس التعاون الخليجي له، عوضاً عن الولايات المتحدة.


ويُعتبر هذا أول مظهر عام لسياسة الرياض الجديدة التي مارستها في شبه الجزيرة العربية، والتي أعقبها، بحسب مصادرنا الحصرية في مكافحة الإرهاب، مشاورات مكثفة بين الرئيس اليمني ورؤساء الاستخبارات السعودية الذين زاروا القصر الجمهوري بصنعاء، وعلى الأقل أجريت محادثتان رفيعتا المستوى بين الملك عبدالله والرئيس اليمني.


تعليق عمليات القوات الخاصة والسي آي إيه الأمريكية في اليمن


لقد كانت الخلاصة مثيرة ولم تُكشف أبداً حتى الآن. فخلال الأسبوع الماضي، وصل اتصال من الرئيس صالح إلى واشنطن يعلن فيه تعليق عمليات القوات الخاصة الأمريكية في قاعدتها السرية بالقرب من مدينة الحديدة الساحلية، وإرجاء النشاط السري لوكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه) ضد القاعدة في اليمن.


وبعبارة أخرى، يُحظر على القوات الأميركية من استخدام التربة اليمنية أو مياه البحر الأحمر كقواعد لضرب إرهابيي القاعدة في جزيرة العرب.


وهذه هي المرة الأولى التي أضعفت فيها تداعيات الثورة العربية حرب الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة في هذا الربيع العربي. حيث أنها زادت من خطر الإرهابيين المختبئين في اليمن من أنهم سيكونون طلقاء لاستئناف هجماتهم ضد الولايات المتحدة. ومن بين أولئك الإرهابيين الأكثر شهرة رجل الدين المسلم أنور العولقي، المرتبط بثلاث هجمات إرهابية على الأقل، بما في ذلك حادثة إطلاق النار في قاعدة فورت هود العسكرية.


هذه هي مجرد واحد من الآثار الجانبية للسياسة الجديدة للملك عبد الله.

زر الذهاب إلى الأعلى