أرشيف

القاضي: اليمن لا يمكن أن تحكم بالقوة، وأزمة الكهرباء والنفط سببها انعدام الأمن

يقول البرلماني ورئيس كتلة المستقلين وعضو اللجنة التحضيرية للحوار الشيخ علي عبدربه القاضي للصحوة إن اليمن لايمكن أن تحكم بالقوة ومن يحاول الحكم الفردي هو غير عقلاني ولن تحل المشكلة مالم تدخل البلاد في مرحلة شراكة كاملة بين جميع الأطراف.

ويكشف القاضي إن محافظة مأرب شهدت في بداية الأزمة سحب كافة القوات الأمنية من مفرق الجوف إلى مدينة عتق في شبوة وهو ما تسبب في كثير من الإشكالات الأمنية بينها مشكلتا أنبوب النفط الذي فجره على جابر الشبواني وكذلك الكهرباء.

ويرى إن حل مشكلة الكهرباء في مأرب تتمثل في توصيل الكهرباء لأبناء مأرب أولا.

كثير من القضايا تحدث عنها القاضي في هذا الحوار.

حاوره- غمدان اليوسفي

أولا نبدأ من ظهور الرئيس علي عبدالله صالح بعد اختفائه بسبب إصابته.. كيف تقيم ظهور الرئيس بذلك الشكل؟

– أولا كنت أتمنى أن لا نرى رئيس الجمهورية بالشكل الذي ظهر به لأنه يسوء كل يمني أن يظهر رئيس دولته بالشكل الذي ظهر به، وكنت أتمنى أيضا أن تكون الكلمة عكس ما سمعت، لكن يبدو أن العناصر المؤثرة في المؤتمر الشعبي العام هي مؤثرة بالكلمة أيضا، وكان لها دور فيما سمعنا من الأخ الرئيس، وكنت أتمنى -لو الأمنيات تتحقق- أن تلم شمل الشعب، لا أن تفشل رأي الشعب.

كنت أتمنى أن يتحدث عن سيرة 33 عاما، وأن ما فعله في الماضي من صواب فهو واجبه وما كان خطأ فإن الإنسان غير معصوم من الخطأ، ويطلب العذر ممن أخطأ غير عامد في حقه، كنت أتمنى أن يلملم الصف، صف الكل من خلال تلك الكلمة على أساس نقل السلطة وإسنادها إلى النائب نقلا نهائيا ويطلب من الجميع الالتفاف حول النائب، وإخراج البلد من الأزمة التي لم تسبق لها في اليمن مثيل.

ففي الماضي قبل انتشار وسائل الاتصال كان ما يصير في صنعاء لا تتأثر به تعز والعكس أيضا، لكن الآن البلاد أصبحت قرية صغيرة.

أتمنى أننا جميعا نحاول الخروج من هذه الأزمة التي مست الناس كلهم، والحل الآن هو بيد المؤتمر الشعبي العام، المؤتمر صحيح أنه لم يحل المشاكل وهو في مأمن من صعدة إلى الجنوب وغيره.. المشاكل موجودة من قبل الأزمة.

إذن ماذا يستدعي ذلك طالما والمؤتمر نفسه لم يستطع حل الأزمات السابقة؟

– هذا يستدعي شراكة كاملة وصادقة، وليس فيها مناورة أو تحد، يفترض أن نخرج من طور التحدي إلى طور الحاجة الملحة لبعض، في إطار كوننا جسدا واحدا.

هل ترى أن المبادرة الخليجية مخرج للأزمة الحالية ؟

– لم نكن بحاجة لمبادرة خليجية لو الأخ الرئيس نقل السلطة إلى النائب فبإمكاننا معالجة قضايانا بأنفسنا، دون وصاية أو شراكة أو فرض ما يريده الآخرون لنا، كان يفترض أن نحل مشاكلنا بأنفسنا، وما قد تم الاتفاق عليه جيد، ولدينا البند الأول وهو البند الذي مشواره طويل، والنائب أساسا هو من المؤتمر أو من يريد المؤتمر فالأمر لازال بأيديهم ولهم الحق يختارون من يريدون لكن الشراكة يجب أن تكون شراكة صادقة، من خلال حكومة كفاءات من كافة الأطر السياسية، والبدء بإعادة هيبة وتواجد الدولة في كل المحافظات والبدء بالتنظيم للمرحلة القادمة من تعديل للدستور وعقد مؤتمر وطني، وأنا برأيي أن يتم عقد المؤتمر الوطني قبل كل هذه الخطوات.

لماذا برأيك ضرورة هذا المؤتمر الوطني؟

– لأن لدينا مشكلة في الجنوب ومشكلة في صعدة، هذه مشاكل يجب حلها، في مقدمة هذا الاتفاق على مسار سياسي معين، لأنه لا يصح أن نشطح، فالقوة لن تصنع شيئا ويجب على الجميع أن يتعض أن اليمن لا يمكن أن تحكم بالقوة، اليمن تحكم بالعدالة وبالعقل، المتمثل في الجانب الديمقراطي الخالي من الغبار والشوائب المصاحبة لشعوب العالم الثالث من تدني وعي وغيره.. فإذا وصلنا إلى هذا المنطق فلسنا بحاجة إلى القوة.

المرحلة القادمة لن نكون بحاجة لجيش قوي، بل سنكون بحاجة لأمن قوي، ليس لنا عدائيات خارجية، والبحار مؤمنة من الدول الكبرى.. نحن بحاجة لأمن يحفظ سلامة الناس، وقيمة الدبابة التي ستدمر يمكن أن يشق لنا طريقا، وقيمة الطائرة سيبني لنا مصنعا.

نحن بحاجة إلى أن تكون الدولة للشعب وليست على الشعب، فحين تكون الدولة للشعب لن نكون بحاجة إلى جيش، فكل الشعب سيكون جيشا وأمنا.. أيضا لسنا بحاجة إلى أجهزة أمنية متعددة، نحن بحاجة لجهاز أمن قومي فقط، يدير جميع جوانب الأمن القومي فمفهوم الأمن القومي أوسع من المفهوم الضيق الحالي.

ويكون عكس ذلك حين تكون الدولة على الشعب، ومصيرها مثل المصير الحالي، ما حدث في صعدة والجنوب هو نتاج لأن الدولة صارت على الشعب وليست له، الدولة التي يقتنع بإدارتها الناس وحين يصبحون غير راضين به يقولون له كفى فيذهب ولا يقول لهم “مابلا أحكمكم والا القتال”.

في تصورك حاليا.. البلد بيد من؟

– أرى أن البلد لازال يديرها المؤتمر الشعبي العام، أما أبناء الرئيس لم يظهر لهم إلى الآن أي دور، ولازال الرئيس متصدر العملية السياسية لكن عندما يخلو مقعد الرئيس فستظهر الحقيقة، كنت أتمنى أن يكون الحرس الجمهوري كله جيشا واحدا أو الجيش كله حرس جمهوري، ما كنت أتمنى أن أرى الجيش جيشين، لو كان الجيش جيشين ما وصلت الأمور إلى هذا الحد، لا في 1994 أو اليوم.. ما حدث في 1994 هو بسبب انقسام الجيش، وكان المبرر حينها أن الجيش قادم من دولتين لكن الآن لا يوجد مبرر لأن يكون الجيش جيشين.

وأنا أقدر كل من انظم للثورة وأثني عليه، والغاية هو حماية الثورة، وأرى أن هؤلاء قاموا بموقف إيجابي وهم تجندوا للشعب، وهم من أبناء وجلدة هذا الشعب، والسلطة أساسا لن تدوم لأحد.. وكما يقول الشاعر :

أن الولاية ليس فيها صالح.. إلا ثلاث يتبعها العاقل حكم بحق أو إزاحة باطل.. أو صنع معروف وما سواها باطل

فاصنع جميلا ما استطعت فإنه.. لابد لولي الولاية يعزل

تصحيح كل هذه الأخطاء لا تتم إلا من خلال نظام مدني يجمع عليه الكل.

لو عدنا إلى جانب الإدارة الحالية للبلاد، هل يمكن الحديث ببساطة عن أن أولاد الرئيس أساءوا إدارة البلاد كونهم في الواجهة في ظل غياب الدولة، وتفجر هذه الأزمات المعيشية، في ظل الحديث عن افتعال أزمة ثم العجز عن حلها؟

من وجهة نظري هم لم يصنعوا الأزمة لأنهم شباب لا يتطلعون إلى الفوضى، فقضية المشتقات النفطية ربما هناك أطراف في المؤتمر الشعبي هم من أداروا الأمر بطريقة أدت إلى هذا الأمر..

أول قضية كانت سلبية في هذا السياق ومفتعلة هو سحب النقاط الأمنية في مأرب من مفرق الجوف إلى مدينة عتق في شبوة، من نقاط أمنية إلى مواقع جيش وغيره على طول الخط.. هذا كان أول موقف سلبي، فهم تركوا المعلب فارغا لمن أراد أن يلعب فيه، فالنظام مسؤول عن هذا الخلل الذي كان متعمدا، لا أدري على أية حسابات بني هذا الانسحاب.. لست أدرى هل هناك أناس يرون أي مردود من وراء انقطاع الكهرباء والمشتقات النفطية.. هذا كان بداية الطريق في المسار المتعرج، والمسار المجهول.

هل أثر سحب هذه النقاط على موضوع أنبوب النفط الذي تم تفجيره؟

– هذه النقاط أساسا كانت على خطوط السير للناس وكذلك لإمدادات الغاز والبترول والديزل وغيره من المشتقات النفطية، وعلى خط الكهرباء أيضا.

تفجير أنبوب النفط، لمن تشير أصابع الاتهام بشكل مباشر؟

– تفجير أنبوب النفط هو عمل فردي من قبل الشيخ علي بن جابر الشبواني ردا على مقتل ابنه “جابر” الأمين العام السابق للمجلس المحلي بمحافظة مأرب كرد فعل لعدم إظهار الأطراف الفاعلة، فالنظام لم يتمكن من حل المشكلة، دخلوا منذ البداية في تحكيم ثم فشل الأمر.. الرجل يطالب بقاتل ابنه، ولم تعالج القضية، وتصاعدت القضية.

فتفجير الأنبوب لم يكن ضالعا فيه أي من الأطراف السياسية اللاعبة في الميدان سواء المؤتمر أو المشترك.

المشكلة أنه لم يتم بحث الحلول لموضوع أنبوب النفط واستخدام البديل فلدينا أنبوب يذهب إلى البحر العربي في جنوب البلاد صادر من المسيلة، فلماذا لا يتم نقل النفط إلى ميناء عدن من هذه الجهة بدلا من الوقوف متفرجين على الأزمة وهي تتفاقم.. أعتقد هم أدرى بما أعرفه لكن ربما الدولة قادرة على حل المشكلة إذا أرادت.

إذن طالما وموضوع أنبوب النفط متعلق بقضية جابر الشبواني، بمن يرتبط موضوع قطع خطوط الكهرباء؟

– بالنسبة لقضية الكهرباء، ليست وليدة اليوم فالانفلات الأمني هو السبب، ولا يوجد عقاب لمن حاول الإضرار بالمصلحة العامة طوال الفترة الماضية، لكن استمرارها لفترات طويلة مقطوعة هو بسبب سحب المراكز الأمنية التي ذكرتها في السابق، فيأتي أي شخص ويرمي خبطة حديد ويتسبب بالتماس، وكما قال لي أحد الفنيين فإن كل عملية من هذه العمليات تعادل تشغيل 160 ساعة كضغط على المحطة.

البداية منذ زمن وهي مرتبكة بأن أي شخص يأتي ويطالب بمحول ويرفضون منحه محول فيقوم بالتخريب برغم أنه ليس مبررا لأن تقطع الخط لأجل هذا المطلب، ويعالج الأمر بطريقة لينة، ولا يتم عقابهم.

ألم يتم تغطية مأرب من الكهرباء؟

– مأرب محرومة من الكهرباء وكان أملنا أن لا تحرم هذه المحافظة من الكهرباء مثل حرمانها من عوائد المشتقات النفطية، وكان يفترض أن لا تضاء العاصمة صنعاء قبل إضاءة مدينة مأرب، الآن غالبية المحافظة بدون كهرباء عدا المجمع في المدينة أحيانا يضاء وأحيانا يطفأ من محطة شركة هنت بما يقارب 5 أو 10 ميجا وات.

أرى أن أمن الكهرباء هو في الضوء، لو وفرت لهم الكهرباء في مناطق الجدعان أو في مأرب كلها، لكن أن تعبر بالكهرباء في جميع هذه المناطق وهي ليست مضاءة، لا يمكن لأحد أن يعتدي على الكهرباء وهو مستفيد منها ومتعود عليها وسيكون الحارس الأمين لها، فالخلل كان هنا.. لو أوصلوا لهم الكهرباء فسيتم تأمينها من قبلهم، وكنا نطرح هذا منذ البداية، لو تمنحوا الناس الكهرباء لكن لا يسمعون للرأي الصائب ويقولون أنت معارض برغم معرفتهم أنني مستقل، طرح الأمر مني ومن غيري على رئاسة الوزراء ووزير الكهرباء، والمجلس المحلي للمحافظة وحتى على رئيس الجمهورية.. كان يفترض أن تكون ضمن المشروع من أساسه.

قلنا لهم حرام، أن يتم حرمانهم من مردود النفط ومن الكهرباء وهم يعيشون في هذه الصحاري الحارة.. سوء إدارة، فأقول أول حل استراتيجي لمأرب هو موضوع الكهرباء وهو الحل أيضا للجمهورية بكاملها.

هل يمكن تحقيق ذلك الجانب المدني من خلال نظام حكم معين، سواءً برلماني أو ما شابه؟

– كل يرى من وجهة نظره.. أنا الذي أراه إن تقسم اليمن إلى خمسة أقاليم تمتد كلها إلى البحر، وأن يكون الحكم محليا كامل الصلاحيات، لأن الحكم المحلي تم تشويهه باسم المجالس المحلية السابقة، فهو اسم بلا روح، والنظام يكون نظاما برلمانيا أو مجلسا رئاسيا من خمسة أعضاء، لأن اليمن منذ قامت الجمهورية لم تحكم عبر حكم رئاسي بشخص واحد إلا في هذا العهد.. فمجلس قيادة الثورة في الشمال في عهد السلال، ومجلس جمهوري بقيادة القاضي عبدالرحمن الإرياني، ثم مجلس قيادة برئاسة إبراهيم الحمدي، وبعده مجلس قيادة برئاسة الغشمي، ثم مجلس قيادة برئاسة علي عبدالله صالح، ثم مجلس رئاسة والآن انتهى كل هذا.

أيضا في الجنوب كان يحكم البلاد مكتب سياسي من 1967 حتى العام 1990 ولم يحكم البلاد شخص واحد.. فقناعتي أن يكون خمسة أعضاء لمجلس رئاسي وذلك لإدارة خمسة أقاليم، أو نظام برلماني.. أهم شيء أن لا يكون الحكم فردا، فحتى الرسول صلى الله عليه وسلم نزلت عليه آية، “فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر”.. الله تعالى يطلب من الرسول أن يشرك الناس في الأمر وهو نبي.

كيف يمكن الحديث عما حدث في الحصبة؟

– ما حدث في الحصبة وفي تعز، كان ضمن خطة واحدة ووجهت للثورة كلها، ونسمع الخط الإعلامي حين يقولون إن أولاد الأحمر احتلوا مؤسسات حكومية.. هل احتلوها قبل الحرب؟ لم يقتحموها إلا أثناء المعركة من باب دفاع عن النفس، وبعد ما تم ضربهم لبيوتهم.. كانت الوقود موجودة وتم إشعال الفتيل فقط هناك، بشكل لم تعرف له البلاد مثيلا من قبل، دولة تحارب جزء من شرائح المجتمع وليس عدوا، وجزء فاعل من المجتمع، وإذا كان يحسب له لماذا وقف مع الثورة فإن هذا الموقف إيجابي له، لأنهم لم يكونوا في الماضي مسحوقين أو مهضومين، الثري حين يقف مع المظلوم هذا يجب أن يحترم ويقدر.

إذن في ظل هذا الواقع الحالي إلى أين تتجه الأمور؟

– لو راجعنا الماضي قليلا سنقول إن الرئيس ليس سيئا، ورافقناه في عدة مواقف، وكان يسمع لآراء من يتحدث إليه ممن يقولون له خيرا، لكنه لم يشأ أن يحتفظ بهؤلاء حوله واستمر في سماع بعض الأشخاص ممن يريدون غير ما يريد الناس.

الآن يصعب علينا التنبؤ بما يمكن أن يحدث، الآن أقول لك إنه لا أحد قادر على أن يحل الأمور في البلاد بمفرده لا مؤتمر ولا مشترك ولا غيره، يجب أن نحترم أنفسنا لكي يحترمنا الناس، يجب أن نقبل ببعضنا.. ويجب علينا أن لا نعلق آمالنا على الخارج سواءً الخارج القريب أو الخارج البعيد، نحن المعنيون بالأمر وإذا احترمنا أنفسنا فكل الناس سيلتفتون لنا.. يجب أن ننتقل إلى مرحلة انتقالية قادمة وأن ينقل الرئيس الأمر إلى نائبه ويبقى النائب رئيسا انتقاليا حتى نصل إلى انتخابات في أي وقت كان، مالم يتم ذلك فالبلاد ماضية إلى التمزق، فلننظر إلى المنطقة الشرقية من البلاد هل سيظل الناس هناك ينتظرون أن يتم نهب خيراتهم وهم يتفرجون، فالأمر لن يستمر كذلك، فسيتخذون أية إجراءات.

لذلك أقول مجددا إن الحل هو بيد المؤتمر الشعبي العام.. أما المشترك فأنا قريب منهم من خلال لجنة الحوار فأقول أقسم بالله إن المشترك حريص على هذه البلاد وأمنها أكثر من قيادات المؤتمر مع احترامي للإخوان في المؤتمر.. وأنهم قابلين بالحد الأدنى من قبل الأزمة، الآن على قيادات المؤتمر أن يكونوا شجعانا ليس بالمدفع والبندقية، وليس “نقابل التحدي بالتحدي” وإنما بلملمة شمل البلاد.

المؤتمر لا يمكن محوه من الخارطة، ونقول ليس كل من في المؤتمر مستفيدين أو منتفعين، فكثير منهم شرفاء ولكن يجب أن يقبلوا بالشراكة أما من يريد أن يحكم وحده فهو بعيد عن العقلانية.

نقلا عن صحيفة الصحوة

زر الذهاب إلى الأعلى