أرشيف

عنف متواصل في صنعاء وقصف صاروخي

لم يتوقف يوم أمس القتال المندلع منذ أيام في العاصمة اليمنية صنعاء بين الجيش المؤيد للرئيس علي عبدالله صالح وأنصار الشيخ صادق الأحمر، زعيم قبيلة حاشد، رغم إعلان وقف إطلاق النار توصل إليه لجنة وساطة محلية إبتداء من عصر أمس الثلاثاء، حيث اندلعت اشتباكات عنيفة بالقرب من ساحة التغيير بعد ساعتين من إعلان التهدئة .

 

وكان جنود ومسلحون موالون لنظام الرئيس صالح قد هاجموا آلاف المتظاهرين المناهضين للنظام وسط العاصمة، ما أدى إلى مقتل متظاهرين اثنين وإصابة العشرات بجروح .

 

وجاء الإعلان عن وقف النار بعدما تعرض مقر مجلس الوزراء حيث كان يجتمع فيه مسؤولون حكوميون، لقصف بصواريخ الهاون أرغم أعضاء الحكومة على مغادرة المبنى إلى مكان آخر، فيما شوهدت ألسنة اللهب تتصاعد من مقر مجلس الشورى الذي تعرض كذلك لقصف صاروخي وسط اتهامات متبادلة بين صنعاء وأنصار الشيخ الأحمر بشن هجمات على مقر المجلس .

 

وأكدت مصادر محلية أن العشرات من المتظاهرين حوصروا في منطقة قاع العلفي وتعرضوا للضرب من قبل أنصار حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم، وذلك بعد انطلاق المسيرة من شارع الزراعة باتجاه شارع الزبيري .

 

واستخدمت قوات الأمن الرصاص الحي والهراوات والقنابل المسيلة للدموع والمياه الملوثة بمخلفات المجاري لتفريق المتظاهرين، ما أسفر عن مقتل شخصين على الأقل وجرح أكثر من خمسين آخرين بجروح، بالإضافة إلى أكثر من 100 إصابة بالغاز ومثلهم من جراء الضرب بالهراوات والحجارة، بعضهم نساء ومسنون .

 

وامتلأ المستشفى الميداني بساحة التغيير بالعشرات من المصابين، ولم تتمكن الفرق الطبية المتواجدة من القيام بمعالجتهم، ما دعا المستشفى إلى إطلاق نداءات إلى المواطنين للتبرع بالدم، بخاصة أن أصحاب عشر حالات من الإصابات كانت في وضع صحي حرج .

 

ولأول مرة منذ المواجهات الأخيرة في العاصمة صنعاء، كان يتم معالجة المصابين من جراء استنشاق الغاز على الأرض خارج ساحة التغيير .

 

وتوقفت خدمات البريد كلياً في العاصمة صنعاء نتيجة احتدام المواجهات في الشارع المقابل لمبنى وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات حيث المقر الرئيس لهيئة البريد اليمني، وشوهدت طوابير طويلة في مكاتب البريد في العاصمة قبل أن تعاود أعمالها ظهراً .

 

وقصفت قوات الحرس الجمهوري الموالية للرئيس اليمني علي عبدالله صالح أحياء عدة في محافظة تعز، جنوبي العاصمة صنعاء، في إطار سلسلة الهجمات المتواصلة للمدينة منذ عدة أشهر، حيث تعرضت المناطق والأحياء في المدينة لقصف كثيف بالمدفعية والدبابات أوقع سبعة قتلى، بينهم امرأتان وعشرات الجرحى أكثرهم من المدنيين، بالإضافة إلى تخريب منازل فيما أعلنت وزارة الداخلية عن مقتل أربعة جنود ومدني وإصابة 15 آخرين في هجمات شنتها مليشيا من أحزاب المعارضة في تكتل اللقاء المشترك على مواقع ودوريات عسكرية في المدينة .

 

وأكد ناشطون في تعز أن أحياء المدينة تعرضت منذ ليل الاثنين/ فجر أمس الثلاثاء لقصف عنيف بالمدفعية والدبابات وسط بيانات استغاثة وجهها السكان إلى المنظمات الحقوقية المحلية والدولية للتدخل العاجل ووقف نزيف الدم الذي تمارسه قوات الجيش الموالية للرئيس صالح في قصفها العشوائي والعنيف على الأحياء وخصوصا في مناطق الروضة، الموشكي، المسيح، المعهد الصحي، ومحيط ساحة التغيير .

 

وقصفت دبابات الجيش المتمركزة في مقر المجمع القضائي والمرابطة في جبل الجرة مناطق متفرقة من المدينة ما أدى إلى وقوع ضحايا في أوساط المدنيين . وقال أطباء في المستشفى الميداني بساحة الحرية إن بين القتلى امرأتين وطفلاً قضوا بنيران قوات الجيش وأن عدد المصابين ناهز الخمسين .

 

وحذر قائد الدفاع الجوي في الفرقة الأولى مدرع الموالي للثورة العميد صادق سرحان الذي تعرض منزله لقصف عنيف قوات صالح من التمادي في استخدام القوة ضد المدنيين في تعز .

 

ولفت إلى أن محافظة تعز ليست بالسهولة التي يتصورها نظام صالح، وأن قوة السلاح لن تمكنهم من تحقيق أهدافهم المتمثلة في خلق الذعر والهلع بين المواطنين الآمنين في تعز، مشيرا إلى أن “الرئيس صالح وقواته جربوا استخدام القوة في صنعاء وفشلوا ويسعون حالياً لاستخدام القوة في تعز وسيفشلون أمام قوة وإرادة وعزيمة وصمود أبناء المحافظة” .

 

ودعا العميد سرحان قوت الجيش الموالية لصالح للعودة إلى ثكناتها، كما ناشد الشرفاء في حزب المؤتمر الشعبي العام والقوات المسلحة أن يخرجوا عن صمتهم ويعلنوا تأييدهم للثورة الشعبية التي أصبحت حقيقة حتمية وأكد أن من يراهنون على بقاء النظام واهمون .

 

لكن وزارة الداخلية اتهمت من سمتهم مليشيا المشترك والإخوان المسلمين وأذيالهم من المتمردين والانقلابيين والخارجين عن الشرعية الدستورية بشن هجمات على المنشآت الحكومية واحتلالها وشن هجمات على مواقع ودوريات الجيش ما أدى إلى مقتل مدنيين اثنين وثلاثة جنود وإصابة 15 بينهم 8 مدنيين .

 


ومن جانب آخر ثمّن عضو المجلس الوطني اليمني الدكتور ياسين سعيد نعمان، الموقف المشرف لدولة الإمارات العربية المتحدة من الأزمة القائمة في بلاده من خلال تأييدها ودعمها للمبادرة الخليجية، وأكدت مصادر مطلعة في صنعاء سحب الرئيس علي عبدالله صالح الدبابات والمعدات العسكرية من دار الرئاسة خوفاً من قصفها، في وقت انهار فيه اتفاق وقف إطلاق النار بعد ساعتين من إعلانه، وقتل 14 شخصاً وأصيب المئات في اعتداءات قوات الأمن على متظاهرين في كل من العاصمة صنعاء ومدينة تعز .

 

لمسه أعضاء وفد المجلس الوطني من وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاش، الذي أكد في لقاء له بأعضاء المجلس برئاسة رئيس المجلس محمد باسندوة، وعضوية نعمان والأمين العام لحزب التجمع اليمني للإصلاح عبدالوهاب الآنسي، دعم دولة الإمارات للمبادرة الخليجية ومجلس الأمن الدولي لمعالجة القضية اليمنية، وأنه أكد للوفد وقوف دولة الإمارات مع الشعب اليمني في كل ما يوفر له الأمن والاستقرار .

 

وأوضح نعمان أن الوفد بحث مع الدكتور قرقاش جهود دولة الإمارات في إيجاد المخارج السلمية للوضع في اليمن وتجنيب البلاد المزيد من الخراب والدمار، والتعاطي مع المبادرة الخليجية كمخرج آمن لأزمة نقل السلطة في اليمن، وقال إن الوفد قدم امتنان الشعب اليمني لدولة الإمارات ومواقفها الداعمة لخياراته السلمية .

 

على صعيد آخر قالت مصادر مطلعة في العاصمة اليمنية صنعاء إن الرئيس صالح أقدم خلال الأيام القليلة الماضية على إفراغ دار الرئاسة وسحب الدبابات والمصفحات والسيارات التي كانت بداخلها وتوزيعها على أماكن مختلفة . وحسب المصادر فإن صالح أخرج عدداً من الدبابات والمصفحات لحماية أحد منازله، فيما سحب سيارات ومعدات إلى معسكر السواد التابع للحرس الجمهوري، الذي يقوده نجله الأكبر .

 

وربطت هذه المصادر بين هذه الخطوة والأنباء التي تحدثت عن تهديدات أطلقها قائد الفرقة الأولى مدرع بقصف دار الرئاسة في حال استمر النظام بقصف مقر قيادة الفرقة في منطقة مذبح، القريبة من ساحة التغيير .

 

إلى ذلك سقط اتفاق لوقف إطلاق النار في العاصمة صنعاء بعد ساعتين من إعلانه من قبل لجنة مكلفة معالجة الأوضاع برئاسة رئيس جهاز الأمن السياسي غالب مطهر القمش، حيث تجددت الاشتباكات مع حلول المساء، بعدما قصفت قوات الحرس الجمهوري مواقع للفرقة الأولى مدرع في شارع هائل وبالقرب من جولة النصر “كنتكي سابقاً”، وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد من جنوبي ساحة التغيير جراء القصف، كما اندلعت اشتباكات عنيفة في المنطقة بين قوات صالح وقوات الفرقة .

 

ونفى العقيد عبدالله الحاضري، أحد الناطقين باسم الفرقة الأولى مدرع، التي يقودها اللواء علي محسن الأحمر، توقيع علي محسن الأحمر أي اتفاق مع صالح، واعتبرها محاولة لتغطية الجرائم التي ارتكبتها قوات الأمن .

 

وكانت قوات الأمن قد وسعت من هجماتها ضد المدنيين العزل في محافظة تعز، سقط خلالها 12 قتيلاً بينهم امرأتان لتضافا إلى امرأة ثالثة قتلت في وقت سابق من الأسبوع الماضي، كما قتل شخصان وجرح المئات في العاصمة أثناء تفريق قوات الأمن مسيرة سلمية نظمها شباب الثورة .

 

المصدر صحيفة الخليج

 

زر الذهاب إلى الأعلى