أرشيف

حسن زيد للمستقلة: الحكومة تشكلت برعاية الفرقة والتقارب الجغرافي سيؤخر إزالة المظاهر المسلحة

الأستاذ حسن زيد أمين عام حزب الحق الشخصية العصامية والوجه الحاضر في معظم الملفات اليمنية الساخنة.. لعب دوراً كبيراً في رأب الصدع اليمني اليمني أثناء الحروب الستة في صعدة واستطاع بعقلانيته وصراحته أن يقف على مسافة قريبة من طرفي الصراع، وكان هو قناة الحوار والتواصل بعد أن أغلقت كل قنوات السلام الأخرى ونجح في ذلك.. ومنذُ اندلاع الثورة الشبابية كان أيضاً له موقفاً واضحاً من البداية ووقف مع حتمية التغيير ولكنه حرص على أن تكون الطريق إلى ذلك هي الأقل كلفة حسب وجهة نظره وتأكيده على ذلك في أكثر من مناسبة.. المستقلة التقت الأستاذ حسن زيد وأجرت معه الحوار التالي:

  حاوره فهيم المقرمي

 بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق إلى أين تسير اليمن

هناك احتمالين الأول أن نعبر 21 فبراير بسلام ويتم نقل السلطة بسلاسة إلى النائب ويصبح عبدربه منصور رئيساً لنبدأ بعد ذلك المرحلة الإنتقالية الثانية أو تنفجر الأوضاع ويتعطل كل شيء وأنا أقول من الآن أننا سنواجه الكثير من الصعوبات والعقبات لإفشال عملية نقل السلطة  ونسف الاتفاقية ولكننا سنعمل بأمل كبير لتجاوز هذه المرحلة..

وبالنسبة للمرحلة الثانية فتتوقف على حكومة الوفاق من خلال فتح أبوابها مشرعة أمام الشباب وكل القوى السياسية الأخرى التي رفضت الاتفاقية وإقناعهم أن مشاركة الجميع وحقوقهم مكفولة وهذا يتطلب من الحكومة أفعالاً وليس أقوالاً.. أما الأحتمال الثاني فقد تنفجر الأوضاع قبل نقل السلطة وتتفشى حالة الفوضى وانعدام المشروعية ونخشى أن نتعرض للصوملة بل وأسوأ منها نظراً لتعدد القوى السياسية والعسكرية المتواجدة على الساحة اليمنية.. ومع هذا فأنا متفائل بأننا سنشهد تحسناً ملحوظاً في الخدمات الأساسية وهذا قد يساعد حكومة الوفاق على كسب ثقة من رفضوا الاتفاقية وآليتها التنفيذية..

من تقصد بهؤلاء الذين رفضوا الاتفاقية؟

 أولهم الشباب ثم القوى السياسية الأخرى كالحراك الجنوبي والحوثيين وغيرهم..

 وهل هناك رغبة حقيقية لدى حكومة الوفاق لإجراء حوار جاد مع هؤلاء

 الحوار مع الشباب والقوى السياسية نصت عليه الاتفاقية الخليجية والرغبة لدى الحكومة موجودة لإجراء الحوار لكن الرغبة وحدها لا تكفي وإنما لا بد من توفر الإرادة الصادقة وخلق مناخ يسمح بإجراء حوار متكافئ.

ولكن يا أستاذ حسن هناك قوى قد حددت موقفها مسبقاً فالحراك الجنوبي مثلاً قال إن هذا الإتفاق يخص الشمال ولا علاقة له بالجنوب وأيضاً الحوثي رفض المبادرة وقال بأنها أمريكية فهل ترى أن الحوار سيغير من موقف هذه القوى؟

 الأمر مرهون بالنتيجة إذا تحقق نقل السلطة.. وفي اعتقادي أن مناخاً جديداً سيتواجد على الأرض ولكن هذا لا يكفي فأداء الحكومة والسلوك السياسي والاعلامي لأطراف الحكم وطريقة تعاملهم مع القوى الأخرى هو الذي سيحدد إمكانية جذب القوى الرافضة للاتفاق إلى دائرة الحوار والمشاركة في صياغة مستقبل اليمن أما إذا استمر سلوك الاقصاء فإن هذا سيؤدي إلى ما لا يحمد عقباه.

 يا أستاذ حسن أنت تتحدث عن حوار يرفضه الشباب مبدئياً لأنهم غير راضيين عن المشترك ويرون أنه فرض نفسه ممثلاً لهم دون موافقة منهم؟

 المشترك لا يدعي أنه طرف سياسي يمثل الشباب ولكن نتيجة لخبرته وعلاقاته الاقليمية والدولية فقد فرض عليه القبول بالمبادرة…

ومن الذي فرض على المشترك القبول بهذه الإتفاقية..

 الظروف على الأرض وعدم وجود مبادرة أخرى.. فالخيارات الأخرى الممكنة أمام المشترك كانت محدودة ومكلفة فإما الخيار العسكري وهذا ثمنه باهظاً وغير مضمون النتائج وإما البقاء في الشوارع إلى عام 2013 وهذا صعب فالظروف كل يوم تزداد سوءاً والأوضاع الاقتصادية تتدهور وهو خيار مكلف جداً أيضاً

 هل توقيع المشترك على المبادرة كان مفروضاً من الخارج

 لا أعتقد أن قوة في الدنيا تستطيع أن تفرض أمراً كهذا على المشترك فالذي فرض على المشترك التوقيع هي الظروف المحلية وموازين القوى في الساحة والاحتمالات التصعيدية التي كانت ستؤدي إلى نتائج كارثية ستفضي إلى مواجهات مسلحة وستزداد معاناة الناس أكثر مما هو قائم.. فظروفنا في اليمن تختلف لعدم وجود مؤسسة قادرة على فرض التغيير..

لكن الشباب يرون أنه لولا احتواء المشترك والفرقة للثورة لكانوا قد حسموا الأمور مبكراً!؟

 هذه فرضية ونحن نتحدث عن واقع.. فلولا عملية القتل ولولا الحوار ولولا صراع الاحزاب ولولا  ولولا كل هذه فرضيات موجودة لكن الواقع تحكمه ظروف اقتصادية ومحلية ودولية ومصالح عليا للوطن يجب أخذها في الاعتبار وعلى هذا تصرف المشترك وفق ما رآه أفضل الخيارات..

 كان لك تصريح سابق دعوت فيه إلى هيكلة الفرقة الأولى مدرع أولاً فهل مازلت عند رأيك هذا

 الهيكلة ستشمل المؤسسة العسكرية كلها والفرقة جزءاً منها وأود أن أشير هنا إلى أن الموقف العقائدي للفرقة في تصوري قد تغير عما كان عليه سابقاً وذلك بفعل الأحداث التي جرت خلال الشهور الماضية واصطدام الشباب بجنود الفرقة مثل حادث الأخوات الإعلاميات اللاتي تعرضن للاعتداء من قبلهم بالإضافة إلى الجدل والنقاشات بين الشباب في ساحة التغيير كل هذا أثر في ثقافة قادة الفرقة وأحدث نوعاً من الهيكلة الداخلية.

كما أن تشكيل الحكومة الذي تم برعاية الفرقة وقبولها بمشاركة الاشتراكي والناصري والإصلاح والبعث وغيرها من القوى يمثل نوعاً من التغيير والقبول بالأخر كشريك في الثورة والحكم كما أن شكاوى الاعتقالات والاعتداء من جنود الفرقة على الشباب خفت ولم نعد نسمع بها كما كانت من قبل.

الشكاوى من تعرض بعض الشباب والناشطين للاحتجاز أو حتى للاعتداء من قبل الفرقة ما زالت تصلنا إلى اليوم وما زالت وسائل الإعلام تنشر حالات من هذه فمن أين استلهمت حكمك  هذا؟

 على العموم أنتم أدرى بهذا

 هل أنت راض عن حجم التمثيل الذي حصل عليه حزبكم في حكومة الوفاق

 كنت أتمنى أن يكون لنا تمثيلاً أكبر واعتراض كثير من الأشخاص في الحزب جاء على قبولنا بوزير دولة فقط ولكننا نحن لم نحرص كثيراً على هذا حتى لا يظهر الحزب وكأنه يبحث عن نصيبه من الكعكة بالإضافة إلى أن فرص النجاح في هذه المرحلة قليلة خاصة في ظل هذه الظروف الصعبة وقد حدثت ردود أفعال من الأخوان في الحزب كتعبير عن الصدمة لكنه لم يتطور إلى خلاف وقد أقتنع الجميع  بالأخ حسن فهو شخصية مقبولة ولا يمكن أن يخطئ

 ضمت الحكومة بعض الوجوه المنسوب إليها حالة فساد مختلفة فلماذا وافقتم عليها

 سمعنا كلام مثل هذا ولكن الحكم على شخص بالفساد لا يكون بدون أمر قضائي ويقدم المتهم للقضاء بقضايا موثقة لأننا كلنا معرضون للاتهامات وهذه مسألة يبت فيها القضاء فيدين الشخص أو يبرئه.

ونحن نسمي هذه الحكومة حكومة وفاق ومن حق المؤتمر أن يختار من يمثله بالحكومة كما هو حق للمشترك وسيحكم على سلوك عضو الحكومة من خلال أدائه في المرحلة القادمة.

هل تتوقع أن تنتهي اللجنة العسكرية من إزالة المظاهر العسكرية في الموعد المحدد؟

عدم الثقة بين الأطراف المتنازعة والخوف من الأخر بالإضافة إلى التقارب الجغرافي بين نقاط الطرفين كل هذا يعيق الحركة بسرعة وقد تحتاج المهمة إلى وقت أطول من المحدد من قبل اللجنة العسكرية فإزالة المظاهر العسكرية كلها من الصعب تنفيذها بين ليلة وضحاها

 هل تتوقع أن يستمر المؤتمر في تنفيذ المبادرة حتى النهاية

 نتمنى ذلك لكن تبقى كل الاحتمالات واردة.

الشباب يرون أنهم هم من أشعلوا الثورة وغيرهم جاء يتفاوض مع السلطة بدون تفويض منهم.

 نعم الشباب هم من أشعلوا الثورة ولا أحد ينكر ذلك ولكن الانتظار أكثر كما قلت لك يزيد من معاناة الناس والحسم حسب ما يراه الشباب تكلفته كبيرة وربما يؤدي إلى نتائج كارثية.

  وبالطريقة التي اختارها المشترك استطعنا إسقاط التوريث بالإضافة إلى نقل صلاحيات الرئيس لنائبه وسيتم تنحيه بعد ثلاثة أشهر من التوقيع.

  الشباب كانوا يريدونها ثورة كتلك التي حدثت في تونس ومصر من خلال الزحف على المؤسسات الحكومية والقصر الجمهوري

 بعد انقسام المؤسسة العسكرية وبعد المواجهات العسكرية التي حصلت استحال الأمر فلا حل إلا بتسوية ولا يمكن لطرف أن يسقط الأخر.. فهناك توازن قوى ولا توجد شرعية لأي مؤسسة ولم تعد أي منها قادرة على فرض الحل فلنفترض أن الحرس الجمهوري استطاع أن يستولي على مقر الفرقة هل يمكن اعتبار أن الفرقة الأولى مدرع أنتهت طبعاً لا..  وكذلك لو حدث العكس مثلاً إذا استطاعت الفرقة أن تستولي على الحرس هل انتهى الحرس وهل سيسقط النظام أو حتى إذا تم الاستيلاء على القصر الجمهوري هل سيسقط النظام طبعاً لا.. لأنه لا يوجد نظام وإنما هناك حالة خصوصية يمنية فالمسلحين وما يسمون بالبلاطجة منتشرين في أماكن كثيرة صحيح أن شباب الثورة في الساحات يفوقون المتواجدين في السبعين بمرات كثيرة لكن هؤلاء الذين في السبعين وبعض المعسكرات لديهم التصميم والبقاء حتى أخر طفل وحتى أيضاً لو غاب الرئيس فلن يسقط النظام لأن الشباب ليس لديهم قيادة ثورية بديلة وفعلاً لقد غاب الرئيس فترة طويلة ومعه رئيسي الحكومة والبرلمان ووزراء ونواب وزراء ولم يحدث شيء لأن القيادة الثورية البديلة غير موجودة، لا توجد قيادة كريزيمية تستطيع أن تقود الشارع كما حدث في إيران مثلاً.

ألم يكن أمامكم خيار أفضل من المبادرة التي وقعتم عليها؟

هذا ما كان ممكناً صحيح إننا رفضنا صيغة أفضل للمبادرة الخليجية أفضل من هذه التي وقعنا عليها ويمكن أن نحاسب على عدم استغلالنا لها لكننا في الأخير سنحقق الهدف الأول للثورة وهو تنحي الرئيس وقد انتقلت الآن سلطته للنائب.

 كلمة أخيرة تود قولها

 أقول للشباب أن خيار الوفاق لا بأس به وسيؤدي في الأخير إلى إسقاط الرئيس وما حدث إلى الآن أمور طيبة منها أن وزارتي الداخلية و المالية اللتان كانتا تقمعان وتمولان القمع قد أصبحنا خارج نطاق سلطة الرئيس وغداً سيأتي بالأفضل وسيتغير المشهد ولكن المخيف أن ننسى ماذا نريد ونتحول إلى قضاة.. علينا أن نفكر ببناء اليمن والدولة التي نريدها.

  وعموماً أتمنى من الجميع وخصوصاً قوى الثورة أن تحرص على وحدتها ولا تنقلب على بعضها فلا نريد من الثورة أن تأكل أبناءها.

زر الذهاب إلى الأعلى