غير مصنف

مجزرة السبعين ما زالت تحصد الأرواح حتى اليوم

 

أمين دبوان

حصيلة ضحايا مجزرة السبعين تجاوزت الـ100، والعدد يتزايد يوماً بعد يوم. الانتحاري أنهى جريمته في حينها، إلا أن الحالات الحرجة من الجرحى في الداخل، وآخرين في الخارج يموتون جراء الإصابة، وما زالت تحصد الأرواح بمرور الوقت.

ضمن زيارتنا لمستشفى الشرطة وجدنا المستشفى مكتظاً بالمصابين من قوات الأمن المركزي جراء الإرهاب، كانت بداية الزيارة للجريح مجاهد علي صالح القزقزي، المصاب بشظايا في كل جسمه، وقد فقد اثنين من إخوته بالحادث الإجرامي؛ أخاه الأكبر محمد، والذي يليه عبدالله، ضمن كتيبة واحدة، بل سرية واحدة. وعبر عن خيبة أمله في الإجراءات الأمنية في ذلك اليوم، فزملاؤه يقفزون إلى الحديقة يشربون الماء ثم يعودون بدون الانضباط العسكري، وعربة الآيسكريم داخل ساحة العرض.

كلما تذكر مجاهد أخويه دخل في غيبوبة، أما والداه في عمران ففقدا الوعي فور تلقي الخبر.

ثم التقينا بالجريح فايز محمد علي الغابسي، من محافظة صنعاء مديرية الحيمة الخارجية، ويبلغ من العمر 21 سنة، وحيد أسرته، تجند منذ سنتين في الأمن المركزي. أصيب بشظايا في الجبهة، مما سبب له تضرراً في الأعصاب والدماغ. ما زال يرقد في المستشفى، يدخل في غيبوبة معظم الوقت، يتألم بشدة، ويحصل عنده تشنجات عصبية شديدة.

زرنا بعد ذلك مصاباً آخر، وهو مبارك محمد علي محمد قاسم، من محافظة إب السياني، 22 سنة، منذ سنة ونصف وهو في قوات الأمن المركزي. أصابته عدة شظايا، لم يفق من غيبوبته إلا في المستشفى، وما زال يعاني آلام جروحه في المستشفى.

ثم توجهنا إلى غرفة العناية المركزة، ووجدنا عبدالوهاب محمد صالح المصنعي، وأمين صالح أحمد غيلان، وسمير أحمد الرصاص، في حالة يرثى لها، لا يتحرك لهم ساكن إلا القلب. لم يمضِ على زيارتنا سوى يومين حتى أُبلغنا بوفاتهم، وبذلك ترتفع إحصائية تلك المجزرة، بل هناك أنباء من الخارج تفيد بوفاة آخرين.

تحدثنا مع حمير السالمي، نائب رئيس التمريض بالمستشفى، الذي قال إن المستشفى يكتظ بالمصابين، وثلاجة الموتى كل يوم يمر يزيد العدد. وأكد أن بعض المصابين تحسنوا، وأن بعض الحالات تحتاج للسفر إلى الخارج.

ثم انتقلنا إلى موقع المجزرة في ميدان السبعين، ومقابل المنصة بجانب سور الحديقة، قد نصبت عدد من اللوحات، وعلقت عليها صور الشهداء وصور لجثث مشوهة أثناء المجزرة، ولوحات مكتوب عليها "لابد من محاكمة مرتكبي مجزرة الكرامة والسبعين"، ولوحة وضعت فيها صورة لمرتكب الجريمة وبياناته وهي: اسمه: هيثم حميد حسين مقبل هادي مفرح، من وحدة لواء النقل الخفيف، تجند في شهر 11/2010، تاريخ ميلاده 1990، رقمه العسكري 690290، يسكن في الأمانة منطقة مسيك، واسم كفيله هو والده العقيد رقمه العسكري 28171، من القوات الجوية. وهذه البيانات حسب ما كتب في اللوحة.

ووجدنا مجموعة من أفراد الأمن المركزي، والبعض قد فتح توقيعات للزوار "بحملة توقيع وثيقة المليون للمطالبة بإنشاء محكمة جنائية دولية للإرهاب في اليمن"، وسجل آخر لتعازي أسر الشهداء، وكاميرا تصوير توثق ذلك. وتحدث لنا مساعد قائد قوات الأمن المركزي لشؤون التوجيه المعنوي عقيد ركن شرف علي إبراهيم، الذي كان متواجداً في المكان، بأن تلك الجريمة لن تثنيهم عن أداء واجبهم، وعزاؤهم في أهاليهم كبير. وطالب الجهات المتخصصة بالقبض على الجناة والكشف عمن يقف وراءهم، والعمل بسرعة الكشف للرأي المحلي والعالمي عن الجناة. وعاهد الله والوطن أنه لن يهدأ لهم بال حتى يتم القبض على مرتكبي مثل تلك الجرائم. وختم حديثه بأن معركتهم مع الإرهاب مستمرة، وسينتصر الحق والوطن.

كما التقينا بالأستاذ محمد هادي سعدان، مدير عام الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، الذي كان هو الآخر في زيارة للمكان، وقال إن الجريمة هزت العالم كله بسبب المجرمين الذين يتحدثون باسم الدين وهم في الحقيقة يقومون بعمل إبليس. ونصح كل بيت يمني بأن يتابعوا أولادهم حتى لا يقعوا ضحية للقاعدة والإرهابيين والمتشددين. وعزّى أهالي الشهداء، ودعا للجرحى بالشفاء، وطالب بأن يقدم الجناة للمحاكمة في أقرب وقت ممكن، ولا يترك اليمن للإرهابيين القتلة.

ثم وصل إلى المكان مجموعة من الشباب تبين لنا أنهم مبادرة شبابية "أمل اليمن"، تطوعية تعمل على القضايا الآنية، وتشرك المواطن بحل تلك القضايا، وأن زيارتهم للميدان جاءت لتخليد ذكرى الشهداء، كما أكدت ذلك لنا خديجة بدر المنسق العام للمبادرة. وقاموا بعمل لوحة تذكارية مبسطة، وقدموا العزاء لأفراد الأمن المركزي والقيادة المتواجدة، وقرأوا الفاتحة على أرواح الشهداء.

وأوضحت وفاء الصغير، متطوعة من قيادة المبادرة، أن القصاص هو مطلب كل اليمنيين بحق من ارتكبوا تلك المجزرة.

صحيفة" الأولى"

زر الذهاب إلى الأعلى