أخبار وتقارير

المفكر عبد الباري طاهر: الاشتراكي ارتكب أخطاء في الجنوب أوصلته لكارثة 1994م واغتيال الحمدي ترتب عليه اغتيال سالمين وصالح أعاد القبيلة للنفوذ

يمنات

أعد المادة للنشر: أنس القباطي
وصف المفكر عبد الباري طاهر، بعض الاجراءات التي اتبعها الحزب الاشتراكي، إبان حكمه للجنوب بالقاسية، و خاصة تلك الاجراءات التي اتخذت ضد بعض السلاطين، الذين كانوا أقرب إلى الثورة، و إلى بناء الدولة و إلى الاستقرار، ولهم تاريخ كفاحي في هذا الجانب.
و قال في حديث لبرنامج “المشهد” الذي بثته قناة الساحات في ليالي شهر رمضان: هناك عددا من الاجراءات القاسية، استهدفت الحياة المدنية، و الأحزاب السياسية كالرابطة، و التعدد النقابي وحرية الصحافة.
الاشتراكي وحد الجنوب
و أكد أن الحزب الاشتراكي نجح الى حد كبير في توحيد الجنوب، غير أنه كان ممكن بوسائل اقل عنف و بوسائل مدنية وسلمية، حيث كان الجنوب مهيأ للتغيير.
و نوه إلى الدعوات المبكرة في هذا الجانب، سوى في السلطة القعيطية أو من سلاطين لحج.
رؤية الثعالبي
و أشار إلى رؤية عبد العزيز الثعالبي، التي اقترح فيها قيام دولة يمنية، بداية العشرينات من القرن الماضي، كانت أفضل من الرؤية التي قدمها الحزب الاشتراكي في ال”30″ من نوفمبر 1989م.
و اعتبر أن في ذلك اشارة صريحة أن الجنوب كان يمتلك رؤية ويمتلك قوى مدنية ويمتلك حرية صحافة و يمتلك أحزاب.
و أسف طاهر على ما حصل من تجريف لتلك المنجزات خلال الصراعات الدامية في الجنوب، سوى بين الجنوب والشمال أو بين الحزب الاشتراكي أو الجبهة القومية في الجنوب، في مراحل السبعينات و الثمانينات، معتبرا أن تلك الصرعات هي التي أدت إلى الكارثة عندما جاءت الوحدة.
هيمنة القوى التقليدية
و قال: عندما جاءت الوحدة، كانت للأسف الشديد القوى التقليدية هي الأكثر هيمنة وسيطرة على المشهد، وادت إلى كارثة حرب صيف 1994م، و امتدت الكارثة إلى اليوم.
و أكد أن معالجة أثار هذه الحرب لا بد ان تكون بإعادة قراءة الماضي بعيدا عن العصبيات القبلية و الطائفية و المناطقية و الحزبية.
و أشار إلى أن الحزب الاشتراكي وقع في أخطاء، من بينها قيام الوحدة بتلك الصياغة التي أدت إلى كارثة الحرب، و كذا الأخطاء الماضية والصراعات الدامية أدت مجتمعة إلى الكارثة.
5 نوفمبر بداية ظهور القوى التقليدية
و حول الصراعات في الشمال، قال المفكر طاهر: القوى التقليدية منذ 5 نوفمبر 1967م، سيطرت على الحياة السياسية و الجيش و الأمن، سيطرت على كل شيء.
و اعتبر أنه منذ ذلك التاريخ بدأ القمع المستمر على القوى الوطنية، و كانت أيام الشهيد إبراهيم الحمدي، هي الاستثناء فقط، و هي فتره قصيرة جدا لم تدوم اكثر من ثلاث سنوات وبضعة اشهر.
و أوضح أن القوى التي اغتالت الحمدي، امتدت أياديها إلى خارج الحدود للاستعانة في القتل، لكن تلك القوى كانت هي المسؤولة والمنفذ والطرف الأساس، في تدبير اغتيال الحمدي.
اغتيال الحمدي ترتب عليه اغتيال سالمين
و نوه إلى أن مقتل الحمدي ترتب عليه أيضا مقتل سالم ربيع علي، للزج بالبلد كلها في صراع، حيث كانت القوى التقليدية غير مؤهلة للحكم و لبناء دولة، و ليست مؤهلة لحكم الشمال ولا لحكم الجنوب.
و اعتبر أن تدويخ البلد بالحروب والصراعات المستمرة، هو الذي ساعد في بقاء هذه القوى في الحكم.
نفوذ السعودية
و أوضح كانت هذه القوى لا تملك نفوذ لا في مصر ولا في سوريا، و كان نفوذهم الحقيقي في السعودية، و كانوا فاتحين خطوط بمستويات معينة مع العراق، خاصة مع صدام حسين، وكانوا يستلمون موازنات، و يعترفون أنهم بألسنتهم بأنهم يستلمون موازنات و دعم من السعودية.
و أكد أن تبدلا تشهده البلاد، فالعالم أدرك أهمية الحفاظ على الكيان اليمني، عن طريق بناء دولة يمنية اتحادية ديموقراطية، برأسين اتحاديين للشمال وللجنوب، و هو الذي سيؤدي للخلاص.
افشال مخرجات الحوار
و قال: القوى التقليدية الأن لا هم لها، ولا إمكانية للبقاء إلا بإعاقة مخرجات الحوار، و إعاقة الحوار بين الشمال والجنوب، و اعاقة تنفيذ بعض القرارات المتعلقة بالجنوب، و إبقاء البلد في الحرب و إثارة الصراعات الطائفية والمناطقية والمذهبية، حتى تبقى في الحكم.
و اعتبر رهان القوى التقليدية، رهان خاسر، و أن إرادة الشعب اليمني اقوى من هذه الرهانات الخاسرة، و بات من الممكن في أي لحظة من اللحظات أن تزاح هذه القوى عن المشهد، و تعود إلى المواطنة الطبيعية و العادية.
و أوضح: هناك تغير في المشهد، بدأ من قبيلة حاشد، التي كانت رؤوسها مهيمنة على القرار السياسي منذ 1978م، و استمرت حتى حرب صيف العام 1994م.
صالح وعد القاعدة بالجنوب في 1994
و أكد أن القاعدة شاركت في حرب صيف 1994م، كطرف أساس، وكانت يومها موعودة بالجنوب.
و أشار أن حرب 1994م، شهدت اتفاقات مع الإرهاب، حيث وعد صالح القاعدة بالجنوب، منوها أن هذه قضية معروفة للجميع.
و أوضح أن القاعدة أصطدمت مع “صالح” بعد ذلك، بدءا بقضية جيش عدن – أبين، و قضية المحضار، المسؤول على جيش عدن – أبين.
الشمال بعد افغانستان
و لفت إلى أن الشمال وفق هذه الاتفاقات أصبحت المركز الثاني حينها بعد أفغانستان، والان كاد تكاد أن تكون المركز الأول، بسبب هذا التحالف.
و أكد أن هذا التحالف على كل حال لم يلغى، و لا يزال قائم لدى الأطراف المتصارعة، و لا تزال هذه القوى تلعب بورقة الإرهاب وتبتز بها المجتمع الدولي وتبتز بها أيضا المجتمع الإقليمي.
صالح بيدق القبيلة
و أشار أن ما يميز نظام “صالح” عن الأنظمة التي سبقته، أن الأنظمة السابقة كانت تتعاطى مع شيوخ القبائل وتستعين بهم وتستنجد بهم وتستند اليهم، لكن نظام علي عبدالله صالح اصبح بيدق القبيلة، و أصبح جندي من جنودها، و صار هو رئيس الدولة، لكنه تابع لشيخ القبيلة.
و أوضح أن “صالح” وضع أقدام شيوخ القبائل على رأس الدولة، وأصبحت الدولة هي ظل باهت للقبيلة.
فضيحة اغتيال حسن مكي
و أشار إلى أن محاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء حسن مكي عام 1994م، كان يقصد منه إعلان الحرب بذريعة اغتيال نائب رئيس الوزراء و مسؤول المؤتمر الشعبي العام، و هو ما أرادوه أن يكون عامل تفجير للحرب، لكن خاب أمالهم وتبين ان القبيلة وراء محاولة الاغتيال.
و تابع: بعد أسابيع اجتمع “علي عبدالله صالح” مع قتلة نائب رئيس الوزراء حسن مكي، ما يعني أن القبيلة أصبحت لها السيادة المطلقة على الدولة وأصبحت الدولة أداة من أدوات القبيلة، و هذا هو الذي حصل من منذ حرب 1994م، حيث أصبحت القبيلة هي المتسيد الأول على الدولة، فألغيت وظائف الدولة و أصبحت تابعة للقبيلة.
الجيش القبلي
و أكد أن الجيش تشكل على أساس قبلي، و مثله الأمن، فأصبحت الدولة تابعة لاختيارات قبلية.
و قال: حرب 1994م، كانت لها مقدمات فاجعة، اغتيل اكثر من 150 من كوادر الحزب الاشتراكي، يعني في نهاية المطاف كان الغاية من وراء كل ما حصل، بما في ذلك الحرب، هو هيمنة طرف في القبيلة حتى لا نقول كل القبائل.
و أضاف: علي عبدالله صالح قاد الحرب ليس كزعيم وطني وإنما كبيدق قبيلة، كجندي من جنود القبيلة، و الذي يتبع شيخ مشايخ القبيلة و يأتمر بأمره.
و تابع: كانت الكارثة، عندما حصل تحالف شرير ما بين الجناح العسكري القبلي، ما بين شيوخ الضمان وما بين بيدق القبيلة علي عبدالله صالح.
و أكد أن علي عبدالله صالح لعب الدور الثأري ضد القوى المدنية و الوطنية و ضد تاريخ الحركة الوطنية، حيث تم اقصاء هذه القوى كلها وبناء نظام قبلي.
لعبة خاسرة للاشتراكي
و كشف طاهر، أن الحزب الاشتراكي بنيته مدنية وأدواته مدنية وتحالفاته مدنية، و أنما أراد ان يلعب الورقة الموجودة في الشمال، وكانت لعبة خاسرة.
و أضاف: الخلاف بين علي سالم البيض و بين حيدر ابو بكر العطاس وبين فرج بن غانم و بين “صالح” أن هؤلاء كانوا يقولوا ل”علي عبدالله صالح” أنت رئيس الدولة وهذا المال أمامك حدد بموازنات الاحتياجات الرئاسية، حدد المبلغ الذي تريد، فكان يرفض يقيد رقم، كان يرفض يحدد موازنته للرئاسة، لأنه يريد المال العام كله، بمعنى أنه لا يريد مال عام للدولة، ولا يريد ان يكون هناك ضوابط للموازنة العامة، و يريد بالفعل ان يكون المال العام تحت امرته مباشرة، يعبث ويلوث ويتصرف به كما يشاء.
ضعف عبد ربه منصور
و أكد، اليوم اقصيت القوى المدنية، وعدم الرهان عليها و على الثورة الشعبية يضعف موقف الرئيس عبده ربه منصور.
و تابع: عبد ربه منصور يريد يحكم في ظل هذه التناقضات ويعالجها من خلال هذه التناقضات، غير الرهان الحقيقي، هو الرهان على الشباب و على قوى التغيير.
و أشار أن الرئيس هادي، خذل الأحزاب، التي ينبغي ان تكون جزء من الحياة المدنية من المجتمع المدني من الخطاب السياسي الجديد، حيث أصبحت موزعة على اطراف الصراع، وهي اقرب ما تكون إلى القوى التقليدية منها إلى قوى الحداثة، ولا تلعب الدور المطلوب منها.
و أوضح: من هنا ضعف موقف عبد ربه منصور، حيث وقع بين مطرقة المؤتمر و سندان الإصلاح، مشيرا إلى أن القوى الأخرى موزعة على المطرقة والسندان ولا تلعب دور مهم جدا في الحياة المدنية و السياسية لصالح قوى التغيير الحقيقي، مؤكدا أن ضعف عبد ربه منصور، جاء من هذا الجانب، و كذا من الرهان على الخارج، حيث أصبح رهانه على الخارج أكبر من الرهان على العوامل الداخلية، والعوامل الداخلية حتى وان كانت ضعيفة هي الأهم.
القبيلة تتماهى مع المدنية
و قال: الأن القبيلة مزاجها متغير ومختلف أصبحت تتماهى مع مشروع التغيير، لكن الخلل في رأس الحكم وليس في القبيلة، يعني الخلل ان الناس لا يزالون يحسبون حساب لمشايخ الضمان اكثر من ما يحسبون لأفراد القبيلة أو أبناء القبيلة أو لمؤسسات المجتمع المدني أو لقوى التغيير.
و أضاف: الأحزاب السياسية أيضا أصبحت جزاء من هذا الضعف العام، لصالح مالآت وتملق وانجرار وراء هذه القوى التقليدية.
و أكد أن الحزب في اليمن بات شكل من أشكال العصبيات القبيلة، و اذا لم يتغير تغير كامل ويرتبط بالحرية والديمقراطية وبخطاب سياسي مغاير ومختلف سيصبح ظل من ظلال العصبيات القبيلة التقليدية.
و اعتبر أن الشيء المهم اليوم أن هناك متغيرات مهمة جدا داخل القبيلة، لم تُقرأ كما يجب.
زلزال حاشد
و نوه إلى أن ما حصل في قبيلة حاشد مؤشر مهم لهذا المنحى، و ما يحصل الأن في القبائل بعدم الاستجابة للزج باليمن في الحروب أيضا مؤشر مهم جدا لتغيرات مهمة داخل الأحزاب، بما في ذلك الأحزاب التقليدية، في الإصلاح جماعات اقرب إلى الحداثة ربما من الاحزاب الحديثة ولديهم مطالب ولديهم وعي ولديهم ادراك بأهمية خلاص اليمن من هذه القوى التقليدية كلها، سواء كانت العسكرية أو القبيلة أو الطائفية.
قوى الثورة مقصية
و أوضح أن هناك رؤى جديدة، لكن هذه الرؤى الجديدة التي عبرت عنها الثورة الشعبية ما تزال مقصية، و هي موجودة في كل الأحزاب و موجودة في الفضاء العام، في الحياة السياسية العامة، و التي يستلزم قرأتها بعمق.
و اعتبر أن قوة عبد ربه منصور أو غيره هو في الرهان على هذه القوى اذا ما جرى رهان على هذه القوى واستنهاضها والتحالف معها وإعادة الاعتبار لها.
و أكد أن القبيلة وشيوخها كانوا يلعبوا دورهم المؤثر إثر امتلاكهم السلاح والمال و التحالفات الإقليمية، و مثلوا عائق أمام انتصار الإرادة الشعبية العامة منذ 5 نوفمبر 1967م.
انقسام القوميين و البعث مهد الطريق للقبيلة
و أشار أن القبيلة تواجدت داخل الجيش بسبب الانقسام بين حركة القوميين العرب والبعث، فالبعث كان قوة حقيقية داخل الجيش من خلال رموزهم و شخصياتهم و تنظيمهم.
و أوضح أن القاضي عبدالرحمن الارياني كان شخصية مستقلة وعالم دين، و كان لديه علاقات عامة في حركة القوميين العرب و لدى البعثيين و لدى الأطراف السياسية المختلفة والمشايخ.
و تابع: القوى التقليدية لم تكن الأقوى في الجيش، غير أن استنادهم إلى السعودية، اعطاهم القوة، فكان الانقلاب أصلا موجة ضد القوى الجديدة وضد الجيش، ضد عناصر الجيش التابعة لحركة القوميين العرب.
سيطرة الاسلام السياسي
و لفت إلى أنه بعد 5 نوفمبر سيطر الإسلام السياسي على المناهج و على المساجد، و تمكنوا من الاستيلاء على الخطاب السياسي وعلى الإعلام وجرى تطويع الدولة لصالح القبيلة بالتحالف مع العربية السعودية، و هو ما أدى إلى الكارثة.
و اعتبر أن انقلاب ابراهيم الحمدي في 13 يونيو ي1974م، الذي جاء كانقلاب سلمي وبإغراءات مدنية وبإغراءات ديمقراطية، استطاع إقصاء هذه القوى بضربة واحدة.
و أكد أن الحمدي راهن على الحياة السياسية المدنية وعلى القوى الوطنية الحديثة، غير أن “صالح” أعاد القبيلة للنفوذ.

زر الذهاب إلى الأعلى