أخبار وتقاريرالعرض في الرئيسة

الإمارات لم تعد متحمسة لاستمرار القتال في اليمن

يمنات – RT

محمد الأحمد

تراجعت الإمارات سريعا عن إعلانها عن انتهاء الحرب في اليمن بالنسبة إلى قواتها؛ لكن هذا التراجع، وإن قُصد منه نفي الخلاف مع الرياض، فإنه يشير بوضوح إلى رؤيتين مختلفتين للتعامل مع الأزمة اليمنية. 

 أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عاد وأكد أن محور الرياض-أبوظبي سيخرج من الأزمة في اليمن أكثر قوة وتأثيراً، وأن هذه الشراكة ركن أساسي للمستقبل؛ لافتاً إلى أن القوات المسلحة لبلاده أدت دورها القتالي بشجاعة ومهنية، وسيستمر هذا الدور مع السعودية حتى إعلان التحالف العربي انتهاء الحرب.

وهي تصريحات تختلف  قليلا عن تلك التي نقلتها عنه وكالة الأنباء الرسمية الإماراتية، وقال فيها إن الحرب بالنسبة إلى قوات بلاده في اليمن انتهت عمليا، وإنها تركز حاليا على الترتيبات السياسية وتمكين اليمنيين في المناطق المحررة.

الوزير الإماراتي، الذي غالبا ما يفصح عن مواقف بلاده من القضايا السياسية، أشار إلى أن «عاصفة الحزم» كانت الرد الحاسم على التمدد الإيراني؛ لكنه كرر ما جاء في تصريحاته السابقة باستكمال تحقيق  التحالف الذي تقوده السعودية أهدافه في اليمن، وقال إنه مع تحقيق الأهداف الأساسية للتحالف، تقع المسؤولية على اليمنيين للتوصل إلى اتفاق لا يهمِّش أحداً.

وهي أقوال لا تختلف تماما عن أقواله السابقة بشان انتهاء القتال في اليمن؛ فإذا حقق التحالف أهدافه العسكرية، فمعنى ذلك أن مبررات وجودها واستمرار القتال لم تعد قائمة.

قرقاش في توضيحه، ندد بما قال إنه تحوير لمحاضرته الرمضانية عن الإمارات والتحالف والأزمة اليمنية، والتي استعرضت مستجدات الملف وتطوراته وتاريخية قرار “عاصفة الحزم”، وأكد أن التحالف بقيادة السعودية لم يعلن قرار “عاصفة الحزم” إلا بعد استنفاده كل المساعي السلمية، ومع إصرار انصار الله و‏‏ صالح على منطق العنف والانقلاب.

لكن هذا التوضيح لا يغير حقيقة أن الإمارات تمتلك رؤية مختلفة للوضع في اليمن؛ فهي لم تعد متحمسة لاستمرار القتال وسحبت كل قواتها من محافظة مأرب، وشرعت في سحب جزئي لقواتها في عدن، وهي تفضل الحل السياسي السريع على “علاته”. 

ولأن هذا الحل المنتظر من محادثات السلام في الكويت لا يبدو مقنعا للإمارات، فقد أشار إليه بوضوح وزير الدولة للشؤون الخارجية في محاضرته، التي ألقاها في ديوان الشيخ محمد بن زايد، وأكد فيها أن النتائج  المؤلمة من هذه  المحادثات لا تتبنى الحل النموذجي؛ لأن فجوة عدم الثقة لم تُردم بعد، ولأنه ليس لدى اليمنيين حتى الآن رؤية واحدة للمستقبل. فالجنوب يريد الانفصال والتطرف الإصلاحي الإخواني إقصائي، ومنطق لا غالب ولا مغلوب ملتبس على الكثيرين منهم.

 منذ ما بعد تحرير عدن من قبضة انصار الله وقوات الرئيس السابق علي عبد الله صالح، لم تُخف الإمارات عداءها الواضح لـ”حزب الإصلاح” (الإطار اليمني لـ”جماعة الإخوان المسلمين”)، وكان لها موقف واضح من تحرير تعز في ظل سيطرة الحزب والجماعات الدينية على الجماعات المسلحة في المدينة؛ وهو موقف يختلف كلية عن موقف الرياض، التي تحتضن قادة الحزب وتدعم مقاتليه بالسلاح والأموال. كما لم  تُخف أبوظبي رغبتها في إيجاد حل سياسي يكون حزب الرئيس السابق طرفا فيه بعد أن طال أمد الحرب وتبين أن الحسم العسكري غير ممكن. 

ومن الإنصاف القول إن الإمارات كانت أكثر بلد قدم ضحايا من جنوده وقواته في اليمن، حتى أكثر من السعودية نفسها والتي تقود التحالف؛ فقد قتل أكثر من خمسين من الجنود الإماراتيين في مأرب وعدن وأبين ولحج. كما أنشأت قاعدة عسكرية في إريتريا لتدريب القوات التابعة لحكومة هادي، وخسرت مقاتلة حديثة ومروحيتين أيضا مع أطقمها إلى جانب العربات العسكرية الحديثة التي دمرت. كما أنفقت الإمارات بسخاء على الجوانب الإغاثية وإعادة تأهيل المدارس والمستشفيات في عدن وسقطرى، وحاليا في المكلا. ومن الواضح أنها لا ترغب في الاستمرار بهذا الدور وتتحين الفرصة للخروج من المأزق اليمن. 

ومع  الإقرار باختلاف الرؤى، فلا يمكن الرهان على انهيار محور الرياض-أبوظبي لأمور عديدة، منها: أن التحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة هي بسبب التنافس القائم بين السعودية وإيران على النفوذ أو بسبب تنامي الجماعات الإرهابية.

وأن الرياض لا تزال تقود دول المنطقة بقوتها المالية وثقلها السياسي؛ وهي أمور لا يمكن للإمارات الاستغناء عنها.

زر الذهاب إلى الأعلى