اشرب من سُجمه.. أنا ما ابيعش

يمنات
هرب صديقي، محمد علي البراق، من منزلهم في القرية إلى مدينة تعز. ومن أجل أن يوفر مصروفه اليومي، قام اثنان من أبناء قريته بشراء دبة كوثر وقلص، علشان يطلب الله ويبيع ماء في سوق القات، ولا يكون عالة عليهم؛ خصوصاً وهم طلاب جامعة مطفرنين.
بعد ذلك خرج البراق إلى السوق مصطحباً دبة الماء الكوثر، وعند أول زبون صادفه قام بإخفاء القلص في جيبه، ومد للزبون بالدبة قائلاً: "اشرب من سُجمه.. أنا ما ابيعش!".
صديقي البراق الجميل: إذا كنت أنت ترفض أن تبيع الماء وتعتبره عيباً، كونك من أسرة ارستقراطية…!؛ فنحن أيضاً نرفض أن نبيع دم الشهداء ونعتبر ذلك عيباً، ولسنا خونة لمن سقطوا بجوارنا وهم يدافعون عن الكرامة ولقمة العيش لأسرنا الفقيرة التي طحنها النظام.
هناك شباب كنا لا نعول عليهم أبداً منذ البداية، ونعرف مدى انتهازيتهم. ونحن لا نستغرب أن يكونوا اليوم ممثلين لشباب الثورة في مؤتمر الحوار؛ لأنهم ماهرون جداً في التسلق، ويمتلكون قدراً لا بأس فيه من الارتزاق والابتذال يمكنهم من تجاوز دماء الشهداء والقفز على جثثهم بكل براعة.
وهناك شباب كنا ومازلنا نعول عليهم كثيراً؛ لكن ليتهم عملوا كما عمل البراق، وقالوا للجنة الفنية للحوار، التي أعلنت أسماءهم: "نحن مانبيعش ولن نحاور، واشربوا من سُجم، أقرب بحر ترونه مناسباً"، وعصبوا على بطونهم حجراً، وحفظوا للثورة كرامتها، وللشهداء ما كانوا يقسمون به لهم بعدم "الخيانة والتفريط في دمائهم الطاهرة"، وأقفروا عائدين إلى الشارع؛ كما صنعت الرفيقة الثائرة، "سارة جمال"، عندما رفضت الحوار.