فضاء حر

فكرة مختصرة..

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

مرارا وتكرارا نقول لابد لاي نظام او حكومة رؤية استراتيجية تعكس مصالح مجتمعها وفق استيعابها لمحورية الجغرافيا السياسية ومفهوم السيادة ومتغيرات النظام الاقتصادي والسياسي العالمي والاقليمي ..والاهتمام بمطامع الاخرين من دول الجوار وغيرها في الداخل … ومن ثم فأي صراع محلي لايستمر كذلك -وقد لاينشأ كذلك ايضا – بل يتحرك بفعل قوى خارجية ومن هنا فان معرفة مطامع الخارج جزء رئيسي في فعل المواجهة او الممارسة السياسية .. ولهذا فان دور امريكا منذ سنوات لم يكن داعم لتطور الدولة ولا تنمية المجتمع بل كان داعم لافراد وعائلات ظنا انه من خلالها يحقق مصالحه ..ومثلها دول الجوار التي صكت علاقات مع افراد وعائلات وقيادات تقليدية وحزبية اظهرت الاحداث الاخيرة انهم لايقدرون على فعل شيئ يستحق الاهتمام .. لكنهم قادرون على تدمير الدولة وتعميم الفوضى في المجتمع ..

وللعلم امريكا كانت مستوعبة لحضور لاعب جديد في الساحة من خلال مؤتمر موفمبيك ومنحته اشارات خضراء للمرور وصولا الى دخول العاصمة ..اليوم يتكرر الضؤ الاخضر من خلال وزير الخارجية الجديد والمبعوث الامريكي بدخول مأرب وتاخير اي جهد دبلوماسي لما بعد ذلك الدخول وهو ما كشفته مقابلات المبعوث الامريكي الاخيرة ..هذا الامر كان يجب ان يكون حاضرا في وعي الحكومة والرئاسة من خلال متابعة حثيثة لوزارة الخارجية والسفارة في واشنطن ..والا لماذا هناك سفير ووزير خارجية ومئات الموظفين فيها ،، ولماذا هناك مستشارين للرئيس اصلا ..

اللعبة الاقليمية والدولية تجاوزت اصل المشكلة -الازمة -في اليمن واصبح الاهتمام كله موجها لحوار طرفي نزاع ..وهو تعبير له نظيره في المبادرة المشؤومة عامة 2011 التي نصت على الحوار بين النظام والمعارضة كطرفي نزاع ..مع ان الامر لم يكن كذلك في ذلك العام ولا هو كذلك اليوم .. السؤاال المشروع لماذا .. هكذا تعبيرات اقليميا ودوليا ..ومعها تتحدث المكونات اليمنية المختلفة ..؟ قلنا سابقا ان هناك قصد في تعويم الازمة اليمنية داخليا لتعم كل اليمن و تنتقل من السياسي الى الاقتصادي والاجتماعي ، مع نقل المواجهات الميدانية الى عمق الريف اليمني. وهذا ما حصل ولايزال كذلك ..و مثل ذلك هناك تعويم سياسي في التعبير عن المشكلة -الازمة – وفق توصيف سطحي يشير الى طرفي نزاع يتم الحوار بينهم ومعه لامجال للحديث عن قضية وطنية ودولة وجمهورية ولا حديث حول من جعل اليمن ساحة لمواجهات اقليمية ..دمرت الانسان والشجر والحجر ……اذا .. طالما التعبير -طرفي نزاع .. فهما متساويان في الاسباب والنتائج .. وهما معا يستملكان السلطة حال المصالحة وفق منطق المحاصصة والغنيمة .. وهنا لا حديث عن القتل والاختطاف والتعذيب ونهب الاموال العامة واهدارها والتفريط بالسيادة ..

امريكا تنشر رؤيتها التي لاتستهدف اكثر من تحقيق هدنة مؤقتة لتتجدد بؤر الصراع مرة اخرى ..وهذا المنظور الامريكي قديم في المنطقة فهي دعمت المحاصصة الطائفية في لبنان وحتى اليوم لم يجد هذا البلد فرص للتعافي والاستقرار ومثله سيكون الوضع مماثل في ليبيا والعراق وسوريا واليمن ..وامريكا ليست معنية تماما بمحاربة ايران .. فقط .. تريد تهذيب سلوكها السياسي تجاه مصالح امريكا وهي امن اسرائيل وايران موافقة تماما على هذا البند وحماية السفن الامريكية ومصالحها في المنطقة ..لكن ليس من بين الاهتمامات بناء دولة او دعم شرعية في اي بلد يتقاتل ابنائه ويتسولون المدد والمعونة من الخارج ..

في اليمن امريكا لها مصالح نفطية وامنية واستراتيجية في اطار سباقها مع الصين وروسيا بان لايكون لهما مصالح كبيرة منافسة في اليمن .. خاصة وان اعادة هندسة الشرق الاوسط من المنظور الجيوبولتيك حيث تصر امريكا على الانفراد بالتواجد العسكري والاقتصادي وتقليل حضور الصين وروسيا قدر الامكان .. وهنا يكون الخطاء الاستراتيجي للحكومات اليمنية -تباعا- التي اغفلت ببللاهة غير محسودة صك علاقات متميزة مع الصين وروسيا خلال السنوات الماضية دعما لمواقف سيتم الحاجة لها في عملية الحوار والمصالحة ومابعدها ..اعادة الاعمار .. وحتى لايضيع القرار السياسي اليمني في يد امريكا والشقيقة الكبرى لسنوات قادمة .,وهو الامر الذي كتبنا فيه اكثر من مقال اهمها مقال بعنوان “تعطيل مفاعيل الجغرافيا السياسية اليمنية” تم نشره في صحيفة القدس العربي اللندنية – ..من جانب اخر الشقيقة الكبرى لايهمها ان يكون لليمن نظام جمهوري ولا نظام ملكي ولا دولة موحدة -وهو جهل لامحدود منها -لان رؤيتها القاصرة والمستعجلة في منع الصواريخ والمسيرات عنها باعتبارها نجاح يستحق التسريع بخطوات الحوار .. مع العلم ان استقرارها على المدى المتوسط والبعيد لن يكون الا من خلال دولة موحدة بنظامها الجمهوري وبتعزيز التنمية والاستقرار ودون ذلك قد تظهر اكثر من مجموعة مسلحة تمتلك نفس الادوات التي تقلقها امنيا وعسكريا لانها ستكون ميدان رماية لهذه المجموعات ..

السؤااال مرة اخرى ..هل تمتلك الرئاسة -الحكومة -الخارجية- رؤية سياسية متكاملة لطبيعة المشهد السياسي المحلي والاقليمي والدولي ، وهل لديها معرفة شاملة بأبعاد الصراع الراهن وحقيقة المصالح السعودية الاماراتية والايرانية والامريكية .. ولماذا حتى اليوم لم تكسب مواقف معلنة -داعمة صراحة ومكتوبة -من الدول العظمى وتلك التي لها حضور في الازمة واطرافها .. ..الجدير بالذكر انه للخروج من اجندة الحل للعام 70 لابد من رؤية متكاملة لاعادة بناء الدولة ومشروعها الوطن وصك علاقات مصالح مع الدول الكبيرة بتعدد الاقطاب الجديدة خاصة الصين وروسيا والمانيا ..

انظروا الى ايران واتفاقها الاخير مع الصين لمدة 25عام ، والى باكستان واتفاقها مع الصين وتمرير معظم تجارتها الخارجية عبر موانئها على المحيط الهندي وانظر الى دول اخرى امامكم ….؟؟؟ انتم تريدون حلا سياسيا للبلد بأكمله ام حلا تعودون معه فقط الى كراسي الحكم في صنعاء .. مع العلم ان هذا الاخير لايزال بعيدا تماما وربما تظهر مفاجآت تخرجكم من المشهد السياسي نهائيا لان البديل الذي يتم صناعته محليا بادوات الشقيقة والامريكان اصبح جاهزا او قارب على الاكتمال وما المصالحة القادمة -الحوار القادم – الا غطاء لقرار دولي واقليمي ..!

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى