ما نتعلمه من التاريخ حول الإسلام و الديمقراطية!
يمنات
نادر هاشمي، نقلا عن CNN– ترجمة: عبدو الحودلي
في بدايته، حظي الربيع العربي بمباركة واسعة في الغرب، لكن الذكرى الثانية لثورات الحرية شهدت تفاؤلا باهتا حول مستقبل العالم العربي. مؤخرا، أظهر استطلاع أجراه مركز بيو الأمريكي لاستطلاع الرأي عن أن حوالي 60% من الأمريكيين لا يعتقدون بأن تؤدي التغييرات التي شهدها الشرق الأوسط إلى تطورات دائمة لشعوب المنطقة. وفي نفس الوقت، يعتقد أكثر من نصف الأمريكيين الذين تم استطلاع رأيهم بأهمية استقرار الوطن العربي حتى في ظل مناخات ديمقراطية أقل.
وبالتالي، ما الذي يجب أن يتوقعه العالم وكيف يتوجب على الساسة، والمفكرين، والمجتمع أن يستوعبوا هذه التطورات؟؟ لفهم ذلك، يجب أن يكون التاريخ دليلنا.
وبالطبع، فالتنبؤ بلحظة قيام بلد ما بعملية تحول ديمقراطي ليس بالحقيقة العلمية، لكن وجود متغيرات معينة يجعل التحول أمرا أكثر احتمالا، سواء كانت هذه المتغيرات متعلقة بمستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي ( التصنيع، ونسبة المتعلمين، والإعلام) أو وجود طبقة وسطى كبيرة.
في سياق المناقشات التي تلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر، كان من النادر أن يتم تناول قضايا الإسلام والديمقراطية. وبدلا من ذلك، فقد خلصت وسائل الإعلام التقليدية والمناظرات الفكرية إلى سؤال مفاده: لماذا يبدو العالم الإسلامي مختلفا بشكل كبير عن مجتمعات أمريكا الشمالية وأوربا؟ ولماذا لا يجمعنا بهم شبه كبير؟ ونقطة الخلاف الجوهرية – تًوَقع التشابه الثقافي والاجتماعي- كونت الخلفية لتحليل العلاقة بين الإسلام والمسلمين والديمقراطية.
ولذلك نسأل عن دواعي السؤال المتكرر حول اختلاف المسلمين عن الغرب.
ومن أول وهلة، يوحي هذا السؤال و-بشكل خاطئ- بأن الغرب عالما ديمقراطيا، مسالما، ومتحررا على الدوام. ومع ذلكن لا يوجد مؤرخا قديرا يتفق مع هذا الاستنتاج. وبعد كل ما قيل، فـ"أوربا" هي المكان الذي شهدت مولد الفاشية، الشيوعية، والنازية في ألمانيا. وبالتالي فإن فهم التاريخ -خاصة تاريخ النضال الطويل والمعقد من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية في الغرب- أمرا مهما لفهم العداء بين الإسلام والديمقراطية في العصر الحالي.
لا نفقد الأمل في الربيع العربي
حين نراقب اليوم الربيع العربي، دائما ما يتم تجاهل أنه يتحتم على الديمقراطيات الناشئة أن تخوض صراعا مع حضور الدين في الدولة. و لا توجد خطط يمكن السير عليها. التفاوض والمساومة الديمقراطية والمساومات بخصوص دور الدين في السياسة هي فصل حتمي من فصول التاريخ ومن عملية اندماج الديمقراطية في كل المجتمعات.
وخلافا لفهم العامة، فإنه لم يحدث أن تًنًزل دين ولديه نزعة ديمقراطية أو تحررية أو علمانية.
ومثله مثل التعاليم الدينية الأخرى التي ظهرت قبل عصر الحداثة والمبنية أساسا على التعاليم المدونة كتابيا، فالإسلام ليس أكثر ولا أقل توائما مع الحداثة مقارنة مع المسيحية و/أو اليهودية. فمثلا، وحتى ستينيات القرن الماضي، ساد اعتقادا بأن الكاثوليكية عائقا أمام الديمقراطية، مع أن القليل قد يستدعي هذا الاستدلال في الوقت الحالي. وهذا لا يعني إمكانية الإغفال المطلق للمعتقد الديني عند تناول مسألة الديمقراطية في الشرق الأوسط، بل على العكس فإن تفسير الدين يظل سياقيا ومتطورا.، وفي أحسن الأحوال، فهو واحد ضمن عوامل عدة تؤثر على التطلعات لنشر الديمقراطية والتحرر.
في نفس الوقت، تأثر النضال من أجل الديمقراطية في العالم الإسلامي المعاصر بشكل عكسي بتدخلات مستمرة من قوى خارجية. وأدت السياسيات طويلة الأمد -خاصة السياسيات الأمريكية- التي تدعم الأنظمة الفريدة كنظام شاه إيران، ونظام حسني مبارك في مصر، وعائلة آل سعود إلى إعاقة التطور السياسي. وبيئة المنطقة-مضافا إليها عوامل الاضطراب المتعلقة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني- هي بيئة تؤدي إلى تنامي السياسات الدينية الراديكالية على حساب السياسات الديمقراطية التحررية. وبالتالي، كانت التجارب الأوربية والشرق الأوسطية مختلفة. ومن وجهة نظر استراتيجية، فلم يكن للتدخل الخارجي دعما للأنظمة الفردية عاملا مؤثرا على تقدم الديمقراطية في الغرب- بينما كان عاملا مهما في الشرق الأوسط.
وكما يلاحظ عالم الاجتماع أصف بيات ، فالتوافق بين الإسلام والديمقراطية ليست مسألة فلسفية كما يقول الافتراض السائد، بل مسألة سياسية. ويضيف : " هي مسألة صراع. والسؤال وثيق الصلة بالقضية لا يتساءل عن ما إذا كانت الديمقراطية الإسلام متوافقان (اقل من كل الأسئلة، بسبب التفسيرات المتناقضة المتعلقة بكل من الإسلام والديمقراطية) بل على العكس، هو الذي يتساءل عن الظروف التي يكون فيها المسلمون قادرون على جعل دينهم متوائما مع أفكار الديمقراطية المطلوبة؛ وكيف يكونون قادرين على إجازة وتبسيط قراءة شاملة لمعتقدهم الديني بنفس الطريقة التي ناضل بها ديمقراطيو الغرب لإخراج الديمقراطية من المفاهيم الضيقة (أبيض، ذكر، إقطاعي، ومجرد ليبرالي) إلى أفق أرحب"
وبعد مرر عامين على اندلاع ثورات الربيع العربي، فان ملاحظات البيات تعد منطلقا جيدا للمهتمين للانخراط وفهم مشكلات التطور الديمقراطي في العالم العربي والإسلامي اليوم.
_________________
[1]آصف بيات: مفكر ايرانى وأستاذ علم الاجتماع والدراسات الشرق أوسطية بجامعة إلينوى بالولايات المتحدة