فضاء حر

تقرير استثنائي لجمال بن عمر: تأطير للقضية الجنوبية.. تعريض بـ”الزعيم” وبلصوصية الجنرالات

يمنات

المبعوث الدولي جمال بن عمر تعمد في تقريره الأخير إلى مجلس الأمن الثلاثاء الماضي, أن يكون أكثر تحديدا للقضايا التي يتابعها في اليمن وضبطا للمفاهيم المتصلة بها.

تحدث عن مشكلة الانقسام في الجيش المستمرة منذ انشقاق علي محسن الأحمر عن النظام العام الماضي والذي يقابله على الضفة الأخرى نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي يقود الحرس الجمهوري, وانتقد بطريقة متهكمة الرئيس صالح الذي يتصور أنه "زعيم" المعارضة رغم أن نصف أعضاء الحكومة من حزبه!

خصص فقرات من تقريره للحديث عن عوائق توحيد الجيش اليمني, وفساد قادته, مشيرا بوجه خاص إلى البيانات الزائفة بخصوص قوام (عداد) الألوية.

تحدث عن المصالحة الوطنية وأهمية بحث انتهاكات ومظالم الماضي, مشيرا إلى مشروع معدل لقانون العدالة الانتقالية [وحسب ما سمعته من أحد مساعديه قبل ثلاثة أسابيع فإن المشروع المعدل سينفتح على الماضي دون تحديد سنة أساس كما يتوسل الدكتور محمد المخلافي وزير الشؤون القانونية وبعض رفاقه في قيادة الحزب الاشتراكي بمظنة أن تحديد عام 1990 أو 1994 كسنة أساس (بداية زمنية للنظر في الانتهاكات) يحمي الاشتراكي من ملفات الماضي ولا يعطل نهج التصالح والتسامح في الجنوب, وهذا وهم كبير تعيشه قيادة الحزب وبعض فصائل الحراك الجنوبي].

أكد بن عمر على معايير الامم المتحدة فيما يخص تمثيل المرأة اليمنية في مؤتمر الحوار.

قدم روايته فيما يخص دوره في تحديد حصص الأطراف الممثلة في مؤتمر الحوار [ هذه نقطة ضعف ظاهرة في تقريره] إذ قال إن تدخله جاء بعد خلافات داخل اللجنة الفنية وبين ممثلي الأحزاب, علما بأن الرأي العام اليمني لم يسمع بخلاف من هذا النوع. ومن المرجح أن الرجل تعرض لتضليل من ممثلي التحالف الحاكم (مشترك ومؤتمر).

توعد في تقريره كل من يعوق العملية الانتقالية, ولفت عناية رئيس وأعضاء مجلس الأمن الدولي إلى أن اليمنيين يتطلعون إلى وفاء المجلس بالتزاماته حيال الشعب اليمني باتخاذ اجراءات ضد المعطلين!

بشأن القضية الجنوبية, تعمد جمال بن عمر أن يمهد للحديث عنها بتأطيرها على نحو يبرز جذرها الحقوقي ومرجعية قرارات مجلس الأمن, من دون نفي أبعادها السياسية أو تقرير مضكونها الحواري في مؤتمر الحوار الوطني, لكنه شدد على أولوية اتخاذ تدابير لبناء الثقة تشمل معالجة المظالم وبخاصة قضيتي الآراضي والمسرحين قسرا بعد حرب 94. [هذه الأولوية لا يتوقف أثرها عند الرأي العام في الجنوب بل يمتد إلى الشمال, فتدابير تعيد الحقوق للجنوبيين هي بالتأكيد تنعكس ايجابا لدى الأغلبية الساحقة من الشماليين الذين يتطلعون إلى دولة مواطنة وسيادة قانون, فالثابت أن المتضررين من أية معالجات حقيقية للمظالم في الجنوب هم حفنة من مراكز القوى واللصوص والمفسدين, أغلبهم من الشمال.]

يعزز المبعوث الدولي في تقريره (الذي نال ترحيبا في اليمن لدى حقوقيين وناشطين وقوى جديدة من خارج النخبة القديمة الفاسدة) تصور عضوي اللجنة الفنية رضية المتوكل وماجد المذحجي المقدم للجنة والذي نشر الأسبوع الماضي في صحيفة "الأولى", بشأن التهيئة للحوار عبر اتخاذ معالجات في صعدة والجنوب. والغريب أن هذا التصور لم يناقش أصلا في اللجنة الفنية التي يظهر أغلب اعضائها خفة شديدة في التعاطي مع قضايا تقع في صميم اختصاصات اللجنة.

أخلص إلى أن جمال بن عمر استطاع تعويض النقاط التي خسرها الشهر الماضي, وذلك من خلال تقديم تقرير محكم يضع النقاط على حروف أغلب قضايا الحوار.

*****

هنا مقتطفات من التقرير:

تعود جذور الاضطراب في الجنوب إلى التهميش والتمييز ضد الجنوبيين منذ الوحدة، وما يعتبرونه نقص الوصول إلى الموارد والفرص. ويشعر كثيرون في الجنوب أنهم مستبعدون، بسبب المظالم المزمنة. منذ عام2007، أحتشد الجنوبيون للمطالبة بالمساواة في الحصول على الوظائف والخدمات الحكومية، وإصلاح قضايا الأراضي، ودرجة معينة من الحكم الذاتي المحلي. بدأت هذه الحركة المعروفة بالحراك، كحركة حقوقية تطالب بالمساواة تحت حكم القانون. لكن الوعود الفارغة لسنوات، عمقت الاستياء وأدت إلى جنوح البعض في الحركة نحو أجندة ذات سقف عالٍ تنادي بدولة منفصلة.

 

ـ خلال تواصلي مع قيادات الحراك في عدن والقاهرة، شرحت لهم أن الحوار الوطني يوفر فرصة لمعالجة قضية الجنوب عبر حوار وتوافق، وبناءً على قرارات مجلس الأمن. وحثيتهم على نبذ العنف والمشاركة في العملية من دون شروط مسبقة.

حثيت الحكومة على اتخاذ تدابير لبناء الثقة لمعالجة مظالم الجنوبيين، ومنها قضية المسرحين قسراً من الخدمة المدنية والجيش بعد حرب عام1994، وأولئك الذين صودرت أراضيهم وممتلكاتهم. سيوفر أي تقدم ملموس في هاتين القضيتين مناخاً مواتياً لبداية بناء للحوار الوطني.

ـ لا تزال العملية الانتقالية مهددة من الذين لم يدركوا بعد أن التغيير يجب أن يحدث الآن. لم يستسلم المفسدون على اختلافهم حتى الآن. لا يزالوا حريصين على عرقلة العملية الانتقالية والاستفادة من عدم الاستقرار. خلال الأيام القليلة الماضية، عاش اليمنيون مجدداً تحت جُنح الظلام، من دون تيار كهربائي. ولا تزال أنابيب النفط والغاز تتعرض لهجمات تكبد الخزينة اليمنية خسائر بمئات ملايين الدولارات. ويتوقع العديد من اليمنيين أن يراقب مجلس الأمن عن كثب تصرفات المفسدين وأن يُسائلهم.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى