العرض في الرئيسةفضاء حر

قراءة موضوعية للمشهد في المنطقة

يمنات

أ. د فؤاد الصلاحي

من يتابع الحورات منذ اسبوع حول المشهد السياسي في المنطقة؛ يلاحظ وجود فريقان: الاول يستسهل القول بأن ايران واذرعها الاقليمية انتهت تماما. والاخر يهلل بحذر معولا على ضرب ايران ذاتها..

وللعلم القراءة الموضوعية للمشهد تؤكد حدوث هزات كبيرة وغير مسبوقة في غزة ولبنان وسوريا، لكن لا يعني ذلك نهاية الجماعات السياسية، خاصة حماس وحزب الله، لان كلاهما يحتاجان للحظة هدوء للمراجعة واعادة تقييم الموقف، ووضع أولويات جديدة، والمؤكد انها ستبتعد كثيرا عن ماكانت عليه قبل الازمة الاخيرة.

المشهد السوري مختلف، فالصحيح نهاية نظام الأسد، لكن المشهد الجديد القادم غير محدد، وليس لديه رؤية سياسية كاملة او موجزة يتم البناء عليها.

ومع غياب نظام الأسد خسرت ايران مكان نفوذ غاية في الاهمية، وربما تفقد روسيا مكانها ايضا عما قريب، الا اذا كانت حواراتها مع الجولاني ستتم بطريقة غير تقليدية.. اذا حدثت تغييرات كبيرة في المنطقة بكلفة بشرية واقتصادية كبيرة..

لكن ايران لاتزال تمتلك ادوات هامة خارج حدودها وداخلها ايضا، ولعل نقطة الارتكاز لقوة ايران تتجلى في المشروع النووي الذي اسسته امريكا ايام الشاه ورعته باهتمام كبير، ثم ان امريكا لاتريد ضرب ايران، بل تغيير سلوكها السياسي، وتحييد موقفها من اسرائيل..

وللعلم امريكا شجعت ودعمت ثلاث دول غير عربية في بناء مشاريعها النووية، وجميعها تقع في حدود وتخوم المنطقة العربية..؟؟!

وبالتالي المشروع النووي الايراني يشكل نقطة تميز وقوة، ضدا من دول المنطقة كلها، والأفضل للدول العربية ان لايكون فيها جماعات او احزاب تابعة لدول اخرى، لانها ستخلق مبررات لتدخلات خارجية تعمق الازمات وحالات الفوضى في كل دولة، بل ومواجهات عسكرية ايضا..

لبنان رغم الخسارة الكبيرة لحزب الله، لكن هذا الاخير مع شريكه الشيعي الاخر وحلفاؤه يتحكم بصناعة القرار السياسي .. فلا انتخاب رئيس دولة أو رئيس حكومة او مدير مصرف لبنان دون موافقة الحزب وحلفائه.

وفي العراق الامر شبيه بلبنان .. وسوريا غير واضحة المعالم ربما قد يطول الامر، وحماس تستطيع المحافظة على جزء من تنظيمها، لكن خسارة القضية الفلسطينية كبيرة جدا جدا، وقدرات حماس على المفاوضات تضاءلت عما كانت عليه قبل 7 اكتوبر 2023.

وبشكل عام تعميم الازمات في المنطقة هو مشروع امريكي من سنوات سابقة، وليس وليد اللحظة، والمشروع الامريكي هدفه اعادة رسم هندسة سياسية للجغرافية العربية وخلق ترتيبات سياسية وفق مكونات جهوية تؤسس لنظم ودول ضعيفة/هشة، تكون محل تدخل الخارج دوما، لان هذا الخارج هو من يمنحها الاستقرار والدعم..

ويبقى السؤال: هل استوعبت الدول العربية والاحزاب والجماعات السياسية هذا الدرس، وهل ستعمل على مراجعة مواقفها، والاتجاه نحو توافق وطني ودعم اعادة البناء السياسي في كل دولة، اي العمل وفق مصالح الداخل الوطني بعيدا عن الاستقطاب الخارجي..؟؟؟!!!

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليغرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى